الفصل الخامس والثلاثون ( الجزء الاول )

4K 166 22
                                    

في صباح اليوم التالي ..
كانت تجلس أمامه ومعهما مجموعة من المدراء والموظفين يناقشون أمر الصفقة التي تجمع شركة والدها بشركته تحاول أن تركز جيدا وتفهم فهي ما زالت جديدة في مجال العمل وتحتاج الى وقت لإستيعاب هذا الكم من التراكمات والأعمال ..!!
انتهى الاجتماع الأخير بعد أكثر من ساعتين ليخرج الموجودين تدريجيا حتى فرغت الغرفة تماما ولم يتبقَ سوى هي وهو !!
نظر عمار إليها وسأل :-
" كيف حال والدك ..؟!"
أجابته بدبلوماسية وهي تلملم أغراضها :-
" افضل الحمد لله .."
" الحمد لله .."
تمتم بها بخفوت فتوقفت هي عما تفعله ونظرت إليه وقالت :-
" نحن يجب أن نتحدث بشأن موضوع الشيكات .."
قاطعها بجدية :-
" سنفعل ولكن قبلها سأخبرك شيئا هاما .."
شعرت بالخوف يدب في قلبها فمالذي سيخبرها به عمار ..؟!
عمار لا يأتي منه سوى الشر فما هو نوع الشر القادم ..؟!
سألته بقلق :-
" تحدث .."
صمت قليلا ثم قال بجدية :-
" انا سأتزوج .."
" نعم .."
قالتها بصوت مرتفع لا إراديا فسأل مستغربا :-
" ماذا حدث ..؟!"
هدرت به :-
" ما علاقتي انا بهذا ..؟! تتزوج او تذهب الى الجحيم ..؟! ما شأني أنا ..؟!"
كز على أسنانه مرددا :-
"حسنا اهدئي اولا .. "
اخذت نفسا عميقا وارتخى جسدها أخيرا بعد تشنجه طوال لحظات انتظارها سماع ما يريد قوله رغم إن اللحظات لا تصل الى دقيقة واحدة !!
نظرت اليه تسأله ببرود :-
" حسنا ما شأني أنا بزواجك من عدمه ..؟! لماذا تخبرني بهذا أساسا ..؟!"
ابتسم مرددا بمكر محاولا إستفزازها :-
" ومن أفضل منك ويمتلك ذوقا أجمل من ذوقك لأخذ رأيه في عروسي ..؟!"
" عمار لا تستفزني .."
قالتها ليلى بنفاذ صبر ليتنهد ثم يهتف بها :-
" في الحقيقة فقط أريد منك أن تمدحيني أمامها عندما تسألك عني ..."
صاحت بعدم استيعاب :-
" انت بالتأكيد تمزح معي ..."
ضحك مرغما ثم قال يدعي المزاح :-
" أحب إغضابك يا لولا .."
صاحت بنفاذ صبر :-
" انظر لا ينقصني سواك ... كف عن التساخف .."
تراجع بظهره الى الخلف متحدثا بجدية اخيرا:-
" حسنا سأكف عن التساخف واتحدث .. في الحقيقة انا قررت الزواج .. قراري جدي هذه المرة يعني اريد زواج واستقرار .."
قاطعته بملل :-
" حسنا ، لا أفهم حتى الآن .. ما علاقتي انا بكل هذا ..؟!"
رد بضيق :-
" ربما لو تمنحيني الفرصة لأنتهي من حديثي ستفهمين .."
تنهدت بصوت مسموع ثم نظرت اليه تستمع الى ما سيقول ليقول :-
" العروس تعرفينها .. تعرفينها جيدا ايضا ..."
" عمن تتحدث ..؟!"
سألته بتفكير ليرد بجدية :-
" شيرين .. "
صممت للحظات تستوعب ما قاله قبل أن تتسائل :-
" شيرين صديقتي ... ؟! لا أصدق .. متى عادت من الخارج أساسا و ..."
قاطعها :-
" تطلقت وعادت منذ عدة اشهر .. وانا عرضت عليها الزواج رسميا بل تحدث مع عائلتها ايضا .."
" وهل هي موافقة ..؟!"
سألته بإهتمام ليرد بثقة :-
" ستوافق .. "
"جيد .. اذا ما المطلوب مني ..؟!"
سألته بلا مبالاة ليرد بهدوء :-
" ليس مطلوب منك اي شيء .. فقط أردت إخبارك ليكون لديك علم كون شيرين صديقتكِ المقربة وايضا كي لا تتسببي بمشاكل لي مجددا معها كما حدث سابقا .."
" صديقتي هذه انا لم أرها منذ أعوام ولم نتواصل نهائيا طوال الأعوام السابقة .."
" حقا ..؟! ظننت إنكما إلتقيتما بعد عودتها ..؟!"
ردت ببرود :-
" كلا لم نلتق ولن نلتقي بالتأكيد ..."
ضحك بخفة مرددا :-
" لإنها ستتزوج بي ، أليس كذلك ..؟!"
سألته :-
" هل يوجد سببا آخر برأيك ..؟!"
هتف بخفة :-
" لا تكوني قاسية يا لولا .. لا تعلمين ربما كل شيء يتغير .. تستعيدين صداقتك مع شيرين ومن خلال هذا نصبح نحن ايضا اصدقاء .."
" لماذا هل جننت ..؟! اسمعني يا عمار .. امر زواجك من شيرين لا يخصني .. هي حرة وانت كذلك .. إذا أردتما الزواج فهنيئا لكما .. "
ردد بجدية :-
" المهم ألا تتصرفي كمصلحة إجتماعية وتذهبين وتنصحينها برفضي .."
هتفت بإستخفاف معتمد :-
" هل تخاف أن أفعلها وأخبرها بكل قذاراتك فتتراجع وترفض الزواج بك ..؟!"
" ليلى .."
قالها بتحذير لترد بقوة :-
" لا تخاف .. لا أنوي فعلها .. هل تعلم لماذا ..؟! لإن المرأة التي توافق أن تتزوج رجلا دمر أخيه وسرق خطيبته لن يهمها أي أشياء اخرى .. يبدو إنها ما زالت مغرمة بك ومجنونة بحبك .. هذا التفسير الوحيد لموافقتها على الزواج بك .."
" على العموم كلامي واضحا ولن أكرره .."
قالها بملل لتهتف بجدية :-
" لا تقلق .. لا أفكر بفعل شيء كهذا أبدا .."
أضافت بجدية :-
" المهم دعنا نتحدث بأمر الشيكات و .."
قاطعها :-
" سنتحدث .. اساسا انا سأختصر الموضوع تماما .."
صمت قليلا قم قال :-
" انا أطلبك مبلغ كبير جدا .. اعلم جيدا وضع شركتكِ المادي حاليا .. انت تحتاجين الى وقت لتسديد هذا المبلغ وبالتأكيد سيكون التسديد على دفعات .."
أكمل بجدية :-
" لقد قررت .. سأمنحك وقتا مفتوح مبدئيا حتى تستعيد الشركة نشاطها التجاري وبعدها ستبدئين بتسديد الديون على دفعات .. مثلا مليون دولار كل عام او نصف مليون .. حسب ميزانية الشركة .."
تطلعت إليه مرددة بعدم تصديق :-
" انت تتحدث بصدق .."
رد ببساطة :-
" انا لا أمزح في مواضيع المال والعمل .. نعم أتحدث بكل جدية وصدق .."
" لكن هذا يعني إن التسديد سيأخذ أعواما طويلة ...؟!"
هتفت بها بدهشة ليردد بعدم اهتمام :-
" وما المشكلة في ذلك ..؟! طالما اموالي ستعود الي كاملة في النهاية فليس مهما كم عام ستأخد حتى تعود المهم إنها ستعود .."
سألته بشك :-
" ومالذي يجبرك على هذا ...؟! لماذا ستتحمل وتنتظر سنوات لتسديد المبلغ ..؟!"
رد بعقلانية :-
" ليس حبا فيكِ بالطبع .. ولكن انا اعرف وضعكِ جيدا ووضع الشركة السيء .. وفي نفس الوقت انا وضعي المادي وممتاز ... ميزانية الشركة عندي ممتازة بل اكثر من ممتازة .. وهذا المبلغ مجرد زيادة لا اكثر .. لذا لماذا سأضغط عليك وأطلب منك التسديد بسرعة وانا لا أحتاج الى المبلغ اساسا ولن يؤثر علي وفي المقابل وضعك أيضا لا يسمح بالتسديد .. لذا هذا الحل الأمثل .."
تظلعت إليه بصمت تتأمله بريبة تحاول أن تفهم ما يدور داخل عقله الشيطاني ..!!
هتفت بعدم اقتناع :-
" في الحقيقة يصعب علي تصديق هذا ..."
سألها بملل :-
" لماذا ..؟!"
ردت بجدية :-
" انت لا تفعل شيئا لله يا عمار .. بالتأكيد هناك شيء كا تخطط له وراء هذا .."
" شيء ماذا يا ليلى ..؟! اطمئني لا يوجد شيء .."
" حقا ..؟! بكل الأحوال ستظل رقبتي بين يديك طالما الشيكات معك والله وحده يعلم ماذا ستطلب مني مستقبلا مقابل عدم تسديد الشيكات ..؟!"
تمتم بخفوت :-
" بكل الاحوال صلاحية الشيكات لعامين .."
قاطعته بجدية :-
" نعم هذا ما وقعنا عليه ولكنني بالطبع لا يمكنني تسديد اكثر من ربع المبلغ خلال العامين القادمين وربما حتى ربع المبلغ لا يمكنني تسديده لإن وضع الشركة مجهول تماما .."
" إذا أنت تظنين إنني اكذب فيما أقوله ولست صادقا وإنني سأستغلك يوما ما مقابل هذه الشيكات ..؟!"
" لو كنت مكاني ، هل كنت ستصدق هذا الكلام الغير منطقي ..؟!"
" ولم لا ..؟!"
رددها ببرود لترفع حاجبها قائلة :-
" لإنني أعرفك يا عمار .. نحن عشرة سنوات ..ولإني أعرفك جيدا أعرف إن هذا التصرف اللطيف الإنساني لا يناسبك .. !! مثلما أعلم جيدا إنك أكثر شخص يجيد انتهاز الفرص للتحكم بمن حوله .."
انحنى بجسده متقدما نحوها قليلا مرددا :-
" انت تظلمينني يا ليلى .. وسأثبت لك ذلك .."
عاد يتراجع الى الخلف مضيفا :-
" خلال أيام سآتي ومعي المحامي الخاص بي .. رسميا سأمدد فترة تسديد الشيكات لعشرة اعوام قادمة ... وسنوثق ذلك ايضا .. اظن لا يوجد تأكيد اكثر من هذا .."
انعقد لسانها داخل فمها وهي تحاول استيعاب ما يقول ..
هل جن هذا الرجل ..؟!
هل هو مريض وسيموت قريبا ويريد التكفير عن ذنوبه ..؟!
سخرت من تفكيرها وهمت بالتحدث عندما قاطعتها السكرتيرة التي دخلت تخبرها :-
" ليلى هانم .. زاهر بك في الخارج ويريد رؤيتك .."
نهض عمار على الفور مرددا وهو يغلق أزرار سترته :-
" انا سأذهب الآن .."
اكمل وهو ينحني نحوها هامسا لها :-
" لا داعي أن نجعل العاشق الولهان ينتظر كثيرا في الخارج .."
منحته نظرات حادة قوية ليبتسم بمكر قبل أن يتحرك خارج المكان فيجد زاهر في الخارج فيحييه بإيماءة من رأسه ليرد زاهر تحيته بإيماءة مختصرة قبل أن يسمع السكرتيرة تخبره إن ليلى تنتظره في الداخل ..
.................................................................

حبيسة قلبه المظلم ( الجزء الأول من سلسلة ضباب الروح ) Onde histórias criam vida. Descubra agora