دائرة إجبارية.

27 8 1
                                    

دُهشت عندما علمت أن هذه الخاطرة هي الخاطرة رقم ثلاثون، كما اندهشت عندما تذكرت أني أجلت تلك الخاطرة منذ شهرين تقريبًا، لكني صُدمت عندما وجدت نفسي نسيت كيف كانت طريقة الكتابة على هذا البرنامج.

كي لا أطيل عليك يا عزيزي فلندخل في الموضوع.

شهر فبراير الماضي استيقظت على صدمة سرقة قناة صانع المحتوى مروان سري، كان الأمر عصيبًا على الكثير من صناع المحتوى الآخريين، حيث أنك ترى مثالًا للإجتهاد والتعب والمثابرة والإبتكار وهو ينهدم تمامًا، مروان سري لم يكن مجرد صانع محتوى تافه، كان صانع محتوى كروي ترفيهي، له سياسة ومبدأ واضح في قناته، أوصله هذا المبدأ إلى عمل لقائات مع المشاهير واللامعين في مجال الكرة، حتى أنه أنشأ شركة لصناعة المحتوى وأصبح ينتج في عدة قنوات أخرى، ومع الأسف كاد هذا أن يضيع في لمح البصر.

الأمر جعل مروان صامتًا لدرجة أن أصدقائه هم من كانوا يحاولون استعادة القناة، ولحسن الحظ نجحوا في إعادتها.

لم ولن أنسى تعابير وجهه بعدما سُرقت قناته، كان هذا أحد التعابير المرعبة التي لا تجعلك تنام، لكن القدر ليس سيئًا دائمًا.

فبعد مرور تسعة أشهر تقريبًا كان مروان سري في قطر مدعوًا من المملكة نفسها كي يصور فيديوهاته عن كأس العالم من قلب الحدث.

قبل كأس العالم أيضًا كان لا يمر أي حدث كبير إلا وكان مروان أول المدعوين من الجهات المنظمة، حاليًا وأنا أكتب لك مروان في عطلة بعد شهرٍ من العطاء والعمل.

سؤالي هنا ماذا إن يأس مروان ولم يكمل العمل بعد حادث السرقة؟ من كان سيخبره عن هذا النجاح الضخم - ما شاء الله - من كان سيخبر مروان أن تحمله بعض الوقت سيعود عليه بنتائج لم تخطر على باله؟

وهذا هو موضوعنا، الدائرة الإجبارية التي ندخلها جميعًا غصبًا، نظن أنها شرًا لأنها كانت مليئة بالأوجاع والصعاب أول الأمر، لكنها في الحقيقة هي الخير كله.

الشيء الوحيد الذي تعلمته من فترة إكتئابي الطويلة أن الإنسان يجب أن يصبر مهما بلغت الصعاب.

ببساطة، من كان سيقنعني في شهر أغسطس ألا ألقي نفسي أمام القطار لأن حياتي ستتحسن في شهر سبتمبر؟ كيف لي في وسط السواد أن أصمد أيامًا قليلة وبعدها سيتحسن كل شيء؟

لقد علمت كل الإجابات التي سألت عنها طوال سنين إكتئابي في أيامٍ قليلة.

بعدما تعافيت من تلك المرحلة أدركت أنها كانت ستنتهي أسرع لو لم أحاول الخروج منها بالقوة، لو لم أهلك نفسي في الخروج من الدائرة قبل انتهائها لانتهى الأمر أسرع، والله أعلم.

الأمر أشبه بشخصٍ كُسِرت قدمه وعندما مل من الأمر قرر أن يتحامل على قدمه قبل موعد شفائها، فما زاده الأمر إلا ألمًا وزيادة في وقت العلاج.

العلاج والتعافي يحتاج إلى الصبر والتمهل، أن تعطي نفسك حقها في أن تأخذ وقتها في التشافي، ولا تستكثر عليها الوقت، نفسك أعلم بما تحتاج، عليك أن تحترم حزنك ولا تسخط، وأن تترك الأمر يسير كما سيره الله لك، عليك ترك الدائرة تدور دورتها، وقتها فقط ستعرف أن الأمور المعقدة هي في حقيقة الأمر أبسط شيء على الإطلاق.

انتظر يا عزيزي وتأمل الأمر وتفكر فيه، لا تتعجل فما العجلة بالحل، اترك نفسك للمياه التي أجراها الله تسيرك في الطرق الأنسب لك، فقط عليك أن ترضى وتتأكد أنك في الوقت المناسب والمكان المناسب ستصل إلى وجهتك.

أتركك مع بعض الاستشهادات لعلها تساعدك في الفهم.

قال الإمام الشافعى:  «ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت.. وكنت أظنها لا تفرج».

قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

خواطر اكثر سطحية و سخافةWhere stories live. Discover now