أليس الصبح بقريب؟

52 9 10
                                    

أجلس في العيادة و كأني وكيل نيابة ينتظر التحقيق، كاريزما و حضور فوق العالي، أعتقد أن الممرضة لو كانت غير متزوجة كانت ستطلب يدي للزواج، أسمع صراخ السيدة بالداخل و أحاول تمالك أعصابي لكني أريد الهروب.

في الأخير كنت أتجول في الطرقة نحو الطبيب، جلست على كرسي طبيب الأسنان اللعين جدًا، و في لحظة ألم كنت أشعر أن روحي ستخرج و تصفع الطبيب و تعود مرة أخرى لتتركه يكمل عمله، لكن ما لفت نظري هو شئ وحيد، أن الطبيب كاد أن ينسى خطوة التخدير و يستخدم المنشار.

في الحقيقة لم يكن هذا ما لفت نظري، بل كلمته عندما كدت أسبه من الألم (اصبر،اصبر) لم يقل تحمل أو اسف أو (معلش) بل استخدم مفهوم الصبر، في الحقيقة فكرت في هذا الأمر و أنا أسبه في عقلي فوجدت أن الأمر أعمق من طبيب يهدئ مريض سيقطلع عيناه من الألم، الأمر فعلًا أعمق و أعقد.

أنا أحب تسلسل سور يونس و هود و يوسف و الرعد و إبراهيم و الأنبياء، في سورة هود على ما أتذكر و في ظل حكي قصة سيدنا لوط و في لحظة توهج القصة و توعد قومه بأذيته قالت الرسل (إن موعدهم الصبح، أليس الصبح بقريب) عندما توقفت عند تلك الآية كنت في فترتي الصعبة و الكئيبة جدًا، حقًا هي أسوأ فترات حياتي و أتمنى أن أُخرج نفسي منها في أسرع وقت، عندما قرأتها فكرت كيف يكون الموقف ملتهب إلى هذا الحد و يقول الرسل تلك الكلمة؟ لم يلوموا الظروف لم يقنطوا لم يفعلوا أي شئ سوى قول أليس الصبح بقريب؟

نعرف دائمًا مصطلح أن الشمس ستشرق مهما طال الليل، أيضًا مهما طال الألم الذي ستشعر به و أنت حبيس كرسي طبيب الأسنان سينتهي، كل ما عليك هو أن تصبر و من حقك أن تسب لا مشكلة.

في فترة الإختبارات كنت أقول دائمًا أن بعد أسبوع سينتهي كل شئ و أبدأ في تخيل السعادة و الراحة، مهما بلغ تعقيد الإختبار هناك راحة أراها و سأتنعم بها، سأحتضن سريري طوال اليوم و لن أتركه في السادسة و أنا أحاول إذابة الثلوج بسبب الجو القارص، هناك راحة.

هناك ضوء في نهاية النفق.

لكن دعني أخبرك أني لا أحب الكلام الإيجابي مطلقًا ،أمقته كما أمقت وجع الأسنان، توقفت عدة دقائق لأتجاوز الصدمة الأن.

كل ما تحدثنا عنه لن يحدث إلا في حالة واحدة، ما تحدثنا عنه أن الامل موجود في النهاية حتى و إن طال المطال و إلى آخر تلك القصائد.

لن يحدث إلا عندما ترى النور خارج النفق، بالطبع تسأل كيف يفكر الإيجابيون، يتفائلون و أنت لا ترى سوى الظلام، في الحقيقة الأمر سهل، هم يبحثون عن النور و إن لم يجدوا يتوقعوا مكانه فيتخيلوه.

دعنا نتخيل أنك في أزمة مالية كبرى، لكنك لا تعرف كيف ستدبر أمرها و كيف ستسير أيامك في هذا العالم المادي جدًا، كيف تتوقع ردة فعلك، سيجن جنونك و تجري و تهرول و ماذا أفعل؟ و الحياة صعبة و إلى آخره.

خواطر اكثر سطحية و سخافةTahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon