|الفصل الثامن عشر|

6.7K 410 541
                                    

~تحن الكرام لاوطانها حنين الطيور لاوكارها~

|كَشْفُ اْلحَقِيقَةُ|

السماء غاضبة وحزينة لسببٍ مجهول، صوت دوي الرعد خرج من فاه السماء يصمّ الأذان، ويليها انتشار وهج البرق لينير الطريق الضبابي أمامهما كاشفاً عن اكتظاظ السيارات الواقفة في الأجناب تومض بلون ضوءها الأصفر تخشى التحرك في هذه الأجواء، ويعود اللون الرّمادي مجدداً يخفي الطريق.

يضغط برفقٍ على مكبس البنزين، العين فقدت الأمل في إبصار الطريق، رفع قدمه عن المكبس عندما رأى وميض السيارة التي توقفت أمامه، وتوقفت السيارة، خمس دقائقٍ مرّت لا شيء تحرك، فتح باب السيارة بجانبه يهمّ بالنزول، قبل أن يسمع صوتها تصرخ عليه:

"هل جُنِنت؟"

لم يبالِ بها، نزل من السيارة، وأختفى بعدها خلف الضباب الرمادي، وفجأةً شعرتْ بقلبها يخفق عندما لم تعد عيناها تبصره، دقيقتين وسمعتْ صوت فتح الباب، لتشاهد بعيناها اللتان أشعلتا قلقاً الصاعد للسيارة، ويتضح لها أنه هو لتتنفس الصعداء، شعره الذي قد طال عن أول مرةٍ قابلته فيها قد ألتصق بعض خصلاته على جبينه ووجنته، ليدسّ أنامله بين خصلاتِ شعره يرجعه إلى الخلف، وتنزلق قطرات الماء على طول الشعرة حتى تسقط وتختفي في قميصه الأبيض الذي لم يعد أبيض، بل أصبح شفافاً ملتصقاً بجسده.

"ما المشكلة؟"

سألت بخفوتٍ، وهي تشاهد لحيته كسحابةٍ سوداء قاتمة تتساقط منها المطر، تقابلت نظرتهما، وقال أخيراً:

"صدم كلبٍ مسكين كان يقطع الشارع، والرجل الآن يتدبر أمر الجثة"

صرختْ صرخةً صغيرة وهي تحبس فمها بكفيها، منعتْ نفسها من أن تجهش بالبكاء، دموعها فاضت من عينيها عندما سمعت صوتٌ في عقلها "أنا آسفةٌ صغيرتي...". ضغطتْ بكفيها على أذنها لتمنع ذلك الصوت من مواصلة الكلام.

"كفى آنجل، قدره الموت الآن"

قالها بحنانٍ محاولاً إستلطاف الجو. تفاجأ هو من قدر الدموع التي خرجتْ من عيناها من أجل كلبٍ لم تراه، بالفعل هو حزن عليه لكن لم يشعر بالحاجةِ للبكاء، ولم يتوقع أن تبكي آنجل فهي تظهر القوة دائماً.

"هيّا تحرك"

صوتها كان مهزوزاً، تحركت السيارة التي أمامهما وأنبهته حتى يتحرك، مسحتْ دموعها بقسوة، تكره البكاء أمام أحد، لكن كلما تذكرتْ ذلك اليوم يمنعها من أن لا تبكي.

سمحتْ له بأن يأخذها حيث يريد، وسمحتْ له أيضاً بأن يقود سيارتها، لكنهما لم يحسبا حساباً لهذه الأجواء المرعبة والمخيفة. توقفتْ السيارة أخيراً بعد مرور ساعة ونصف من الطريق، ولاحظت البيئة التي هم فيها؛ شارعٌ ضيّق لا يكفي سوى لسيارةٍ واحدة ودراجةٌ نارية، وبيوتٍ مصنوعةٍ من خشبٍ قد أهترئ لمرور الزمن.

عِقَاب خَادِم | Zayn Malikحيث تعيش القصص. اكتشف الآن