الفصل الثاني والثلاثون ( الجزء الثالث )

3.4K 190 23
                                    

الفصل الثاني والثلاثون ( الجزء الثالث )
كانت تجلس أمام طاولة التجميل تتأمل خاتمها الماسي بشرود ..
عقلها لا يكف عن التفكير وروحها يملؤها الإختناق دون سبب معين ..
ربما مغادرة نديم البلاد مساء الغد جعلتها بهذه الحالة فهي سوف تفتقد أخيها كثيرا ولكنها لم تظهر ذلك علنا وأخفت تأثرها الشديد لإنها تثق إن السفر أفضل لوضعه ..
إضافة الى تفكيرها بوضع ليلى النفسي ورغبتها بالإطمئنان لكن خجلها الشديد منها يمنعها من ذلك وبالطبع ضميرها الذي يؤنبها بإستمرار لشعورها إنها آلمت ليلى كثيرا وحطمت قلبها دون رحمة ..
حياة أيضا تشعر بتأنيب ضمير شديد نحوها وهي تشعر إنها ظلمتها عندما قررت أن تشجع علاقتها بنديم لإجل أخيها وسعادته التي فقدها كليا بعدما تعرض له ..
كل هذه المشاعر المختلطة كانت تضغط عليها بقوة ودعوة والدة فراس لها على العشاء هي ووالدتها ضاعفت من ذلك الضغط وهي تتجهز كليا لمشادة جديدة قد تحدث بينهما لكنها بالطبع ستحاول قدر المستطاع التعامل بدبلوماسية معها أولا لأجل نفسها وثانيا لأجل والدتها التي ستأتي معها ولن تسمح بأي إساءة لها مهما حدث أو أي إحراج ..
أخذت نفسا عميقا ثم تأملت ملامح وجهها الجميلة وشعرها المسرح بعناية .. فستانها الجذاب ..
كل شيء كان كاملا فقررت النهوض أخيرا والخروج من غرفتها حيث ستتوجه الى والدتها كي تراها إذا ما أصبحت جاهزة للمغادرة ففراس سيصل بعد عشر دقائق ليأخذهما الى منزله كما اتفقا مسبقا ..
حملت حقيبتها وغادرت المكان لتتجه الى غرفة والدتها حيث طرقت على الباب بخفة ثم فتحتها لتجد ووالدتها أمامها جاهزة تماما وفي إنتظارها وملامحها يظهر عليها الضيق بوضوح ..
هتفت غالية بجدية وهي تفتح حقيبتها وتسحب هاتفها الذي سمعت صوت رنينه :-
" ماما من فضلك لا داعي أن تظهري ضيقك من هذه الزيارة بوضوح هكذا ...!"
أجابت على فراس ترد تحيته ثم تخبره :-
" نحن جاهزتان نعم .. حسنا ننتظرك .."
ودعته بخفوت وأغلقت الهاتف بينما عيناها ما زالتا معلقتين على وجه والدتها لتردد بإستهجان :-
" ماما من فضلك .."
قاطعتها صباح بتجهم :-
" فهمت .. لا تقلقي ما إن يأتي عريسك المبجل سأخفي كل ضيقي وإمتعاضي منه تماما ولن يظهر أي تعبير يدل عليهما على ملامح وجهي ..."
زمت غالية شفتيها بعبوس دون رد عندما سألتها صباح من بين أسنانها :-
" متى سيصل الباشا ..؟!"
ردت غالية بنفاذ صبر :-
" قارب على الوصول .. دعينا ننزل الى الأسفل حتى نخرج إليه مباشرة عند وصوله .."
ثم اتجهت نحو الباب حيث فتحته وخرجت منه تتبعها والدتها التي أخذت تغمغم بكلمات غير راضية بينها وبين نفسها ..
بعد حوالي خمس دقائق وصل فراس بالفعل فخرجت غالية أولا تتبعها والدتها ..
هبط فراس من سيارته مبتسما وهو يغلق أزرار سترته عندما تقدمت غالية نحوه تبتسم برسمية فكان هو بدوره مبتسما وهو يقبض على يدها ويحييها ..
ابتعد عنها واتجه نحو صباح حيث مد يده نحوها مبتسما بثقة لتمد صباح كف يدها بدورها وهي تبتسم مرغمة فيرفعها فراس ويقبلها بخفة مرددا بلباقة :-
" سعدت كثيرا برؤيتك يا صباح هانم .. وجودك في منزلنا يشرفنا كثيرا .."
ردت صباح بدبلوماسية :-
" الشرف لنا أيضا يا بني .."
اتجه يفتح لها باب السيارة في الأمام كنوع من الإحترام تعجبت له غالية لكن صباح رفضت مرددة بهدوء :-
" خطيبتك تجلس جانبك يا بني وانا سأكون في الخلف .."
رد مبتسما بنفس الثقة :-
" كما تحبين يا هانم .."
فتح لها الباب الخلفي فركبت صباح ليغلق الباب ثم يسارع ويفتح الباب لغالية وهو يبتسم لها بقوة فتبادله إبتسامته بخفة وهي تصعد على الكرسي جانبه ..
ركب بدوره في كرسيه وشغل سيارته ثم حرك مقودها متجها نحو منزله ..
سأل صباح التي تجلس في الخلف :-
" هل تفضلين نوع معين من الموسيقى يا هانم ..؟!"
ردت صباح بجدية :-
" أفضل الموسيقى الهادئة عادة .."
وبالفعل فتح لها أحد أنواع الموسيقى الهادئة التي اندمجت معها غالية لا إراديا حيث أغمضت عينيها وشردت في خيالها بعيدا محاولة طرد كافة الأفكار السلبية من عقلها و المشاعر المؤلمة من قلبها ..
بعد مدة من الزمن توقف فراس بسيارته داخل كراج المنزل حيث سارع وهبط من السيارة ليفتح الباب الخلفي فهبطت صباح تتأمل الفيلا الضخمة والراقية بفضول ثم اتجه نحو غالية وفتح الباب لها لتهبط من السيارة وهي تشكره بخفوت ...
سارتا أمامه حيث وجدتا الخادمة في إستقبالهما وهي ترحب بهما قبل أن تتجه بهما نحو صالة الجلوس حيث توجد كلا من والدته وأخته ..
تقدمت غالية نحو باسمة التي رحبت بها بهدوء لا يخلو من التحفظ وإبتسامة رسمية وفعلت المثل مع والدتها التي ردت تحيتها بنفس الطريقة ...
لوجين إستقبلتهما بإبتسامة لطيفة هادئة تشبهها ليجلس بعدها الخمسة في صالة الجلوس عندما تقدمت الخادمة تحمل لهم أقداح العصير مع أحد أنواع الشوكولاته الفاخرة ..
تبادلت صباح الأحاديث الرسمية مع باسمة وكذلك غالية التي تحدثت بإقتضاب ورسمية شديدة مع باسمة وبلطف وإبتسامة لطيفة مع لوجين التي رغما عنها بدأت تحبها رغم ضيقها من دخول إمرأة حياة أخيها بدلا من عهد التي لطالما إعتبرتها بمثابة أختها الكبرى وصديقتها المقربة ..
لحظات قليلة وصدح صوت جذب إنتباه غالية لا إراديا حيث تقدم فادي وهو يلقي تحية السلام بترحيب لتلتقي نظراتها لا إراديا بنظراته التي بدت وكأنها إقتنصتها من بين الجميع فجمدت ملامحها عن قصد رغم شعورها بشيء من الإضطراب داخلها والذي لم تفهم سببه ..
تقدم فادي مرحبا بصباح اولا ثم اتجه لها ومد يده مرحبا بها لتنهض من مكانها مرغمة ترد تحيته فبالكاد تلامس يده يدها ليسحب يده فورا وهو يبتسم لها بفتور ونظراته الغامضة تحاوطها مجددا ..
اتجه يجلس برقي جانب أخته عندما هتفت باسمة تعرف عنه مجددا :-
" فادي ابني الثاني يا صباح هانم .. يعمل ضابطا في الشرطة .. لم تتعرفِ عليه جيدا المرة الماضية .."
هتفت صباح وهي تضع إنتباهها عليه :-
" اهلا بني .. "
رد فادي مبتسما بهدوء :-
" اهلا بك يا هانم .."
أضاف بلباقة :-
" أنرتِ البيت بوجودكِ يا هانم .."
ردت صباح تحيته بنفس اللباقة بينما هتفت باسمة بعدما أشارت لها الخادمة إن طاولة الطعام أصبحت جاهزة :-
" العشاء جاهز .. تفضلوا جميعا الى غرفة الطعام .."
نهض الجميع من مكانهم واتجهوا الى غرفة الطعام حيث ترأست باسمة طاولة الطعام كعادتها بينما جلس كلا من فراس وغالية على يسارها أما صباح وفادي ولوجين على يمينها ...
بدأ الجميع في تناول الطعام عندما تحدثت باسمة قائلة :-
" أخبرني فراس إن الخطبة ستطول قليلا يا غالية ..؟!"
نظرت غالية إليها وردت بهدوء :-
" نعم ، هذا صحيح .. انا لا أحب الإستعجال خاصة في خطوات مهمة كهذه الخطوة .. من الأفضل أن نتعرف على بعضنا أكثر ونتأكد من توافقنا قبل الزواج .."
هتفت باسمة بتهكم خفي :-
" تتعرفان على بعضيكما ..؟! ألستما تعرفا بعضكما مسبقا أساسا ..؟!"
نظرت لها صباح بحدة لا إراديا بينما ردت غالية ببرود :-
" انا لم ألتقِ بفراس سوى مرات معدودة وأغلب أحاديثنا مختصرة .. يبدو إنك تتصورين إننا مرتبطين منذ فترة ونحب بعضنا لكن الحقيقة إننا شعرنا بالإعجاب المتبادل بيننا فقط لا غير لذا وافقت على الخطبة كي أمنح نفسي الفرصة الكافية لتحديد القادم فأنا لا أحب العلاقات الغير رسمية عموما .."
" تفكير رائع ..."
قالتها لوجين بعفوية بينما تغضنت ملامح فراس بإنزعاج صريح من حديثها عن عدم وجود مشاعر داخلها نحوه ..
تعابير باسمة كانت عادية اما صباح فمنحت ابنتها نظرة مشجعة اما غالية فإتجهت أنظارها لا إراديا نحو فادي الذي وجدته يتأملها بلا مبالاة فعادت بتركيزها نحو طبقها وهي تشعر بالضيق من نظراتها التي توجهت نحوه بشكل عفوي بحت ..
" تفكير يليق بفتاة مثلك .."
قالتها باسمة بإقتضاب لتبتسم غالية بجمود قبل أن تحمل قدح العصير وترتشف منه قليلا ...
وضعت العصير جانبا ثم سألت بتعمد :-
" أين تميم ..؟!"
ردت باسمة على الفور :-
" أرسلته عند والدته .. "
منحتها غالية إبتسامة غريبة لم تفهم باسمة معناها بينما ظهر الإنزعاج بوضوح على وجه صباح اما فراس فقد تجمدت ملامحه تماما لا إراديا ما إن ذكرت والدته سيرة عهد ..!!
إنتهى الطعام وعاد الجميع الى صالة الجلوس عندما عرضت لوجين على الجميع الخروج الى الحديقة الخارجية فالجو يبدو لطيف ومناسب لتناول القهوة والحلويات ..
إمتنعتا كلا من باسمة وصباح عن الخروج حيث فضلتا البقاء في الداخل بينما خرج فراس وغالية يتبعهما فادي ولوجين ...
جلس الأربعة في الحديقة جانبا حيث كان الجو رائعا عندما نهضت لوجين من مكانها تستأذنهم لتساعد الخادمة في جلب القهوة والحلويات ..
لحظات قليلة وجاء اتصال الى فراس الذي اتجه بعيدا قليلا ليبقى كلا من غالية وفادي لوحديهما ..
كان الصمت مخيما على الأجواء فشعرت غالية بالتململ وهمت بالنهوض لتساعد لوجين فسألت فادي مرغمة :-
" في أي إتجاه المطبخ ..؟! سأذهب وأساعد لوجين .."
هتف فادي ببرود :-
" لا داعي لذلك .. بكل الأحوال لن تكوني يوما جزءا من هذا المنزل وانت تعلمين هذا جيدا .."
احتدت ملامحها وهي تسأله بعدما نهضت من مكانها :-
" ماذا تقصد ..؟!"
ابتسم ببرود مجيبا :-
" أقصد إن كل هذه التصرفات لن تمر علي بسهولة كما تعتقدين .. أنا أذكى من أن أصدقك وأصدق ألاعيبك .."
صاحت بصوت منفعل قليلا :-
" هل جننت ..؟! عن أي ألاعيب تتحدث ..؟!"
نهض من مكانه مرددا بقوة :-
" لا ترفعي صوتك أولا .. وانتِ تدركين جيدا مقصدي مثلما أنا أدرك من أول يوم إن موافقتك على طلب فراس ليس بدافع الزواج كما تقولين وإنما هناك سببا آخر كالإنتقام مثلا .."
" هذه أوهام داخل رأسك لا وجود لها أساسا .."
قالتها بإنفعال شديد ليرد وهو يتقدم نحوها بخطوات مريبة قليلا :-
" حسنا اهدئي .. لا داعي لكل هذا الإنفعال يا غالية هانم .. كوني اهدأ لإن العصبية والإنفعال ليسا من صالحك أبدا ..."
كادت أن ترد لكن أوقفها فراس الذي تقدم نحويهما يردد بسرعة :-
" انا يجب أن أغادر حاليا .. أعتذر حقا يا غالية ولكن حدثت مشكلة كبيرة في الشركة وسأضطر الى المغادرة حالا ..."
سأله فادي بقلق :-
" هل المشكلة كبيرة ..؟! سآتي معك .."
لكن فراس قاطعه بسرعة :-
" كلا ابقى هنا وقم بإيصال غالية ووالدتها الى المنزل .."
أضاف يشير الى غالية التي تجمدت ملامحها تماما :-
" من فضلك قدمي إعتذاري الشديد لوالدتك وأنا ما إن أنتهي من هذه المصيبة سأتصل بها وأعتذر منها بنفسي .."
اندفع بعدها مغادرا المكان يتابعه فادي بنظرات غير مقتنعة وهو يشعر إن هناك تمثيلية مبهمة خلف تصرفات أخيه بينما تقدمت لوجين وهي تهتف بهما :-
" لقد جاءت القهوة .."
كانت الخادمة تتبعها وهي تحمل صينية الحلويات عندما سألت لوجين عن فراس وسبب غيابه عن المكان لترد غالية ببرود :-
" فراس غادر يا لوجين .. لديه مشكلة في عمله وإضطر الى المغادرة .."
تبادلت لوجين النظرات مع فادي فوجدت عدم الرضا يغزو ملامحها لتتدارك غالية الموقف وهي تبتسم متقدمة نحوها تحمل فنجان القهوة لها مرددة بمرح مصطنع :-
" دعينا نتذوق القهوة هيا ..."
ثم ارتشفت القليل منها قبل أن تهتف بتلذذ :-
" لذيذة جدا .. سلمت يد من أعدتها .."
ابتسمت لوجين بخفوت بينما هتف فادي بحيادية :-
" هيا تفضلوا واجلسوا .."
تقدمت الخادمة بعدها ووضعت أطباق الحلويات أمامهما ثم غادرت لتبدأ غالية تبادل أطراف الحديث مع لوجين بينما أخذ فادي يرتشف قهوته بصمت ..
بعد مدة من الزمن كانت غالية تجلس في الخلف في سيارة فادي بينما والدتها أماما بجانبه بعدما أصر على إيصالهما رغم رفض صباح الشديد والتي أرادت أن تطلب السائق الخاص بهم ..!!
سألت صباح فادي بإهتمام :-
" انت تعمل في الداخلية إذا ..؟!"
رد فادي بجدية :-
" نعم يا هانم .. انا مقدم في الشرطة .."
تطلعت إليه صباح للحظات قبل أن تهتف بجدية :-
" جيد .. عملكم صعب وخطير .."
" صحيح لكنه ممتع .."
قالها فادي وهو يبتسم بخفة لتهتف صباح بجدية بينما غالية تتأمل الحديث الدائر بين والدتها وفادي بضيق غير مفهوم :-
" يبدو إنك تحب عملك كثيرا .."
رد فادي بصدق :-
" عملي هو أكثر شيء أحبه في هذه الحياة ... "
" كم هو رائع أن يمارس الإنسان المهنة التي يفضلها .."
قالتها صباح بشرود فأكد فادي حديثها :-
" اتفق معك كثيرا ... "
تنهدت صباح وقالت :-
" الأصعب من ذلك عندما يتعلق الشخص بمجال عمل معين فلا يجد نفسه في سواه .."
" للأسف يحدث أحيانا .. بينما الكثير يتأقلمون في مجالات لا يحبونها او لم تكن إختيارهم المفضل هناك من يفشل في العمل في أي مجال غير المجال الذي يفضله .. رغم قلة ذلك لكنهم موجودين ..."
ابتسمت صباح بمرارة وهي تردد :-
" أخشى أن يحدث هذا مع إبني .. طوال عمره ويعشق محال الصيدلة والكيمياء ... أخشى حقا ألا يستطيع إيجاد نفسه في أي مجال آخر .."
قاطعتها غالية بثقة :-
" سيجد نفسه بالتأكيد .. لا تقلقي .. نديم قوي وأنا أثق بقدرته على التأقلم مع أي وضع كان .."
قال فادي بجدية :-
" الفكرة ليست بالقوة او الضعف .. الفكرة في رغبة الشخص الداخلية .. أحيانا رغباتنا لا تتوافق مع مختلف المجالات .. مثلا الطبيب لا يتخيل نفسه مهندسا ليس لإنه يكره الهندسة تحديدا او يحب الطب كثيرا لكنه لا يجد نفسه في هذا المجال وبالتالي مهما حاول واجتهد ستظل هناك حلقة مفقودة وفراغ داخله يجعل كل شيء حوله صعب ومرهق .. "
" الإنسان مجبر أحيانا على التأقلم مع أي وضع كان عندما لا يجد أمامه بديلا ..."
قالتها غالية بقوة ليرد :-
" تعلمي ألا تعممي الأمور لإنه دائما هناك لكل قاعدة شواذ .."
أضاف وهو يبتسم لصباح بلباقة:-
" لكن اتمنى حقا لإبنك أن يجد مجال عمله يناسبه بل ويحبه أيضا كما أحب الصيدلة ..."
" أتمنى ذلك حقا خاصة إنه سيسافر خارجا .."
هتف فادي جدية :-
" أظن إنه يمكنه ممارسة مهنته خارج البلاد ..."
" حقا ..؟!"
سألت صباح بلهفة لتسأل غالية بدورها بإهتمام :-
" كيف ذلك ..؟!
رد فادي بجدية :-
" غالبا في اوروبا وامريكا مسموح له أن يمارس مهنته بعدما يقوم بإمتحان معادلة لكن ربما يحتاح أن يحصل على وثيقة من النقابة وهنا يوجد بعض الصعوبة .. لكن عموما يستطيع أن يحل الأمر إذا إختار أوروبا او أمريكا تحديدا .."
" هو أساسا سوف يسافر الى امريكا لكنني لم أكن أعلم بهذا النظام ..."
قالتها صباح بدهشة ليهتف فادي بجدية :-
" يمكنني السؤال عن التفاصيل كاملة وإخباركم بها إذا أردتم .."
" نريد بالطبع ..."
قالتها صباح بسرعة ليهتف فادي :-
" حسنا سأبحث في الأمر وأجلب لكم التفاصيل الكاملة قريبا جدا بإذن الله ..."
تلاقت نظراته خلال المرآة مع نظرات غالية ليضيف بجدية :-
" سأتواصل مع الآنسة غالية حينها .."
أشاحت غالية وجهها بعيدا عنه بينما ابتسم هو بتهكم وعاد بتركيزه نحو الطريق مجددا ..
.........................................................................
في منزل والدة حياة كانت أحلام تجهز السفرة بعناية لإستقبال نديم وحياة ..!!
كانت تبدو متوترة بشكل غريب حتى تقدمت منها حنين تسألها بإهتمام :-
" لماذا تبدين متوترة الى هذا الحد يا ماما ..؟! ضيوفنا ليسوا غربا بكل الأحوال .. حياة واحدة منا ونديم أصبح كذلك أيضا كونه زوجها .."
توقفت أحلام مكانها وهتفت بخفوت :-
" انا لست متوترة يا حنين .. انا فقط أشعر بالإختناق الشديد .."
تقدمت منها حنين تسألها بقلق :-
" ماذا حدث ..؟! هل انتِ مريضة ..؟!"
هزت أحلام رأسها نفيا وردت بنفس الخفوت :-
" ستبتعد أختكِ عني مجددا وقبل أن أقضي وقتا كافيا على الأقل معها .."
" لا بأس .. فترة محددة وستعود بعدها .."
قالتها حنين وهي تربت على كف يدها لتبتسم احلام بتهكم مرددة :-
" من يذهب الى تلك البلاد لا يفكر في العودة أبدا يا حنين ..."
شعرت حنين بالقلق لا إراديا من فكرة إستقرار حياة هناك الى الأبد وهي التي أحبت وجودها وشعرت بالسعادة بوجود أخت حقيقية معها وجانبها ..
رن جرس الباب فأفاقت حنين من أفكارها وسارعت تتجه نحوه وتفتحه وهي تردد :-
" سأفتح الباب .."
فتحت الباب وهي تبتسم بسعادة محاولة طرد هذه الأفكار بعيدا عن رأسها الآن ..
إحتضنت حياة بسعادة ثم حيت نديم الذي ربت على كتفها بأخوية ومحبة .
جاءت أحلام وسارعت تحتضن حياة التي فوجئت بها تتعلق بأحضانها بقوة غريبة وكأنها تتشبث بها ..
لاحظ نديم ذلك كما لاحظ ملامح أحلام القلقة فإبتسم مرددا :-
" إمنحيني الفرصة لأحيي والدتك على الأقل يا حياة .."
ابتعدت حياة محاولة إخفاء الألم الذي سكن ملامحها فسارع نديم يحيي أحلام التي رحبت به بحفاوة رغم القلق الذي سيطر عليها بسبب الشعور الذي تكون داخلها بعدم راحة ابنتها وحاجتها الشديدة لها ..
اتجه الجميع نحو صالة الجلوس حيث سارع أشرف للنهوض مرحبا بهم بسعادة واضحة وترحيب حار ..
جلس الجميع في صالة الجلوس يتبادلون الأحاديث بينما أحلام لا ترفع عينيها عن إبنتها التي شعرت إنها تصطنع الإبتسامة والإندماج في الحديث ..
أصبحت المائدة جاهزة فنهض الجميع لتناول الطعام والذي مر بسلاسة قبل أن يجلس نديم مع أشرف مجددا في صالة الجلوس بينما طلبت أحلام من حياة التحدث معها على إنفراد تاركة حنين مع والدها ونديم ..
دلفت حياة أولا الى غرفة والدتها تتبعها أحلام التي أغلقت الباب وتقدمت نحوها بسرعة تسألها وهي تديرها نحوها :-
" هل أنت بخير ..؟! أخبريني عنك .. كيف هي أحوالك ..؟!"
ابتلعت حياة ريقها وردت بصوت حاولت جعله عاديا طبيعيا :-
" انا بخير يا ماما .. "
" لا تكذبي يا حياة .. انتِ لستِ بخير أبدا ..."
قالتها أحلام وهي تقبض على كفها تضيف بتوسل :-
" أخبريني ماذا يحدث معك حبيبتي .. "
ردت حياة بسرعة :-
" حقا لا يوجد .. فقط فكرة السفر الى الخارج والإبتعاد عن البلاد ومن فيها تخيفني قليلا .."
" ولكنني لا أشعر إن هذا السبب الوحيد .."
قالتها أحلام بقلق وعدم اقتناع لتبتسم حياة مرددة وهي تربت على كفها :-
" كلا هذا هو السبب الوحيد وأظن إنه من الطبيعي أن أشعر بالخوف والقلق وعدم الراحة .."
قالت أحلام بجدية :-
" أخبرتك مسبقا وسأخبرك مجددا ... انا دائما هنا ... لا تترددي لحظة واحدة في اللجوء إلي إذا ما حدث شيء ما ... لا تترددي أبدا يا حياة فأنا والدتك ويجب أن أكون دائما معك وجانبك في مختلف الظروف .."
" أشكرك حقا .."
قالتها حياة بصوت متحشرج لتهتف أحلام بجدية :-
" لا تشكريني أبدا .. هذا واجبي وواجب كل أم وأنا تأخرت كثيرا في القيام بواجباتي نحوك .."
جذبتها بعدها تعانقها بقوة لتبادلها حياة عناقها وهي بالكاد تسيطر على دموعها المهددة بالظهور ..
جذبتها والدتها بعدها واتجهت نحو خزانتها الخاصة حيث أخرجت ورقة وأعطتها لحياة التي تفاجئت بشيكا يحمل مبلغا ضخما ...
" ماذا هذا يا ماما ..؟!"
سألتها حياة بعدم إستيعاب لترد أحلام بجدية :-
" غدا صباحا سوف تسحبين هذا المبلغ وتأخذينه معك .. هل فهمت ..؟! "
" كلا لن أفعل ..."
قاطعتها أحلام بقوة وحزم :-
" ستفعلين .. انت لن تذهبي هناك دون أموال خاصة بك .. انا والدتك وما أمنحك إياه أقل بكثير مما يجب أن أمنحه .."
رددت حياة بعدم تصديق :-
" أقل بكثير .. هل تمزحين يا ماما ..؟؟ إنه مبلغ ضخم جدا وسيكفيني لمدة طويلة ونديم أساسا .."
قالت والدتها بسرعة :-
" نديم لا دخل له بهذه الأموال .. هو زوجك ومسؤول عنكِ وأنا والدتك ومسؤولة عنك ايضا .."
" لكن هذا المبلغ كثير .. لا يمكنني أخذه .. "
قالتها حياة بجدية وهي تحاول إعادة الشيك لوالدتها لكن أحلام أوقفتها بحزم وهي تقول :-
" ستأخذينه يا حياة .. إجبارا عنك ستأخذينه .."
أضافت وهي تجذبها من كفها نحو السرير تقول :-
" تعالي الآن ودعينا نتحدث قليلا فغدا سوف تسافرين والله وحده يعلم متى ستعودين .."
...............................................................
بعد مدة من الزمن ..
طرقت حنين على باب غرفة والدتها ودلفت الى الداخل لتنهض حياة من مكانها وهي تبتسم لها مرحبة :-
" تعالي يا حنين ..!"
تقدمت حنين نحوها تحتضنها بقوة فبادلتها حياة عناقها لتسمع حنين تقول بنبرة حزينة :-
" سأشتاق إليك كثيرا .."
غادرت أحلام الغرفة بسرعة كي لا تتأثر أكثر بينما ابتعدت حنين من بين أحضان حياة تضيف :-
" عودي مجددا يا حياة .. انا أحتاج وجودك معي كثيرا .."
ابتسمت حياة تربت على وجهها مرددة :-
" سأعود بالطبع حبيبتي وسأتواصل معك يوميا طوال وجودي هناك وأنت متى ما إحتجتني تواصلي معي فورا .. "
عادت حنين تحتضنها بحزن لتكتم حياة دموعها بالقوة وعاد شعور الغربة يخنقها مجددا ...
في تلك اللحظة تمنت لو تبقى مع والدتها وحنين بدلا من السفر الى الخارج في زيجة منتهية أساسا ...
لكنها كيف ستتراجع بعدما سحبت أوراقها ونقلتها كافة الى احدى الجامعات في الخارج ورتبت أمورها ..
الأمر صعب للغاية وربما لولا ذلك لتراجعت عن قرار السفر بكل تأكيد ...
خرجت بعدها بجانب حنين متجهة حيث صالة الجلوس لتجد نديم ينهض من مكانه مرددا :-
" هل نذهب يا حياة ..؟!"
" حسنا .."
قالتها حياة وهي تهز رأسها موافقة لتبدأ بتوديع عائلتها عندما قالت أحلام بجدية :-
" غدا سنأتي ونودعكم أيضا ..."
احتضنتها حياة مجددا ثم عادت تحتضن حنين التي تعلقت بها بقوة ...
غادرا سويا المنزل فألقت حياة نظرة أخيرة على المنزل الذي بقيت به لأيام قليلة فقط ورغم عدم شعورها بالراحة التامة وقتها لكنها تتمنى الآن لو تعود إليه بدلا من الذهاب مع نديم الى الخارج ..
...................................................................
دلفت حياة الى الشقة يتبعها نديم لتتوجه فورا ناحية غرفتها عندما سمعته ينادي عليها :-
" حياة ، توقفي من فضلك .."
توقفت مكانها تأخذ نفسا عميقا قبل أن تستدير نحوه تسأله بجمود :-
" نعم ، ماذا هناك ..؟!"
تقدم نحوها يسألها بجدية :-
" أريد أن أفهم مالذي يحدث بالضبط .. ؟! الى متى ستظلين هكذا ..؟! "
أضاف يسأل بقلق :-
" هل انت تعيسة معي الى هذا الحد يا حياة ..؟!"
ابتسمت مرغمة ثم قالت بنفس الإبتسامة الحزينة :-
" كلا لست تعيسة .. ولست سعيدة ايضا .. انا لست أي شيء .."
أضافت بعدما أطلقت تنهيدة طويلة :-
" انا أحتاج أن أنفرد بنفسي لمدة بعيدا عن أي شيء .. أحتاج لذلك حقا .."
هتف نديم بجدية :-
" أتفهم ذلك كثيرا .. لكننا غدا سوف نسافر الى الخارج .. سنبدأ حياة جديدة ومختلفة تماما وسنكون لوحدنا نحن الإثنان ..."
اومأت رأسها تهتف بخيبة :-
" أعلم ذلك وهنا أساسا تكمن المشكلة .."
" ماذا تعنين بذلك ...؟! هل لديك مشكلة في السفر ...؟!
"
ردت بصدق :-
" سأكون صريحة معك .. لو كان بيدي لتراجعت عنه تماما .."
سيطرت الدهشة على ملامحها ليسألها بعدم إستيعاب :-
" لماذا ..؟! مالذي تغير ..؟! مالذي حدث لتقولي هذا ..؟!"
ردت بألم ظهر في عينيها :-
" الكثير تغيرر.. داخلي تغير تماما .. مشاعري لم تعد كالسابق وروحي تملؤها الخيبة ..."
" لمَ كل هذا ..؟! لإنني اخطأت لمرة ..؟! هل تريدين إعتذارا يا حياة ..؟! هل تريدين وعدا بعدم تكرار هذا الخطأ ..؟!"
سألها بقوة لترد بدموع تملأ عينيها :-
" المشكلة ليست في ذلك الخطأ .. المشكلة إن ما حدث بعده وما علمته جعلني أدرك الكثير من الحقائق التي كنت للأسف الشديد معمية عنها تماما ..."
هتف بقوة :-
" وانا كنت كذلك  .. معمي عنها تماما مثلك .. "
" لا تقارن بيننا .. انت اخترت أن تعمي عينيك عن الحقيقة حولك مثلما إخترت أن تتجاهل الحقيقة كاملة ... ومثلما تريد الآن الإبتعاد دون حتى أن تفكر في جميع من تتركهم خلفك وأولهم تلك التي ضحت بسنوات من عمرها لأجلك .."
" هل تظنين إنني شخص أناني وعديم الإحساس لهذه الدرجة حقا يا حياة ..؟!"
سألها مصدوما لترد بتعب وهي تجلس على الكنبة وقد أرهقها تفكيرها المستمر منذ البارحة حتى هذه اللحظة بشدة :-
" انا لم أعد أعرف شيئا .. لم أعد أعرف أي شيء .."
رفعت وجهها نحوه تضيف بملامح تائهة :-
" انا في دوامة كبيرة يا نديم .. دوامة لا أعرف طريق الخروج منها والمصيبة إنني من وضعت نفسي في هذه الدوامة .."
تقدم نحوها منحنيا بجسده للأسفل حتى بات في مستواها ليهتف بجدية :-
" إنظري إلي ..."
نظرت إليه بعينين حمراوين ليضيف بقوة :-
" انا كما أنا يا حياة .. كما عرفتني دوما .. ربما لم أعد مثاليا كالسابق .. ربما ما حدث معي خلق داخلي جزءا أنانيا لا يفكر سوى بنفسه وراحته لكنني لست سيئا لهذه الدرجة كما أخبرتك منذ أول حديث صريح بيننا إنني تغيرت كثيرا بعد تجربتي في السجن والحياة معي لن تكون سهلة أبدا فآثار السجن وما حدث في الماضي ستظل محفورة داخلي والشفاء منها ليس هينا أبدا .."
" وليلى ..؟!"
سألته بصوت مبحوح ليجيب بإختناق :-
" ليلى أحببتها كثيرا .. مشاعري نحوها كانت صادقة وحقيقية للغاية .. لكن الحياة أخذتنا الى منحنى مختلف ... القدر لم يكن معنا .. هل تظنين إنني بالفعل لا اتألم بسبب ما عايشته بسببي ..؟! هل تظنين إن ضميري لا يؤنبني لإنني لم أسمعها ولو مرة واحدة ...؟! لكنني تعلمت منذ سنوات أن أخفي الكثير داخلي لذا لا تحكمين على الظاهر فقط .."
" عد إليها .. انت تحبها .."
قاطعها بجدية :-
" انت لا تفهمين بعد ما أعنيه .. أنت للإسف لا تفكرين بشيء واحد وهو مشاعري وحبي لها .."
هتفت مدافعة عن نفسها :-
" بالطبع لا .. انا لست كذلك .. انا فكرت جديا بكل شيء .. درست كل شيء ولم أجد سوى حل واحد لنا وهو الإنفصال .."
" ولكنني لا أريد الإنفصال عنك .."
قالها بجدية لتهمس بدموع متجمعة داخل مقلتيها :-
" وانا لا يمكنني الإستمرار في علاقة معقدة كهذه .. علاقة ميؤوس منها .. انا آسفة .. آسفة لإنني تراجعت عن قراري بالمحاولةولكنني ..."
قاطعها بجدية :-
" انت لا يمكنكِ أن تتخذي قرارا كهذا لوحدك ... لا يمكنكِ أن تقرري الإنفصال لوحدك .."
" لكنك اتخذت الكثير من القرارات التي تخصنا لوحدك ..؟!"
سألها بجدية :-
" عن أي قرارات تتحدثين ..؟!"
ردت بقوة :-
" أخفيت عني معرفتك بسر زواج ليلى من عمار يوم الزفاف ... قررت من ذاتك أن تخفي الأمر داخلك ولا تخبرني بشيء مهم كهذا .. "
رد بنفس القوة :-
" لإن هذا الشيء لا يخصك .. هذا الشيء يخصني أنا ولا يخصك أنتِ .."
انتفضت من مكانها تصيح بنفاذ صبر :-
" ومشاعرك أيضا لا تخصني ..؟!"
نهض بدوره مرددا بعصبية :-
" ما علاقة مشاعري بالأمر ..؟! ماذا تعرفين أنتِ عن مشاعري أساسا ..؟! ماذا تعرفين عما أشعر به وعما أعانيه ..؟!"
" لماذا لا تخبرني إذا ..؟! لماذا تخفي عني حقيقة مشاعرك ..؟! لماذا يا نديم ..؟! لإن مشاعرك تخص واحدة أخرى ..؟! "
قاطعها يضحك بعدم تصديق :-
" كالعادة دائما ما تفسرين الأمور على طريقتك .. دائما ما تحددين جوابي من ذاتك .. تجيبين على سؤالك بنفسك .. دائما ما تحاولين أن تثبتي إن الحق معك ..."
" إذا الحق ليس معي ... أخبرني الحقيقة إذا .."
صرخ بتعب وإنهيار :-
" هل سترتاحين عندما أخبرك عن تشتت مشاعري منذ يوم الزفاف ..؟! هل سترتاحين عندما تعلمين بعذاب الضمير الذي أعايشه منذ تلك الليلة لما أصاب ليلى بسببي ..؟! لمَ تعرضت له دون أي ذنب ..؟! هل سترتاحين عندما تعلمين إنني نادم على قسوتي معها وتجاهلي لها بشكل مؤلم ..؟! وهل سترتاحين عندما تعلمين كم ألوم نفسي لإنني لم أفكر للحظة واحدة إن هناك دافع آخر لزواجها من أخي غير الشيء الذي علمته ..؟! هل يريحك هذا ..؟! ولكن الأهم ، هل سوف تستطيعين الفصل بين معاناتي هذه وبين مشاعري وما أريده الآن ..؟!"
هزت رأسها بعدم تصديق قبل أن تهمس بصوت حازم رغم خفوته:-
" طلقني .. نحن لا يمكن أن نستمر هكذا .."
تحركت خارج المكان عندما أوقفها يصرخ بقوة :-
" هل أدركتِ الآن لماذا لم أخبرك بكل هذا ..؟! لإنك كالعادة تنسحبين فورا دون حتى أن تفهمي بالضبط ما أعنيه ... تحللين مشاعري بناء على تفكيرك .. لا تراعين حتى مدى ضياعي وتشتتي والأهم من ذلك تتناسين إنك عاهدتني على الإستمرار سويا رغم كل شيء .. بينما أنا كنت صريحا معك منذ اول يوم وبينما أنا متمسك بك لآخر نفس تهربين أنت من أول مواجهة وتناقضين عهدك لي بكل بساطة .."
صاحت بعدم استيعاب :-
" هل أصبحت أنا المذنبة الآن .. وعديمة الإحساس بك .."
قبض على ذراعيها يهمس بقوة :-
" لا يمكنكِ أن تنكري أبدا إنني لم أخدعك يوما وإنني كنت صريحا معك منذ اللحظة الاولى وما زلت كذلك .. اذا كنتِ تحاولين ربط كل شيء بعلاقتنا ورغبتي بالزواج منك فهذه مشكلتك انت يا حياة .. إنعدام ثقتك بي وبتمسكِ بك وصدق رغبتي بك مشكلتك وليست مشكلتي انا .."
أضاف وهو يلهث بتعب :-
" منذ يوم الزفاف وانتِ تلقين اللوم علي .. تتعاملين معي وكأنني مجرم .. نذل ومخادع .. تفهمتك كثيرا لكنني لا يمكنني السكوت أكثر .."
أضاف بلهجة قوية :-
" بينما أنا أحاول التمسك بك بكافة الطرق .. أحاول بناء حياة ناجحة لنا وإستمرار إرتباطنا أنت لم تفعلي شيئا منذ ذلك اليوم حتى الآن سوى محاولاتك لهدم كل ما أحاول بناءه ... أي علاقة في هذه العالم تحتاج الى جهد كبير من كلا الطرفين كي تستمر وتنجح وانا إخترتك وظننت إننا سننجح سويا .. انا وجدت بك المرأة التي أريدها وأبحث عنها وأرغب في إكمال ما تبقى من عمري معها لكنكِ كالعادة لا تستوعبين هذا او بالأحرى ترفضين تصديقه .."
تركها وغادر متجها نحو غرفته لتبقى وحدها في المكان تنتحب بشدة حالها وما وصلت إليه بل ما وصلا إليه كلاهما ..
....................................................................

حبيسة قلبه المظلم ( الجزء الأول من سلسلة ضباب الروح ) Where stories live. Discover now