|الفصل الثامن والعشرون|

5K 360 106
                                    

|مَا وَرَاءَ اْلبَابُ|

راقب بصمتٍ طقم البدلة المستلقي على سريره بتنظيم، نظيفٌ ولامع، مكون من سترةٍ رمادية وقميصٍ أبيض مع بنطالٍ رمادي وربطة عنقٍ سوداء، تجاهلهم تماماً بإستدارته نحو خزانته، أخرج بدلةٍ أخرى وألقاها بجانب الأولى، كانت الأخيرة مغطاة بالأتربة بشكلٍ كامل، مع بعض المناطق منها قد تمزقت، كما أن الكم الأيمن بقي عليه القليل وينتزع عن القميص، وعند منطقة العنق كساها قطرات دمٍ كثيرة، وبعض الأزرار قد خُلعت من مكانها. عاد إلى عقله تلك الليلة المرعبة للقلوب والمهلكة للعقول، ضحك في ذهنه عند إجتياحه فكرةً حمقاء "أن يخبر الصحافة عن حقيقة والده بعد التبرؤ منه"، وكأنه يريد إهلاك العائلة إنتقاماً لفعلتهم، ولكنه أبعد الفكرة كلياً عن عقله... هذه الليلة ساصلح كل شيء.

لم يقم بنفض التراب عن البنطال عند إدخال رجليه إليه ويحيط حول خصريه حزاماً لتثبيت البنطال، أدخل يده اليمنى بحذرٍ في الكم الممزوق حتى لا يُقتلع، قام بإغلاق الأزرار السليم وترك الذي أوشك على السقوط، عند عنقه ثلاث أزرارٍ قد تمزقوا ليبقى أعلى صدره عارياً، وأرتدى السترة المترّبة أيضاً، ترك شعره فوضوياً وقام ببعثرته أكثر.

دلف إلى داخل غرفة الطعام بعدما حيّاه الخادم المنتصب بالقرب من بابها حاملاً صينية فارغة وتعابيرٍ مشوشة اتجاهه، نزع سترته ووضعها على ظهر كرسيه بلباقةٍ رغم أنه أشبه بشحاذٍ يرتدي بدلةٍ قد سرقها، حدّق بشهيةٍ غير طبيعية على المائدة المفروشة أمامه، أطباقٍ منوعة قد وُزِّعتْ عليها، رائحتها أخترقتْ أنفه حتى معدته، لتصرخ الأخيرة تخرج صوتاً يكرهه زين طوال مكوثه في قصر ستايلز، أبتلع لعابه مانعاً شهيته من إرتكاب خطأٍ يستهزئ به والده.

"أين والدي؟"

سأل الخادم الذي كان لا يزال ينظم المائدة، وقام بالإجابة وهو يسكب عصير التفاح في الكؤوس الزجاجية:

"إنه في مكتبه سيدي"

أنا خادمٌ مثلك ولست بسيد، تجاهل المائدة والخادم، واتجه إلى المنضدة الطويلة الملتصقة بالحائط أسفل مرآةٍ عملاقة، راقب ثلاث صورٍ لم يرهم من قبل هنا، هذا لأنك لم تأتِ إلى هنا منذ مدة طويلة، تذكر آخر مرةٍ كان هنا حينما كان في الخامسة عشر من عمره ودخل في شجارٍ مع أخيه لأنه أستقصد إزعاجه عبر طرقه بالملعقة على طبقه، وأنتهى بزين مُعاقباً بألا يأكل معهم في غرفة الطعام، بل في غرفته، وحتى بعد إنتهاء مدة العقوبة لم يشئ زين التواجد مع فؤاد في ذات المائدة حتى يتسنى له أن يستطعم الطعام بلذة.

تلمّس صورة جده الأكبر وهو منشئ أول شركة للعائلة وهي شركة مالك لتصنيع الأوراق الصينية عام 1890 وهي كانت شركة صغيرة تحتوي على مكتب مساحته لا تتجاوز الـعشرون متراً مربعاً، ومصنعاً صغيراً لإنتاج الورق بالطريقة الصينية، كان لأب جده والذي يدعوه بالجد الأكبر مذكراتٍ صغيرة كتب فيها حياته تدريجياً، أرغم ياسر زين بقراءته عندما كان في الثامنة عشر من عمره، حبّ زين تفكيره وكيفية تطوير حالته المادية عند إتخاذه لقرارٍ غيّر حياته وحياة ذريته من بعده؛ وهو العيش في إنجلترا وإكتساب المال من العمل في المحال التجارية وإستثمار تلك الأموال ببناءه لمصنع الأوراق، كان سخياً، كريماً مع الفقراء، حتى أفتتح جمعيةٍ خيرية للفقراء ولكن بعض الظروف أرغمته على إغلاق جمعيته عند ظهور أحد شركات منافسةً له أطاحت به، وأدت إلى إفلاسه فترةً من الزمن.

عِقَاب خَادِم | Zayn MalikWhere stories live. Discover now