خواطر اكثر سطحية و سخافة

مثل الأخرين

كشخصٍ مخضرم لا يحب أن يضيع وقته قررت أن أعمل في أجازة الصيف، فعملت في مكتب والد صديقي، وما يميز المكتب هو كثرة الحوارات الشيقة أثناء العمل، وما يميزني داخل المكتب هو الإنصات دون المشاركة.
فمن الجيد أن تفهم وتقرأ الشخص الذي يتحدث، ليس فقط أن تفهم حديثه، بل تفهمه وتفهم دوافعه وتفهم أفكاره وهي أمور تسهل عليك معرفة أشياء كثيرة.
عزيزي كي لا أطيل عليك وأنا الذي غبت عليك لفترة، أثناء تحدث من في المكتب ومناقشتهم عن طباع الجيل الجديد وكل ما يخصه، تحدث أحد العاملين عن ملابس الفتيات، وأنه كرجل تجاوز الأربعين لا ينظر إليهم نظرة شهوة بل نظرة اشمئزاز، كادت تلك الجملة أن تجعلني أتدخل، لكني تذكرت أني من نفس الجيل، لذا ففي رأيه شهادتي مجروحة، لذا قررت أن أحتفظ بتلك الجملة إلى الوقت المناسب، الذي أعتقد أنه جاء.
أحمد ديدات الداعية ومقارن الأديان له جملة عظيمة: عندما تعلم أكثر فأنت تصبح أكثر تسامحًا.
.Once you know more you become more tolerant

الرجل في العمل نظر بمنظور صغير مما أدى أنه نظر مشمئزًا، لكنه إن وسع مداركه سينظر نظرة شفقة لا اشمئزاز.
ليس للفتيات أو لملابسهن فقط، بل لكل هذا الجيل.
فهذا الجيل ملوث ومتحكمٌ به، فمنذ مدة كان الحديث عن أن العادات والتقاليد تقيد هذا الجيل شبابًا ونساءً، لكن في الحقيقة هذا الجيل يقيده الغرب.
فمعيار السعادة الأن هو أن تصبح مثل هذا أو هذه، ليس أن تصل إلى سعادتك الخاصة، ثم ما أدراك بسعادة هؤلاء؟
معيار السعادة الزوجية هو أن تستيقظ لتجد زوجتك مثل تلك الزوجة التي شاهدتها في أحد الأفلام وكم كانت أسرة سعيدة.
تنتظر أن يصبح أولادك مثل الأولاد الذي تراهم في المقاطع.
تنتظر أن تجني المال لتقوم بما يقومون به وتفعل ما يفعلونه، تصور نزهاتك كي تكون مثل من يصورون، وتلبس ثيابًا مثلهم، تتخذ منهم قدوة في كل شيء.
لكنك نسيت شيئًا، أن تكون أنت، إن كانت تلك الأشياء ستجعلك مرتاحًا وسعيدًا فلا حرج، لكنك لا تكون كذلك بل تزداد تعاسة، وتسخط على كل شيء حولك وتفقد أهم نعمة وهي الرضا والتكيف.
أنت لست مثلهم ولست مثل أي شخص
لن تكون سعيدًا إن سافرت لتتسلق الجبال إن لم تكن تحب تسلق الجبال، لن تسعد بمشاهدة القمر إلا إن أحببت مشاهدته.

حدثني صديقي عن رغبته في الذهاب إلى حفلة من الحفلات الصاخبة ذات الأضواء الكثيرة المزعجة من أجل (التهييس) كل ما أخبرته به أنك لن تسعد داخلها إن لم تكن منهم.
مشاهدتك لأناس يقومون بفعلٍ ما لا تجعل شعورك مثل شعورهم.
لا تبحث عن شريك الحياة الخارق، والحياة المثالية والسعادة التي لا وصف لها.
وعلى النقيض لا تمشي عابسًا وتمنع نفسك من الضحك مع هذا أو إلقاء السلام أو مقابلة أصدقائك لكي تبدو حزينًا.
عزيزي لا يهم أن تبدو، المهم أن تكون.
لست مضطرًا لتوثيق كل لحظاتك، وثق منها ما تريد،  إن أردت أن توثقها كلها فافعل، وان لم ترد توثيق أيًا منها فلا تفعل، المهم هو رغبتك في فعل أي شيء ودراستك له ولعواقبه ورأي الدين فيه.
الناس ليسوا كلهم سفهاء ولا كلهم ملائكة.
والنساء لم يخلقن لكي يتسببوا في تعاسة الرجال.
والرجال لم يخلقوا كي يكسروا قلوب السيدات.
كل الأطفال ليسوا مزعجين، وكلهم ليسوا هادئين.
الحياة درجات مختلفة من الرمادي، فلا تكن أحمقًا تنتظر أن تسير الأمور على نهجٍ واحدٍ واضح.
اعرف كنه الحياة لأنك باقٍ فيها لبعض الوقت، ولا تنسى الهدف من وجود بني الإنسان هنا.
والأهم أن تفهم أكثر ولا تحكم أبدًا على أي أحد، مازلت تجهل كل الجوانب مهما عرفت الكثير.
لا تتوقف أبدًا ولا تنظر لأضحوكة الشغف وكل هذا الكلام،أصنع حياة أسهل لأطفالك وعائلتك، إجعل نفسك شخصًا أسطوريًا داخل نفسك ولا تنتظر أن يصفق لك أحد، لا تكتفي بأي قمة واصعد التي تليها، حتى أخر نفس لا تتوقف.
لأن الوقوف مرة يعجزك ألف مرة.
ولا تنسى نصيبك من الدنيا.
عزيزي القارئ، أريد أن تهتم بنفسك وتعرفها دون أن تسأل كيف تعرفها، اسأل نفسك ماذا تحب وماذا تكره دون تدخل أحد، اعرف سلبياتك قبل ايجابياتك، تعرف على نفسك كأنك تتعرف على شخصٍ لا تعرفه، لأنني أعتقد أن أغلبنا لا يعرف نفسه.
دمت بخيرٍ يا عزيزي.