الحلقة السادسة عشر

3.3K 113 3
                                    

الحلقة السادسة عشر

ظل (قاسم) صامتاً وهو يتطلع إليها وإلى جمالها الساحر شعرها الذهبى وعيناها الزرقاء تلك وبشرتها الخمرية فقد كانت ساحرة بحد لا يوصف نظرت له بثبات ثم قالت
-عاوز ايه انت ؟
-انا بصراحة كت چاى لاچل اخد الحمامة بس بعد ما شفتك هسبهالك يا چميل
نظرت له (قمر) بإشمئزاز على الرغم من ملامحه الوسيمة للغاية فهو لديه شعر بنى غامق ناعم وعيناه بنية ولكن فى انعكاس ضوء الشمس تتحول لبنى فاتح ملفت للنظر بشدة بشرته بيضاء  ذو جسد رياضى على الرغم من وسامته الواضحة إلا انها لم تراه وسيماً بالمرة رأت فقط عدم مراعته للغير عدم رفقه بالحيوان فأقترب هو منها ووضع يده عند ذقنها لكى يطيل النظر فى عينيها
-جلتى اسمك ايه ؟
نطرت (قمر) يده بقوة وقالت بتحدى
-مقولتش
فى تلك الأثناء كان قد أستمع (سراج) لأحداهم يفتح البوابة الرئيسية بالمنزل بعنف فنزل مسرعاً للأسفل وجد باب المنزل مفتوحاً فخرج نحو الخارج وجد (قاسم) يمسك ذقن (قمر) ولكنها كانت اسرع من خطواته فى نطر يد (قاسم) وقف (سراج) أمام (قمر) فجاءة معطياً ظهره لها ووجه حديثه ل (قاسم)
-جاى هنا ليه ؟
أبتسم (قاسم) بإستفزاز ثم قال
-كان ليا حاچة اهنييه بس هسيبها بخطرى بس الأكيد ان كل شئ بسيبه حتى لو بخطرى بيكون له مجابل
ثم توجه نحو الخارج لينصرف من امام (سراج) الذى وقف قاطباً حاجبيه بعدم فهم وهو يراه يخرج من المنزل هكذا إلتف ليتحدث مع (قمر) ويستفهم عن ما حدث وجدها تتجه نحو الداخل فزعق بها قائلاً
-(قمررررر)
توقفت (قمر) بخوف ثم إلتفت ببطئ شديد له ونظرت لأسفل قائلة
-نعم
نظر لها وإلى هيئتها وإلى الروب الذى يلتف حول جسدها فمؤكداً ترتدى ملابس نومها اسفله زفر بضيق وقال
-ايه المنظر ده !! ٠٠ وكنتى بتعملى ايه معاه ؟!
أبتلعت (قمر) ريقها وشعرت بخوف شديد منه
-ا٠٠ انا ٠٠
-ما تنطقى
ابتلعت ريقها ثم قالت
-ا٠٠ انا صحيت من النوم فتحت شباك اوضتى لاقيت حاجة وقعت ع الأرض هنا جريت على تحت عشان اشوفها لاقتها حمامة واضح أن الاستاذ اللى كان هنا اصطادها ووقعت عندنا هى صعبت عليا قلت اعالجها مش اكتر لما جيت ادخل وادخل الحمامة معايا لاقيت الغفير بتاعه جاه وطلبها منى وانا رفضت وبعدها طلعت اوضتى اشوف الحمامة ورجلها  اللى اتكسرت بس يظهر ان الأستاذ اضايق انى مش رجعتها جاه وزق الباب جامد خفت انتوا تصحوا نزلت بسرعة عشان  ارد عليه بس طلع انسان مش محترم ٠٠ ا ٠٠ انا مكنتش اعرف صدقنى انا عارفة انت حظرتنى كتير من موضوع شعرى و ٠٠
لم تستطع إكمال كلامها ولكن لاحظ أن عيناها تلمع وتريد البكاء وهى تمنع نفسها من البكاء استشف من حديثها رقة قلبها وعطفها حتى على الحيوان ولا يفهم كيف لفتاة مثلها حاولت اغوائه من قبل و كل ما يهمها هو المال تكون بتلك طيبة القلب ولكنه يعلم أن جميعنا البشر بنا مميزات وعيوب لذا أبتلع ريقه وقال
-الموضوع مش شعرك بس يا (قمر) ٠٠ انتى لابسة روب والروب شكله ملفت خصوصاً وانتى ضامة ايدك ع بطنك كده اى حد ممكن يطمع فيكى ٠٠ عموماً اتفضلى ع اوضتك بس يااريت تاخدى بالك من تصرفاتك ع الاقل فى بيتى
نظرت له وهى تشعر بالحزن نظرة مؤنبة ولكنها لم تتحدث شعر هو بالتأنيب داخل عيناها فتركته وصعدت من اجل ان ترى حمامتها بينما هو زفر بضيق يعلم ان حديثه يكون قاسى بعض الشئ ولكن لا أحد يفهم ان ما يتحدث به من المفترض ان تكون بدهيات لدى الجميع ٠٠
*******************
مرت أيام الأسبوع سريعاً واتى نهايته ووصل (هارون) إلى القرية وهو كل ما يريده أن يرى (حكمت) فقط جلس معاها وظلا يتحدثان سويا يخبرها كم كان مشتاق لها ٠٠
كانت (قمر) فى المنزل تعد الطعام من أجل (آمنة) وما ان انتهت حتى صعدت بالأعلى واطعمتها واعطتها أدويتها ثم قررت ان ترى حمامتها وكيف اصبح حالها  ذهبت لغرفتها وجدت ان حالها قد تحسن كثيراً فأمسكت بيدها وهى مبتسمة وقررت ان تخرج للخارج لتشتم بعض الهواء النقى فمنذ ان جاءت هنا وهى لم تخرج من المنزل ارتدت ملابسها ثم حملت الحمامة معها فهى كانت تريد ان تراها تطير مرة آخرى ظلت تمشى فى الأرض هائمة على وجهها حتى وجدت ارض زراعية شعرت فيها بالهدوء وراحة البال وقفت فى المنتصف وفتحت يديها للحمامة لتجعلها تطير حتى رائتها قد طارت فى الجو مرة اخرى فأبتسمت وشعرت بسعادة كبيرة ظلت واقفة تنظر للسماء والحمام فى الجو كان المنظر بديع للغاية لم تعرف كم مر من الوقت وهى تقف هكذا حتى استمعت لصوت صهيل خيل خلفها إلتفت لكى ترى من خلفها فأتسعت عيناها فقد كان هو عديم الرحمة ابتسم لها ثم قال
-اتى !! ٠٠ يظهر اننا هنشوف بعض كَتير ؟!
نظرت له بإشمئزاز ولم تجب عليه لتتجه فى طريقها بعيداً عنه ولكنه نزل من أعلى الحصان ليمنعها من الرحيل ووقف امامها شعرت بالضيق ثم زفرت فضحك هو كثيراً
-انتى اللى بتيچى لحد عندى ٠٠
-هى دى ارضك ؟
ضحك (قاسم) كثيراً ثم قال
-البلد كلها ملكى
زمت (قمر) شفتاها بضيق فتحدث هو قائلاً
-جوليلى اسمك واعديكى
-ويفرق معاك فى ايه ؟
-انا اجدر اچيب اسمك فى ثانية مهياش معضلة يعنى ٠٠ بس عاوز اسمعه منيكى
هزت رأسها بأسى وقالت
-انت انسان قليل الذوق
وهمت لترحل فأمسك يدها مانعاً إياها من الرحيل وقال بصوت غاضب
-جلت مش هتمشى إلا لما اعرف اسمك
-مش هقولك انا ٠٠ ووسع من سكتى كده
شعر (قاسم) بغضب شديد من تلك المتمردة التى ترفض قربه فكل فتيات تلك القرية يريدون فقط منه نظرة واحدة وهاهو يسئلها بنفسه وهى لا تجيب ولكن لمعت فى رأسه فكرة وترك يدها وهو يحرك الكرباج الذى بيده لم تهتم (قمر) وانصرفت فى طريقها فقام بضرب فرسه فسمعت (قمر) صوت صهيل الفرس فإلتفت علمت انه قد ضربه ابتسم وهو ينظر لها
-اعرف اسمك ايه ومضربوش ٠٠ مش هتجولى يبجى الفرس ده هيُفضل يضُرب إكده
شعرت (قمر) بغضب شديد وركضت نحو الفرس لتملس على وجهه بحنان وهى تنظر ل (قاسم) بغيظ شديد
-عديم الرحمة
-جلت اسمك ايه ؟
-اسمى (قمر)
ابتسم (قاسم) بسعادة وقال
-فعلا جمر كان لازم اتوجع الأسم
-لو سمحت متضربوش تانى ارجوك ٠٠ وانا ماشية
ابتسم (قاسم) كثيراً وتركها تذهب فى طريقها بينما هو ظل ينظر لها وهو يردد بصوت خافت
-هتكونى ليا يا (جمر) ٠٠
*******************
دخل (سراج) غرفته وهو يشعر بغضب شديد وألم يجتاح صدره ذهب تجاه مزهرية فى غرفته قذفها نحو الحائط بغضب شديد لم يكتفى بذلك بل اتى بمقعد خشبى وظل يركل به بقدمه حتى تهشم فقد كان يجلس مع والداته للتو وأخبرته عن المعاناة التى عانتها (قوت) من غيرهم وتلك المعاملة الحقيرة التى تتعامل بها من قبل (قاسم) الضرب والأهانة التى تتعرض لهما يومياً وكل ما يفكر به لما فعلت ذلك لما اختارت (قاسم) من البداية فقد كان معها وبجوارها منذ البداية فهو لم يعشق غيرها ولن يفعل  ٠٠
استمع (هارون) و (حكمت) صوت تحطيم اغراض بالأعلى فصعد (هارون) مسرعاً وتبعته (حكمت) بخطوات بطيئة وصل (هارون) لغرفة (سراج) وفتحها وجد أكثر من مقعد مهشم على الأرضية و (سراج) فى حالة غضب شديد اقترب منه وهو يقول
-حصل ايه لكل ده ؟
شعر (سراج) بالضعف فخارت قواه وجلس على الفراش وهى يشعر بحزن شديد فى تلك اللحظة دخلت (حكمت) وهى تشعر بالقلق على (سراج) فقال (هارون) بنبرة هادئة
-متقلقيش يا (حكمت) ٠٠ سبينا لوحدنا بس
-اسمع صوته طيب
نظر (هارون) إلى (سراج) الذى تحامل على نفسه وقال بهدوء
-انا بخير يا (حكمت)
شعرت بالحزن فى نبرة صوته ولكنها هزت رأسها بالإيجاب وخرجت نحو الخارج كى يتحدثوا فنظر له (هارون) بإهتمام
-حصل ايه لكل ده ؟!
شعر (سراج) بالضعف وتحدث بنبرة منكسرة واضحة
-حاسس انى عاجز ٠٠ مش قادر حتى احميها !! بأى حق وبأى سلطة
اقترب منه (هارون) وهو يقول
-حصل ايه ؟
قص عليه (سراج) ما سمعه من والداته فنظر له بثبات
-يا (سراج) هى اللى اختارت ٠٠ ده مش ذنبك ٠٠ هى اختارت تصدق الخرفات والكذب مشيت فى طريق غلط من اوله كان لازم ده يكون نهايته
-بس ٠٠
قاطعه (هارون) بصرامة
-مش انا اللى هعرفك كلام ربنا يا (سراج) ٠٠ انت عارف ان اللى عملته (قوت) ده كفر صدقت خرفات ودجال
مسح (سراج) على وجهه وهز رأسه بالإيجاب وقال
-عارف ٠٠ بس ممكن تتغير وتبقى احسن كل انسان ليه فرصة تانية مادام لسه بيتنفس ٠٠
-حاول تهدى نفسك يا (سراج) صدقنى الموضوع مش مستاهل واللى زي (قوت) مبتتعلمش بسهولة
اخذ (سراج) نفس عميق ثم قال
-بس بتتعلم ٠٠
-هتتعب يا (سراج) معاها ٠٠ دى حياتها اتغيرت و ٠٠
-وانا مقدرش اتخلى عنها فى وقت هى محتاجة لقشة فيه ٠٠
هز (هارون) رأسه بتفهم ٠٠
*******************
فى المساء كان (سراج) فى المسجد يصلى العشاء ومعه (ياسين) بعد ان انتهوا من الصلاة سارا قليلاً سوياً وجد (سراج) الحركة خفيفة فى القرية ابتسم بسخرية ووجه حديثه إلى (ياسين)
-هما لسه زى ما هما بعد صلاة العشا متلاقيش حد ماشى
هز (ياسين) رأسه بالإيجاب
-للأسف لسه كيف ما هما مهيتغيروشي واصل ٠٠ خصوصى من خمس سنين ناس كَتيير ماتت بليل والكل بجى يجول ان النداهة بتظهر بليل وبتجتلهم
ضحك (سراج) ثم قال
-يعنى معقول كلهم ماتوا عشان كده !! ٠٠
-ما الچن موچود يا (سراچ)
-وانا مقولتش حاجة يا (ياسين) ومعترضتش بس محدش يقدر يأذى انسان إلا بأذن ربنا وبعدين ربنا قال فى كتابه الكريم "إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم" ٠٠ هما اسمهم جن لأن الجيم والنون بتدل على الستر او التستر فسموا كده عشان هما مستترون زى بالظبط لما بنسمى الطفل فى احشاء امه جنين لاننا مش ممكن نشوفه
-يعنى احنا منشوفهمش خالص
اخذ (سراج) نفس عميق ثم قال
-بصورهم الحقيقة منشوفهمش بس ممكن وجايز يتشكلوا فى هيئة انسان او حيوان
-يعنى ٠٠
ابتسم (سراج) قليلاً وقاطعه قائلاً
-ماهو مش كل حاجة تحصل نقول هما السبب عشان هما موجودين ٠٠ متأكد ان فى سبب ورا الناس اللى بتتقتل بليل دى
-چايز
وهم يسيرون مروا على منزل (لواحظ) توقف (سراج) عن السير وهو ينظر لذلك المنزل كم ود ان يهدم ذلك المنزل فتلك كانت السبب فى بعد حبيبته عنه فنظر ل (ياسين) ثم قال
-هى لسه عايشة ؟
-لاه ٠٠ ماتت ياچى من 7 سنين إكده وماتت محروجة كمان كت عند ناس بتعمل زار وحاچات من ديه وفچاءة وهما بيعملوا إكده فى وسط الطبل والزمر وجعت سبرتيه  ع جش چو البيت  والبيت اتحرج كلَته
اضيقت عينان (سراج) ونظر ل (ياسين) بإهتمام
-يعنى خلصوا منها للأبد
شعر (ياسين) بالحزن وهز رأسه نافياً
-لاه ابنها (شاهين) بجى مُطرحها فى البلد
زفر (سراج) بضيق ثم قال
-دى وراثة بقى مش هنخلص من العيلة دى
ثم سار متجهاً نحو منزل (ياسين) لإيصاله فسمع صوت صراخ ينبعث من منزل ما نظر ل (ياسين) تارة وإلى المنزل تارة اخرى
-ايه اللى بيحصل هنا ؟
ابتلع (ياسين) ريقه ثم قال
-ده موضوع إكده ملكيش صالح بيه ؟
-بس واضح ان فى حد جو بيضرب انا سامع صوت صريخ عيل
ابتلع (ياسين) ريقه ثم قال
-ده عيل عنديه 11 سنة بس ملبوس بينى كت سامع من يَمين إكده انهم هيچيبوا (شاهين) لاچل ما يخرچ العفاريت من چتته
اتسعت أعين (سراج) ولم يدري بنفسه سوى انه ظل يطرق على المنزل بقوة شديدة حتى كاد الباب ان يتهشم من قوة يده لم يجب عليه احد فلم يستمع احد له من شدة الصراخ بالداخل ومن صوت (شاهين) حيث كان يردد كلمات غير مفهومة فبدء (سراج) فى محاولة كسر الباب بأكتافه ظل يفعل ذلك عدة مرات حتى كسر الباب فدلف للداخل وجد طفل على الأرضية يتشنج كثيراً وعيناه محملقة يعض شفتاه تارة ويصقف تارة اخرى و (شاهين) ذلك واقف يردد كلمات غير مفهومة ويمسك عصاة ويضرب بها الطفل الصغير حتى ان الدم سال من على وجهه فأتسعت عيناه من هول ما رأى ٠٠

#ظلمة_جهل_أفسدت عشق

#علا_السعدني

ظلمة جهل أفسدت عشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن