عالم بلا إنجاب

42 6 12
                                    

من الأسئلة التي على المرء طرحها دائمًا، هل هذا العالم يحتمل زيادة في عدد النمل؟

الإجابة هي نعم، لأن تلك الزيادة تعني زيادة في الموارد و زيادة في القوى العاملة، لأن بالفعل، العيل بييجي برزقه.

لكن هل العيل الذي يأتي برزقه كافٍ لكي تاتي بألاف الاطفال الذين يأتون بأرزاقهم؟

الإجابة هي لا، العيل الذي يأتي برزقه، يأتي به لأنها رحمة إلهية و لأن لكل إنسان رزقه الذي لا يتأخر ولا يتقدم ، أيضًا الإنجاب له حسبة غير الأمور المادية، فتخيل معي مثلًا والد و والدة هتلر يرفضون الإنجاب، تخيل معي كم التغيير في هذا العالم، هذا لأن كل فرد في العالم بإمكانه تغيير العالم بأسره، سواء سلبًا أو إيجابًا، لذا فيجب عليك سؤال نفسك جيدًا، هل أنت مستعد؟

الجيل الحالي أغلبه سار على طريق اللاإنجابية، و أسبابهم متعددة، وهي مقنعة إلى حدٍ ما، لكن دعنا نتحدث عن مؤيدي الإنجاب.

من المضحك أن اصدقائي الذين شاركوا في إستطلاع الرأي لا إنجابيون، إلا صديقتي العزيزة سارة، و بالمناسبة لقد رسمت لوحة للدكتور أحمد خالد توفيق و ترفض أن تريني إياها قبل ان أنتهي من كتابة ثلاث مقالات، كل التحية يا سارة.

حب الأطفال أمر فطري، فهم الدليل الملموس على أن فطرة البشر هي الخير، فالنظر إلى عين الأطفال لثواني تكفي لجعلك تبتسم، فكل صغير جميل، هذا الحب سبب يكفي لجعل الأشخاص ينجبون، فبعيدًا عن العادات التي بلا قيمة، فإن الطفل أحيانًا يربط بين الأزواج و يحسن العلاقة، لكن ليس دائمًا بالطبع، بل إن الأطفال نعمة ولا أحد ينكر هذا.

البعض يملك الشجاعة للإنجاب و يعتقد أنه قادر على تربية و تقويم طفل و إعداده جيدًا لهذا العالم، و بالفعل هذا كلام منطقي، لأن الخير ينبع منا نحن، نحن من نؤثر في المجتمع، فكما هناك تأثير سلبي هناك الإيجابي، و نحن من نصنع كليهما، ونختار أيهما.

لذا فإن الخير في المجتمع سيظل موجودًا إن نحن صنعناه و إن نحن قررنا تنظيف الأثار السلبية التي حدثت من أشخاص لم يفهموا هذا المعنى.

أيضًا الإنجاب إن حسبت حسبته جيدًا، سيترك لك ذكرى طيبة في المجتمع، سيعطيك الدفء في حياتك، فأنت تعطي اليوم بكل ما أوتيت من قوة، حتى تحصد ما زرعت في كبرك.

كل الإحترام و التقدير لكل الاراء، لذا دعنا نتجه إلى الموضوع الأهم في مقالنا، لماذا يرفض هذا الجيل الإنجاب.

الخوف من عدم القدرة على تربية الطفل، تحمل مسئوليته، تطعيمه بالأفكار الصحيحة تقويمه و تصحيح مساره، فيجب عليك أن تكون متيقظًا تمامًا، فالخطأ الواحد لن يؤثر فقط في حياة شخص و قد يتم تدميرها، بل يمكن أن تتسبب في كارثة في هذا المجتمع، كما قلنا كل فرد بإمكانه التأثير في المجتمع بشكل كبير، كبير جدًا.

عزيزي الطفل هو نبتة أنت من تقرر متى و كيف تزرعها، لكن أي إهمال سواء عن قصد أو غير قصد سيفسد تلك النبتة التي لن تضرك وحدك بل من الممكن أن تضر العديد و العديد من البشر.

كما ترى العالم مليء بالمرضى النفسيين الذين تعرضوا للأذى التربوي ولا تستطيع لومهم، كلنا نتعاطف في مشهد شرح كيف أصبح الشرير شريرًا، حتى البطل في لحظةٍ ما يحاول لمس الجانب الإنساني في الشرير كي يوقفه، عزيزي دعنا تستعرض لماذا لا يود العديد من هذا الجيل الإنجاب.

المسئولية، المسئولية و التيقظ دائمًا و الإهتمام في كل وقت و حين به، أنت تسخر حياتك تمامًا من أجل شخصٍ و أي خطأ قد يؤثر في حياة كاملة، أنت مسئول عن تقويمه، تطعيمه بالأفكار الصحيحة و تنقية المساوئ و إبعاده عن أي شيء يمكن أن يلوث تفكيره و فطرته،و الإنفتاح عزيزي جعل التلوث أسهل شيء، و تنظيف هذا التلوث تقريبًأ مستحيل.

فالتربية ليس لها دليل ثابت، مهما تحدثوا عن التربية الإيجابية و الحديثة و المدروسة، أنت فقط الذي تعلم السر لطفلك، انت من ستكون في وجه المدفع،بل في داخله، انت من ستواجه و تسهر الليالي،انت من ستشعر بكل تغيير في تصرفاته.
كما تعلم أيضا أن مرض العصر هو المرض النفسي، فكيف ستضمن عدم سقوطه في هذا المستنقع، مع وجود صعوبة كبيرة في العلاج،بل قد يزيده العلاج مرضًا.

عزيزي لا تطلب من شخصٍ عانى في طفولته و لم يحظى بجمالها أن يتشوق للإنجاب،لا تطلب منه أن يأتي بطفلٍ إلى عالم هو يرغب بمغادرته.

الإنجاب يحتاج شخصًا سويًا ،شخصًا يستطيع و الأهم يريد أن يواجه.

عزيزي، كل ما يقال سواء إيجابيًا أو سلبيًا لن يؤثر في رأي أي شخص، لذا لا تعتبر هذا المقال محاولة لمنع الإنجاب،ليس لي مصحلة في هذا و ليس لي ضرر.

الأطفال يحظون بجمال خارق،فطرة عظيمة،ابتسامة تمحو كل شيء،و هم يستحقون العناء، لكن الكل ليس قادرًا على أن يعاني.

الإنجاب ليس تثبيتًا للأسرة، أو لتوسيع الرزق،الإنجاب من أجل تنفيذ وصية الرسول، من أجل إضافة عضو مؤثر في المجتمع،عضو متأكد من أنه سيفيد هذا الكون.

الإنجاب هو العمل العظيم الذي يحتمل إيجابيات عدة،و سلبيات أكثر في حالة العبث بهذه المسئولية.

لكن موضوعنا هنا في رفض الإنجاب، الجيل الذي لم يرى الخير ولا يعرفه،و يرى فقط كل شيء سيء و بائس،الجيل الذي تلوثت عقوله بموجات خارجية أضرت به و تحكمت به، الجيل الذي وعى ،و فتك به وعيه.

و إن كنت قرأت مقالة العقدة في كل عقد ستعرف أن هذا الوعي أمرٌ شديد الخطورة.

عزيزي ، في النهاية نحن لا نعلم ما في الغد من الممكن أن تنقلب الأمور و نرى اللاإنجابيون لديهم مزرعة من الأطفال.

لكني لا اعتقد، و إن سألتني عن رأيي، فبكل بساطة كما قال محمد حسين في فيلم اتش دبور، (كل حي يعمل ما سبهلاله).

خواطر اكثر سطحية و سخافةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن