الفصل الخامس ( الجزء الثاني )

5K 203 9
                                    


الفصل الخامس
( الجزء الثاني )
تأمل ملامحها الباكية للحظات قبل أن يهتف بهدوء :-
" ستأتين معي ...!!"
" إلى أين ..؟!"
سألته بعدم إستيعاب فتجده يرد بنفس الهدوء :-
" سأخذك الى شقتي حيث ستبقين هناك بعد الآن .."
رفضت بسرعة :-
" لكنني لا أريد ترك منزلي هنا .. لا أريد ترك منزل والدي يا عمار .."
قاطعها بضيق ظهر على ملامح صوته ووجهه بوضوح :-
" هل ستبقين هنا لوحدك كي يتحكم بكِ أبناء عمومك كما يريدون ...؟! "
أردف بجدية :-
" وجودك هنا سيجعلهم حولك طوال الوقت .. "
توقف عن حديثه وهو يسمع صوت خديجة مربيتها تخبره :-
" أبناء عمومتها في طريقهم إلينا .. لقد إتصلوا بي منذ قليل وأخبروني بذلك ..."
إلتفت نحوها يسألها :-
" متى ستتم مراسيم الدفن ..؟!"
أجابت خديجة :-
"إنتهوا منها قبل قليل يا بك .."
صاحت جيلان بصدمة :-
" قاموا بدفنه دون أن أحضر معهم المراسيم ..."
ردت خديجة بسرعة تحاول تهدئتها :-
" أنتِ كنتِ في حالة سيئة للغاية يا جيلان .. "
أشارت بعدها الى عمار :-
" لقد أغمي عليها فورا ما إن علمت بالخبر وعندما إستيقظت بعد مدة كانت منهارة بشكل تام ولم تتوقف عن البكاء لحظة واحدة .. "
هطلت دموع جيلان وهي تردد ببكاء :-
" لكنه أبي ..كيف لا أحضر مراسيم دفنه ...؟!"
إستدار عمار لها قائلا :-
" لقد حدث ما حدث يا جيلان ... لملمي أغراضك وتعالي معي ..."
" ألن أحضر عزاء والدي أيضا ...؟!"
هتفت بها بعدم تصديق ليضغط عمار على نفسه بقوة محاولا عدم إظهار غضبه منها ومن إلحاحها الزائد وهو يرد بصوت عادي :-
" لا تعاندي يا جيلان .. من الأفضل ألا تتواجهي مع عائلة والدك فكلانا يدرك مدى حساسية الوضع بينكما ..."
" لا أريد ترك منزل والدي يا عمار .. لا تجبرني على ذلك ..."
قالتها بنبرة باكية لتجده يصيح بها بصرامة :-
" نفذي ما قلته بسرعة ولا تعانديني وإلا تركتك لوحدك في مواجهتهم ..."
إنتفضت بخوف من نبرته فنظرت إليه بألم قبل أن تركض مسرعة نحو الحمام الملحق بغرفتها وتغلق الباب خلفها بعنف ..
نظر عمار الى خديجة يأمرها :-
" نفذي ما قلته حالا وأنا سأنتظركما في الأسفل .."
....................................................................

هبط عمار الى الطابق السفلي ليجد أبناء عمومها قد وصلوا بالفعل ...
نظر الجميع إليه بصمت رغم عدم رغبتهم في وجوده بينما وقف هو في منتصف المكان يهتف بصوت بارد لا حياة فيه :-
" السلام عليكم .. البقية في حياتكم ... "
رد أحدهم وهو كبير ابناء عمومته :-
" حياتك الباقية ... "
سأل أحدهم بلهفة :-
" أين جيلان ..؟!"
رمقه عمار بنظرات احتدت قليلا وهو يجيب :-
" في غرفتها تتجهز للرحيل ..."
سأله عمها الأكبر :-
" أين ستذهب ..؟!"
أجاب بهدوء :-
" ستذهب معي الى منزلي ..؟!"
هتف ابن عمها الأكبر من جديد :-
" إذا قررت ونفذت نيابة عنا يا عمار ..."
رفع عمار حاجبه مرددا بنفس الهدوء :-
" ألستُ أخيها الوحيد وأولى بها من الجميع يا راغب ...؟!"
نهض راغب من مكانه يهتف بنفس الهدوء :-
" معك حق يا عمار ... أنت أولى بها ولكن نحن أيضا أبناء عمومتها ومسؤولون عنها ..."
قاطعه عمار :-
" وأنا لم أنكر ذلك ..."
" لا داعي لخروج الفتاة من منزلها ... هذا منزل والدها ومن الأفضل أن تبقى فيه معززة مكرمة ..."
كان هذا حديث عمها الصغير فتحدث عمار ببروده المعتاد ردا عليه :-
" جيلان ستبقى معززة مكرمة بكل الأحوال وبالطبع لن أتركها هنا لوحدها .. "
أضاف وهو يسير بأنظاره عليهم جميعا :-
" مكان جيلان معي .. أنا أخوها .. حتى تبلغ سنها القانوني على الأقل وعندما تكبر وتصل الى مرحلة عمرية مناسبة ستقرر بنفسها حينها ماذا تريد ..."
" هل ستأخذها الآن ..؟! ألن تحضر عزاء والدها ..؟!"
سأله ابن عمها الذي كان يسأل عنها منذ قليل بلهفة ليجيب عمار بإقتضاب :-
" الفتاة منهارة وبقائها هنا سيفاقم وضعها سوءا ..."
أكمل بجدية :
" سآخذها في منزلي تستريح قليلا ثم آتي بها غدا كي تحضر اليوم الثاني من العزاء ..."
ألقى نظرة أخيرة عابرة ثم رحل تاركا إياهم يتابعونه بكره وعدم رضا لما يسمعونه لكنهم سيتركون هذه الأمور لوقتها المناسب فلا يجب إفتعال المشاكل في هذا الوقت المحرج ...
.................................................................

حبيسة قلبه المظلم ( الجزء الأول من سلسلة ضباب الروح ) Hikayelerin yaşadığı yer. Şimdi keşfedin