|الفصل السابع عشر|

6.4K 473 477
                                    

~الصديق ليس بالعمر... وإنما بصدق المواقف~

|غَيْرُ مَرْغُوبٍ فِيه|

القصر: هو ذلك المسكن والمبنى الواسع، الذي يحمل الكثير والكثير من الناس، سواءً كانوا أهلها أو خدمها، ومليئة بالغرف والطوابق، وحديقةً مطلقة العنان لوسعها كما لو أنها غابةً فسيحة قد حاوطت ذلك المنزل. هذه هي فكرتنا ووجهة نظرنا، وهو ما نراه، لكن وجهة نظرها هي مختلفة!، فالقصر بدا لها سجناً ضيقاً على صدرها، وخانقاً للأنفاس، كابتاً على حريتها.

في بيت والدها لم ترَ النعيم أبداً، فلقد كان شديد االبخل وحريصٌ جداً على ماله، فعند رؤية الناس لها يظنون أنها خادمة المنزل ويظهر لهم بعد ذلك أنها ابنة البيت، بسبب ردائها الرديء، وقدماها الحافيتان، وعنقها وأذانها ويداها فارغون من الأساور والذهب. وبعد زواجها، وجدت النعيم، لكن اختبأ عنها الرحمة. زوجها كان متشددٌ معها، لم يحبها ولو لدقيقةٍ واحدة، يهينها دائماً، وكان سليط اللسان معها ولا يزال.

نظرت إلى زوجها الممدد بجانبها. خوفٌ قد دبّ بداخلها عندما تخيّلت ما قد يحدث إن فتحت فمها، لكن بالأخير طردت هذا الخوف من داخلها مودعةً إياه إلى الأبد، ورحّبت بالشجاعة وكرّمته بأفضل ضيافةٍ يليق به. سحبت الهواء إلى رئتيها، ونادت عليه:

"ياسر!"

همهم لها، دون أن يفتح عيناه حتى. فبدأت بالكلام، وقد شعرت بالخوف يدق على أبوابها مجدداً:

"لقد مرّ شهراً، إلى متى سيظل زين هناك؟"

شرع عيناه فجأة، وأثر النوم قد أختفى هارباً من وجهه الصارم والحاد. نطق هامساً بين صرير أسنانه:

"لمَ ذكر هذا المنحوس الآن؟"

شعور بالغضب قد خالجها عند سماع ذلك اللقب الذي ألقبه ياسر بزين.

"ليس من اللائق أن نفعل ذلك"

"أأنتِ من سيعلمني ما هو اللائق؟"

علو صوته القاسي، جعلها تجفل في مكانها، تمنت في تلك اللحظة أن يخرج من جلدها أجنحتان من الريش الأبيض وتحلق بعيدةً عنه.

"ياسر!، هو ابننا ولا..."

قاطعها قائلاً بضيق:

"إنه ابنكِ أنتِ، ليس لي ابنٌ يخالف أوامري ويعصيني"

عيناه كادت تخرج من مكانها من حدة غضبه، لتقول هي بوثوق:

"أنت لست مَلِكهم حتى يطيعون أوامرك، ولست إلهاً حتى يعصونك أو لا"

تلك الكلمات كانت كافية لإشعال نار غضبه أكثر وأكثر. رفع جزءه العلوي سريعاً، وأعتدل في جلسته.

"لسانكِ هذا يجب أن يُقطع"

"أنا لا أقول إلا الحق"

صرخ عليها هذه المرة لتهتز الأرض من تحتهما، هذا ما ظنته هي، قال:

عِقَاب خَادِم | Zayn MalikWhere stories live. Discover now