إبن آدم

118 14 14
                                    


هل تفهم معنى كلمة (إبن آدم)؟ كل إبن يرث من أبويه بعض الصفات إن لم يرثها كلها، لذا وجب على الأب أن ينصح إبنه و يخبره بذلاته و صعابه كي يعرف أنه(مجابش حاجة من برا) و كي يستطيع التعامل و يأخذ حذره (بالمناسبة سيقع في نفس الذلات زرع بصل).

سيدنا آدم لم يكن فقط أول بشري، بل هو أبونا جميعا، و بالفعل أورث سيدنا آدم صفاته على جميع البشر، و نحن نعلم تلك الصفات عن طريق قصصه التي نعرفها، ذكر تلك القصص كان مهما لمعرفة أصل كل شئ.

أول شئ الذنب و الغفلة و أكل التفاحة، جميع البشر يغفلون و يقعون في حفر كثيرة، سواء كانوا يرون أنهم على الحافة أو يعمون، لكن في النهاية يقعون.

التوبة و العودة إلى الله، كل إبن آدم خطاء و خير الخطائون التوابون، لم تكن تلك الجملة تحمل ذكر سيدنا آدم صدفة، بل لربط الحاضر بمصدره.

و لكن في النهاية سيدنا آدم لم يمكن أن يكون مجرما يقتل و يسرق لذا توجهنا إلى أبنائه.

الجميع يعرف طمع قابيل في أن يتزوج توأمه لأنها جميلة، و غضبه و حقده من أخيه هابيل، كل تلك الصفات موجودة و بقوة في البشر بل تكاد تكون في البشر أجمع.

لكن دعنا نقف عند الصفة التي جئت بك لكي أتحدث عنها، نحن ورثنا من قابيل تصرف غير محمود لكنه موجود، القتل، لكن لم يرث كل البشر الندم و الغربان لا تحفر أمامنا دائما.

بعض الحبر في الصفح، بعض الحروف في المقالات، جزء من موجز الأنباء عن حادثة قتل،هناك حياة انتهت بفعل غير إلهي، الإله الذي إن كان مذكورا وقتها لن تنتهي تلك الحياة.

و أنت تقرأ الحروف و الكلمات المتسلسلة أنا افكر و أقف ليس لأجمع أفكاري بل لأن الفكرة لا تحتمل كلام.

هناك إنسان بشري من جنس آدم، قتل أخيه من نفس الأب الأول، أعتقد أن حزن سيدنا آدم على هابيل لن يساوي شيئا إن عرف ماذا يحدث بين أولاده.

فكرت كثيرا في سبب القتل لكن وجدت أنها ساعة يعمى فيها البصر فعليا، دعنا من أن هناك صديقة لي تود أن تقتل شخصا لسبب لا نعلمه لكننا نسيطر على الأمر نوعا ما.

لم نرث القتل جميعا رغم أن كل إنسان لديه الدافع لأنه إبن آدم، لكننا جميعا ورثنا الأسباب و الدوافع و الوسائل، رغم غباء السبب إلا أن سادية البشري طغت على كل شئ، هناك من أضاع من وقته و عمره ليخطط و ينفذ جريمة قتل شخص، من الممكن أن يسري كل ذلك في دقائق، من قتل قريب من أجل المال، من قتل صديق لأنه عرف ما لم يجب معرفته، من قتل زوجته لأنها تضع الكثير من الملح في الطعام.

طبيعة الإنسان هي الطغيان على الإنسان و من الممكن أن يطغى على نفسه.

من يومين تقريبا هناك مباراة في أدغال إفريقيا حدث فيها حادث قتل، فكر خمس ثواني في سبب، من الممكن أن يحصل سطو على الملعب أو حادث خطأ.

سجل أحد اللاعبين هدفا في مرماه عن طريق الخطأ ، فإنهال عليه زملاؤه بالضرب حتى فارق الحياة.

خرج رجل من منزله ركب دراجته النارية في الليل و ذهب نحو شاع هادئ، مرت سيدة قتلها أخذ حقيبتها ، ذهب إلى المقهى ليشرب شاي.

القتل هو الحبكة الدرامية، هو نهاية القصة، تعيش سنوات تطالب بمالك من عمك و تقتله في النهاية، القتل ما هو إلا زر لنهاية المرحلة، بالطبع يفتح باب التحقيق و الصحافة و (الصداع) حتى يحصلوا على القاتل لكي(يتمرجح على حبل المشنقة).

إن كنت تذكر حادثة قتل الشاب الذي دافع عن فتاة، و إن كنت تذكر من قتل إبنة عمه بعد أن هددته أن تفشي سر إغتصابه لها، و تذكر و تذكر...لكن هل تذكر أن تم القصاص؟

رائحة الموت ليس مثلها رائحة تفوح في الأرجاء، تخفي رائحة العوادم و دخان السجائر و الإبط العفنة، و تتسلل إلى الأنف لكي تقول، سنترحم على شخص قريب.

ما بعد القتل هو الأهم، نعم هناك ما بعد الخبر و لعن القاتل، هناك الدفن، هناك العزاء اللحظة التي تعرف فيها الخبر و تذهب لتقابل صديقك هي ليست لحظه، هي دهر.

تعرف الخبر و تكتفي بثواني من الحزن و الصدمة ثم تعود في الليل لترى النعي و حزن الأصدقاء و صدمتهم النفسية، كلمة مقتول أبشع من متوفي، تقرأ النعي و تلعن نفسك أنك لا تبالي و لم تعطه حقه، هناك أشياء تجعلك تتوقف ،تترك كل ما حولك و تفكر، ترى من منظور لم تتوقع أنه موجود،ليست كل الحوادث كلام في صحف، كل حادثة تخلف ألما و تعطيل لحياة.


خواطر اكثر سطحية و سخافةWhere stories live. Discover now