خواطر اكثر سطحية و سخافة

معك قلم؟

في ظل نظرات كتبي الدراسية المتعجبة لي، أمسكت قلمي و شرعت في الكتابة، ليس قلمي تحديدا لقد امسكت بلوحة المفاتيح كي أنجز وقتي ولا أحتاج إلى النقل بعد الكتابة، أحاول البحث في عقلي عن فكرة قديمة، عن خاطرة، عن أي شئ، على عكس من لا يبذل أي مجهود و يكتب أي شئ ساذج، لكنه يلقى نجاحا غريبا.

السؤال هنا هل الأدب متحرر؟ أنا أسألك أنظر إلي، يا هذا أجبني،هل الأدب متحرر؟

عزيزي القارئ لا تهلك نفسك فالإجابة واضحة، أو دعنا نبحث في الأمر، الأدب متحرر عندما يكون أدبا لأن في تلك الحالة يكون له ضوابط و معايير و قوانين و حياء، تعرف كيف تكتب و ماذا لا تكتب و ماذا تكتب... إلخ.

لكن ما يحدث في بعض الروايات و الكتب ليس بالأدب أصلا، لفت نظري عنوان رواية لن أذكرها لأني معقد من مهاجمة هؤلاء النوع من الكتاب، ألوم نفسي على وصفهم بالكتاب، دعنا نعود، دخلت إلى الرواية و بدأت أتصفح، السرد ضعيف إلى أقصى درجة.

خرجت البطلة الجميلة ذات الشعر الجميل إلى الشارع بملابس وردية و في الطريق نظرت إلى شاب وسيم طويل عريض سريع ماهر محترف قوي يطير يحلق له إبتسامة تسحر تصيبك بالخبل تعالجك من الأمراض تشفي غليلك تنقذ حياتك، لكنها مضت و أكملت السعي نحو جامعتها، في الجامعة وحدها ، هي وحيدة لأنها ولدت وحيدة بلا إخوة، إصطدمت بشاب يشبه الحائط، يا للهول إنه هو، نظرا إلى بعضهما أحبا بعض تقابلا ارتبطا و قاما بالذهاب إلى منزله(أستغفر الله)

هنا يبدأ الإعجاز الروائي و السردي.

فتح الباب بهدوء، كان متزنا رزينا هادئا كعادته، هدوئه أشد من الهدوء الذي يسبق العاصفة، على عكسها خائفة و مذعورة تفحص البيت بعينيها السوداواتين الساحرتين، ترى الجدران المطلية بالبني الهادئ، الأثاث الكلاسيكي جدا، هنا عاش أحد النازيين و لم يغير أحفاده شيئا، البيت منظم جدا، سارت وراؤه كالتابعة أو المنومة مغنطيسيا، دلفت وراؤه إلى غرفة نومه، و هنا تركها ثواني تتأمل و إقترب منها بهدوء و ...

لا تكن مراهقا عزيزي القارئ نحن هنا لنقد هذا، لا لنستمتع به، المهم هو أن الأحداث و السرد و الكتابة تغيرت تماما في تلك المشاهد، كبت شديد يخرج و يتحول إلى سطور ، و كأن الكتابة أصبحت مكانا لإخراج أي فكر حتى و إن كان ساذجا إلى الحد الذي يجعلك تضحك اثناء القراءة،أنت تقرأ لمراهق/ة يبحث او تبحث عن شريك حياة و قصة حب خيالية و حصان ابيض و ملاك بجناحين و جن ازرق.

لا أدين الرومانسية أو الجنس في الروايات لكن لنا في كبار الكتاب عبرة.

الكاتب أحمد خالد توفيق في رواية يوتوبيا كتب العديد و الكثير من المشاهد الجنسية، لكن لم يشعر احد بشهوة، شرح تفصيلي لدوافع الموقف و نتائجه و قوة سرد ، لكن لا إفراط في الأحداث الجنسية نحن لا نقرأ مجلة للكبار فقط(سنتحدث عن جملة للكبار فقط في مقال آخر) نحن نقرأ رواية مفيدة بها فكر و فلسفة و أحداث مهمة يجب تفسيرها و تلك المشاهد و الفصول مهمة و لها معنى، ما المعنى في رواية هدفها تهيج غرائز و إخراج كبت، سيناريو لفيلم إباحي.

هناك بعض الروايات التي تتحدث عن معاناة أو إغتصاب أو ما شابه تحتاج إلى مشاهد كثيرة و أحيانا صريحة جدا، لكن إن كان للكاتب هدف و فكر و غاية سيحاول وضع تلك المشاهد في قالب (الأدب) بإمكاني كتابة رواية هابطة إن أردت و سأحصل على شهرة خيالية، لكن من هم قرائي في النهاية؟ لا أحد سيقرأ لي للبحث عن فكر و فلسفة بل عن مشهد يهيج غريزته.

بالمناسبة لماذا الكتابة عن حياة الشواذ جنسيا؟ نعم هم شواذ و ليسوا مثليين كفانا تجميلا، ما الهدف، أفهم وجود شخصية أو أكثر لكن رواية كاملة تتحدث عن حياة مثلي، المشكلة أن الرواية لا توضح حياته كيف اصبح هكذا، كيف حاول التعافي، بل هي توضح كيفية إقامة علاقة شاذة، دعم؟؟؟؟؟ ما الدعم في إخبار المريض أنه لا يجب عليه أن يتعالج؟ أنت تزيد الموضوع كارثية بدلا من الأخذ بيدهم لإخراجهم مما هم فيه.

أرى أن الروايات الساذجة هي من تلقى نجاحا، لحسن الحظ مازال هناك قراء يبحثون عن الفكر، لا السذاجة (أستخدم هذا المصطلح منعا لإستخدام ألفاظ نابية) عزيزي القارئ أصبحت الكتابة للجميع، كل من هب و دب بالمعنى الحرفي يكتب، هناك مواهب كثر، لكن هناك حمقى أكثر.

لكي تكون كاتبا يجب أن تكون قارئا، و قارئا هنا تعني أن تقرأ لكتاب حقيقيون، صديقك الموهوب ليس كاتبا عظيما، مثلا لديك أحمد خالد توفيق، نجيب محفوظ بالطبع ، عباس العقاد، جبران خليل جبران، أحمد مراد، عمرو عبد الحميد، أحمد خالد مصطفى، حسن الجندي،محمد طارق، جورج أورويل، باولو كويلو، مصطفى محمود ،ممدوح نصر الله، و بالطبع خالد طه.

آمل يوما أن تعود الكتابة لمن يستحق و تصبح القراءة للجميع فعلا، من يريد العهر فل يبحث عن عاهرة خارج الكتب.

صديقي العزيز، قارئي البائس أكره أن أكف عن الكتابة لأنها كل ما أستطيع فعله، بالتوفيق لك في إختباراتك، و ختاما سأتركك مع مقولة قرأتها على مؤخرة "توكتوك" لكني عدلتها لتناسب الموضوع.

هي كلها بقت بتكتب ولا ايه؟