|الفصل السادس والعشرون|

4.7K 358 93
                                    

قبل البدء في قراءة الفصل لطفاً إقرأ أولاً بعض المقطتفات من الفصل السابق لإرجاع ما سبق من الأحداث

~لو أردت بناء جدران حولك لتمنع الحزن من الوصول إليك ..فاعلم أن هذه الجدران ستمنع السعادة من الوصول إليك كذلك~

|نَفَسُ قَلْبٍ|

الأرضُ تدور! تدور نحو ما يقارب الأربع مليار ونصف سنة، تدور حوالي ثلاثون متراً في الثانية، في مدارٍ دائري، يقع في المنتصف الشمس كنواةٍ في وسط ذرةٍ والأرض كإلكترونٍ في مدارٍ من المدارات... عندما تصبح رؤيتنا للأشياء وكأنها تطير، أو كأننا ننقلبُ رأساً على عقب، وبالتالي تدور أجسادناً رغماً عنَّا، وإنّ أرتطمنا بالأرضِ خيل لنا أننا نحلق في الفضاء؛ نقول: "دارتْ بي الأرض"!

بدا مبنى المشفى يرقصُ على ألحان موسيقى أبواق السيارات في عينيّ زين، لم يحتمل دوران الأرض، لذا تمسكَ بإحكامٍ على حائط أحد المحال التجارية، بدأ باللهث بعمقٍ شاعراً بخروج قلبه من حلقه عند إدراكه بُعد المسافة التي قطعها في ربع ساعةٍ في الركض إبتداءً من نقطة البداية وهي قصر ستايلز حتى النقطة التي هو يقف عليها الآن، ألتقط القليل من أنفاسه، وأستجمع قواه، وأستأنف ركضه نحو نقطة النهاية.

"غرفة رقم 510 في الطابق الخامس"، رنّ في أذنه صوت والدته عبر الهاتف بعدما أقتحمت السيدة روزاليند غرفته، ولم يرَ الغضب في عينيها ولا الصرامة في صوتها كالعادة، بل رآى القلق البادي على ملامحها وتحركاتها المرتبكة مع لعثمتها في الكلام حين قالت:"والدتك على الهاتف... بدا صوتها باكياً وضعيفاً، تقول هناك أمرٌ طارئ".

قبض على القضيب الحديدي الطويل للدرج المؤدي إلى أعلى بعدما أندهشت عيناه لتكدس الناس في المصعد، شدّ جسده الثقيل عن طريق يده، مسك صدره، يحاول تهدئة ضربات قلبه وسرعة تنفسه. تردد إلى مسامعه صوت فؤاد في ذهنه يقول ببرود:"الإستسلام من الصفات الغير مسموحةً بها في عائلتنا يا شقيّ"، دمعتْ عيناه لمجرد تذكره بمواقفٍ قد كان فيها فؤاد عنصراً رئيسياً في ذاكرته، إستفزازاته، تعاليه، إحتقاراته، إستبداداته، سخرياته والكثير من الصفات المذمومة تقبع بداخله، حاول تذكر ولو على الأقل واحدة من الصفات المحمودة بداخله، ولكنه لم يجد أيٌّ منها، ومع كل ذلك يحبه فقط لأنهما كانا في الرحم ذاته.

وصل إلى الطابق الخامس بعد عناءٍ بحمل جسده لرفع قدمه درجةً درجةً، ناظره كل من يعبر أمامه بذهولٍ بسبب شكله المُزريّ، قبض على مقبض أحد الأبواب في الطابق، رفع نظره نحو الأرقام البارزة بلونٍ ذهبيّ، "510510" قطب جبينه في دهشةٍ من هذه الأعداد الكثيرة، ليغمض عينيه بقوةٍ يحاول ألا يسقط مغشياً عليه، ومن ثم فتحها لتختلف الأرقام "510"، أخرج زفرة راحة طويلة، أدار المقبض، ومن ثم وقعت عيناه سريعاً على الراقد على السرير بظهره مع أجهزةٍ مرتبطة بجسده عن طريق أسلاكٍ وأنابيب رفيعة، صوت نبضات قلبه يحدث دوياً في أرجاء الغرفة الصامتة عبر الجهاز الموصل بسبابته. لاحظ تحركاتٍ بطرف عينيه، ليقابل والدته ذات الوجه الشاحب، سارع بإحتضانها، لتنفجر باكية بشهقاتٍ عالية.

عِقَاب خَادِم | Zayn MalikDove le storie prendono vita. Scoprilo ora