السلام النفسي

34 7 2
                                    

 أتذكر حديثي مع صديقة عزيزة في أول العام، على أن هذا العام سيكون مليئًا، ولم أُكمل باقي الجملة حتى سألتني: سيكون مليئًا بماذا؟

فقلت: سيكون مليئًا بكل شيء، الحلو والمر، السعادة والتعاسة، النجاح والفشل، الفوز والخسارة، لن يكون به كل هذا بالدرجة الطبيعية، بل ستكون الأحداث أسرع وأكبر مما نظن.

ومع وصولنا إلى نصف العام أريد أن أهنئ نفسي فقد مضت خمسة أشهر أشبه بعمرٍ كامل.

حتى تلك اللحظة لا نعلم ما يخبئ لنا القدر في هذا العام، لكني متأكد أني رأيت كل شيء في تلك الأشهر.

عزيزي القارئ دعني أتحدث معك بإستفاضة، لعل حديثي يكون قريبًا من أشياء تود قولها.

حين بدأت الكتابة لم يكن لدي أهداف في مجالها، كنت أكتب ما يأتي ببالي وأعرضه على أصدقائي وأسمع رأيهم الذي لم يتغير عن الثناء دائمًا، ولعلي أريد شكر صديقتي (ملك أكرم) لأنها أول من انتقد أعمالي وأخبرتني أن الفصل الأول من قصتي الأولى مكرر وأنه تم كتابته عديد المرات، فغيرت الحبكة وكتبت واحدة من أعز الكتابات إلى قلبي.

المهم أني منذ بدأت الكتابة لا أفرح إلا حين قرأة جميع أصدقائي ما كتبت، أستمد قيمتي من هذا، وحتى الأن، رغم أني شاركت في معرض الكتاب الماضي، ولدي قراء كثر رائعون، إلا أنني مازلت لا أسعد إلا عندما يقرأ أصدقائي ما كتبت.

وما يحزنني أن أغلبهم توقف عن قراءة ما أكتب -كان الله في عون الجميع-.

عشقت كرة القدم عشقًا لا يمكن أن تتصوره، أنا من أولئك المجانين الذين قد يموتون من أجل فريقهم، والذين يهتفون للفريق طوال المباراة بدون ملل لا يفوتون أية مباراة حتى إن أهملوا أعمالهم ودراساتهم وحيواتهم.

لكن يا عزيزي كرة القدم خذلتني في هذا العام خذلانًا جعلني أنظر للساء وأسأل: لماذا؟ وهذا سوء أدب مع الله غفر الله لنا وللجميع.

أحببت جو العائلة، وأحببت عائلتي منذ الصغر، لكن الله أراد أن تتفرق العائلة الكبيرة بلا رجعة إلا أن يشاء الله، أما عن عائلتي الصغيرة فوجدت نفسي غير متفاهمٍ معهم ولا أحب مكوثي طويلًا معهم.

أحببت أن أكون متدينًا وقريبًا من الله، أحببت الخشوع والبعد عن المعاصي، فوجدت نفسي أكبر العاصيين.

عملت في إحدى الصفحات على مواقع التواصل الإجتماعي وبعد أن جعلت لها اسمًا وبرعت في العمل فيها انهارت بسببي منذ مدة تكاد تصل إلى العام وإلى الأن أحاول إعادتها لكني أفشل.

أحببت حياتي وتفاصيلها، أحببت العالم والناس وبحثت عن السلام النفسي في كل مكان، صدقني يا عزيزي قد كنت كل دقيقة أقول (الحياة حلوة) حتى مل مني أصدقائي، كنت مصدرًا للتفاؤل والأمل في الحياة، والأن أصبح أصدقائي هم من يحاولون إعطائي الأمل.

تسائلت كثيرًا، لماذا لم يحبني العالم كما أحببته؟ ولماذا لم أحصل على السلام النفسي كما أردت؟

لماذا أنا الشخص الذي لا يسب ويكره أحدًا، وأنا الشخص الأكثر تعرضًا للأذى؟

حتى عرفت لماذا.

فمفهوم السلام النفسي أكبر مما عرفته.

فالسلام النفسي هو إدراك أن أصدقائي كانوا أول سلمة لي في سلم المجد كي أقوى في مجال الكتابة وأزدههر فيه وأتطور أكثر فأكثر، ودورهم كان محددًا حتى استطيع السير وحدي دون دعم.

والسلام النفسي هو أن أدرك أن الكرة أسعدتني كثيرًا في العامين الماضيين، ورغم صعوبة الموسم الحالي إلا أنه ليس بأسوأ ما رأيت، وحتى وإن كان الأسوأ، فمن الجيد ان يأتي الأسوأ مبكرًا كي يأتي الأفضل بعده.

والسلام النفسي هو معرفة أن عائلتي مليئة بالأشخاص الجيدين والأخيار، لكن الدنيا تفرق وتلك عادتها، ومهمتي أن أكون الصلة بين العائلة الكبيرة ولا أدعها تتفكك بسبب شبابها كما فككها شيوخها، أما عائلتي الصغيرة، فأنا لم أخترهم، كما هم لم يختاروني، ولا بأس من كوننا غير متفاهمين، وهذا ليس سببًا للكره فيما بيننا، مهمتي هي الحفاظ على الصلة بيننا حتى أنشئ عائلتي الخاصة التي أتمناها.

والسلام النفسي هو العلم بأن الإنسان خطاء، مهما فعل وحاول سيخطئ، لكن الذنوب هي من تزود العبادات وتزود الحسنات عن طريق التوبة، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وأيضًا الله يبدل سيئات التائب إلى حسنات، ودوري هو الإسراع وعدم التأخر في التوبة.

والسلام النفسي هو العلم بأن معوقات النجاح هي من تجعل للنجاح قيمة، وهي من ستجعلني أسعد الناس بنجاح الصفحة مجددًا.

السلام النفسي هو الإستقبال الصحيح للأمور وتصحيح الأفكار.

السلام النفسي لا يأتي وحده، أنت من تأتي به.

فاهدئ يا عزيزي وارضى رضًا تامًا عن نفسك وعن كل شيء.

أريدك أن ترتاح وتهتم بطعامك وشرابك ونفسك، وانعم بحياة سعيدة من أجل نفسك.

خذ نفسًا يا عزيزي وتوقف عن الصراع قليلًا، كل شيء سيكون بخير.

كل شيء بخير.

للحديث بقية.

خواطر اكثر سطحية و سخافةWhere stories live. Discover now