أنغام

37 4 2
                                    

لأول مرة أستعمل الكتاب على أنه كتابٌ للخواطر، عزيزي أثناء تأخري عن تسليم العديد والعديد من الكتابات بدون عذر يتقبله أي شخص، فلا أحد سيقبل تأخيرعمله بسبب كاتبٍ مخضرم منعزل مهترئ.

لكني لم أؤخر الكثير من العمل، فقط ثمانِ مقالات يجب أن تنتهي قبل الغد، وقصة قصيرة وعدت بنشرها وهي في تعداد النسيان، وقصة أخرى من المفترض أن تنشر قبل نهاية الشهر، أيضًا لم أكتب القصة التي سأشارك بها في معرض الكتاب القادم بحول الله تعالى، رواية مندثرة متاخرة وأحداث تستوجب مقالات عنها لكني أفضل الصمت، لا بل الكسل.

دعني لا أقحمك في أمور لا تهتم بها ودعنا من الذي يتحدث هذا، أنا الأن أحدثك على أني الكاتب المخضرم الذي يكتب المقالات المثيرة للجدل و الروايات والقصص ذات الأفكار المبتكرة، أحدثك وأخبرك بأن العالم يحتاج إلى أم مصرية أصيلة لترتيب تلك الفوضى.

عزيزي لا أعلم من أين يبدأ الخيط أو ينتهي، هل أتحدث عن قضية ضرب الزوجة العبثية والغبية، أم عن ضرب المعلمة التي منعت الغش في الامتحانات، أم عن تكذيب الدين، أم الشذوذ والفيلم الغريب، أم عن الاتهامات في حق الشيخ الشعراوي، أم عن الكذب السياسي والخداع الذي نعيشه، أم عن قضايا المرأة التي لا تنتهي، أم من المفترض أن أترك كل هذا وأكتب خاطرة أتحدث فيها بعربية فصيحة عن عبثية الكون؟

في الحقيقة يا عزيزي إختلط الحابل بالنابل، فكما أخبرتك في مقال مدرسة الروابي للبنات، الخير والشر يتلاعبان بنا فأصبحنا لا نفرق بينهما.

بلا تحضير وبإرتجالٍ مخضرم أخبرك عزيزي أن في وسط تلك الفوضى أنت مسئولٌ عن تحصين نفسك من الأخطاء الفادحة، أنت مسئول عن السؤال والبحث عن الحقيقة لا الإنجراف مع أي تيار ترى أن صوته أعلى، الحقائق نبحث عنها لا نتسلمها من أي شخص يدعي صحة ما يقول.

فالزوجة إنسانة لا تُضرب كالبهائم، وأما أية الضرب في القرأن فلم تحلل الضرب المبرح وإنما ضربٌ له شروط وضوابط، كما أن الرسول عندما لاحظ أن الرجال يضربون نسائهم ضربًا مبرحًا نهى عن الضرب كي لا يقع ضرر، غير أنه مباحٌ يمكن الإستغناء عنه، كما أن كسر كبرياء المرأة ليس الكبرياء العادي لأي إنسان، بل الكبرياء الزائد على الزوج الذي يلغي مقام الرجل في بيته، كما أن الضرب المذكور في حالة نشوز المرأة لا في حال تأخرها في تحضير الغداء للبهيمة التي ترقد في صالة البيت.

وحادثة محاولة الأهالي ضرب المعلمة التي منعت الغش في إحدي لجان الإمتحانات ما هي إلا دليل على عدم معرفة الناس بالحق والباطل وهؤلاء الأهالي لا يستحقون السجن، بل يستحقون أن يتركوا ليُهلكوا أنفسهم بعقولهم.

والشذوذ هو أكبر هادم للأسرة ومنها ينهدم المجتمع، فما هو بالحلال ولا بالحرية الشخصية، أنت حرٌ في بيتك وأنت مستتر، لست حرًا عندما تجهر بمصيبتك أمام العلن، والشواذ غير مضطهدين، نحن المضطهدون هنا، جرب أن تسخر منهم أو تسبهم وستجد نفسك مجرمًا في حق الإنسانية وليس من البعيد أن تجد نفسك مسجونًا بتهمة التعدي على حقوق غيرك، رغم أنه ليس من حق أي أحد أن يتخذ من الشذوذ طريقًا.

وإن أرادت النقابة المصرية حذف وتجريم الفيلم صاحب الضجة فعليها أن تجرم فيلم عمارة يعقوبيان وجميع أعمال عادل إمام لتتساوى الكفوف.

منذ زمن ونحن ننادي بالسينما النظيفة وحينما أردتم تطبيقها فشلتم لأنكم لم تقتلعوا جذور الشر بل كرمتوه وعليتم شأنه.

لن أتكلم في رأيي عن الفيلم لأنه يحمل بين طياته سمًا مختبئًا في العسل.

و أيُ قضية تحدث في الشارع للمرأة فهي نتاج سكوتٍ طويل، و أمامنا دهرًا طويلًا كي نصلح الأمر، لكن للمرأة حقوق وحقوقها مثل حقوق الرجل، فالمطالبة بأشياء تفوق الحقوق سيجعل الذكورية السامة تقضي على النسوية السامة والغير سامة معًا، مثلما قضى تكبر الذكورية السامة على نفسها.

أما الشيخ الشعراوي فمثله كمثل أي شخص، إن أردت أن تعرف حقيقته، فاقرأ ما كتب واسمع ما قال، لا تصدق من يقول عنه أنه جيد أو سيء احكم أنت بعقلك كي لا تقع في الحكم الخاطئ، أن تتبنى رأيًا خاطئًا نابعًا منك خيرٌ من أن تنجرف مع أي تيار.

العالم كريه و هو دار بلاء ودار مصائب فلا تستعجب مما يححدث أو تراه عجيبًا، فقط حاول ألا تكون جزءً منه.

وأما الأنغام المذكورة في العنوان فهي أنغام موسيقى هيجت بعض الأحاسيس التي جعلتني أكتب المقال.

خواطر اكثر سطحية و سخافةWhere stories live. Discover now