الفصل الثامن والعشرون

4.4K 185 39
                                    

الفصل الثامن والعشرون

" انا موافقة يا نديم .. موافقة على الزواج بك .. موافقة على السفر معك الى الخارج .. موافقة على بداية جديدة تجمعنا سويا بعيدا عن هنا ... موافقة يا نديم ..."
وهذه المرة كان دوره للتشبث بها غير مصدقا لما تقوله أمامه .. لما تتفوه به .. لما أراد سماعه منذ مدة .. منذ أن أدرك صعوبة ما ينتظره .. صعوبة تحقيق أي نجاح بوضعه الجديد وفي بلد كهذا ومجتمع يرفضه ...
ربما قد يبدو جبانا في نظر البعض لإنه هرب من اول صدام ... قرر الهروب دون المحاولة حتى لكن علام سيحاول وماذا سيجني من محاولاته بالضبط ..؟!
هو أكثر من يفهم ويدرك حقيقة المجتمع الذي يحيا به .. خاصة مجتمعه هو تحديدا .. المجتمع الراقي وذوي الطبقة الإرستقراطية والذي لطالما كان واحدا منهم يفهمهم ويدرك أفكارهم جيدا ..
كون عائلته وابناء عمومه تقبلوه لإدراكهم حقيقة برائته ومعرفته عن قرب فهذا لا يعني أبدا أن يتقبله البقية مهما حدث ..
ستظل تلك التهمة وصمة عار ملتصقة في جبينه حتى آخر العمر ..
" نديم .."
سمع همستها الرقيقة وهي تحاول الإبتعاد عنه قليلا فأدرك إنه ما زال يحتضنها حتى طالت مدة عناقهما ..
أبعدها عنه برفق وكأنها ماسة ثمينة يخشى أن تصاب بخدش صغير حتى ومد كفيه يحيطان وجهها دون أن يلمسه بالمعنى الحرفي وهمس متسائلا بلهفة مكتومة :-
" هل متأكدة من قرارك ..؟! هل تستوعبين تبعاته ..؟! هل أنت واثقة من رغبتك في السفر معي وترك كل شيء خلفك ..؟!"
إزدردت لعابها وأخذت تهز برأسها قبل أن تجيب بصوت خافت لكنه قوي وواثق :-
" اليوم انا إتخذت قراري يا نديم .. قرار لا رجعة عنه .. سنتزوج ونسافر سويا .. نبدأ من جديد ... انت وأنا هناك حيث بداية جديدة وحياة جديدة .. "
" هذا كل ما أريده .."
قالها وهو يحتضن وجهها بالفعل هذه المرة لتبتسم بقوة قبل أن تبادر بالقول :-
" لكن عليك أن تفهم إنه لا مجال للتهاون مهما حدث .. ما إن نصل الى وجهتنا سنبدأ بالعمل .. انا سأدرس وانت ستعمل .. يجب أن ننجح يا نديم .. انت تستحق النجاح وأنا أريد بدوري أريد أن أنجح بل أثبت وجودي في مجال دراستي .."
" سأكون معك خطوة بخطوة وأدعمك دائما .."
قالها بثقة لتبتسم وهي تردد بدورها :-
" وأنا سأكون بجوارك دائما .. معك في كل خطوة تخطيها ... "
سألها بجدية :-
" هل ستتحملين الغربة ..؟! اختلاف العادات والتقاليد واللغة وكل شيء ..؟!"
ابتسمت ترد ببساطة :-
" سنتحمل سويا .. في البداية سيبدو الوضع غريبا وكل شيء مختلف .. لكن مع مرور الوقت سنعتاد ونتعايش مع كل هذه الإختلافات ... "
أضافت تتسائل وهي ترى شيئا من عدم الراحة يسكن ملامحه :-
" ماذا حدث الآن ..؟! تبدو غير مرتاحا .. "
تنهد وأجاب :-
" لا أعلم ولكنني لا أستوعب إن كل شيء سيتم بهذه البساطة .. موافقتك السريعة فاجئتني .."
سألته بدهشة :-
" هل أنت متردد في قرارك ..؟!"
رد بسرعة وجدية مطلقة :-
" أبدا .. انا لست مترددا .. انا فقط أصبحت أخشى التغيير المفاجئ خاصة عندما يكون تغيرا نحو الأفضل .."
أطلق تنهيدة طويلة ثم قال بصراحة :-
" حياتي أصبحت مرتبطة بك كليا يا حياة .. أخشى أن يحدث شيئا يوما ما ويبعدك عني .. حينها سيتدمر كل شيء .. وانا سأتحطم كليا .."
ارتجف قلبها من كلماتها التي شعرت إنها تشبه أفكارها الدائمة .. هل يشعر بما تفكر به وكيف تشعر دائما إن علاقتهما سوف تنتهي يوما ما لا محالة ..؟!
" لماذا تفكر هكذا ..؟! انا لن أبتعد عنك إلا .."
توقفت عن حديثها عاجزة عن إكمال المزيد ليسألها بهدوء :-
" إلا إذا ماذا ..؟!"
ردت بعد لحظات صمت قصيرة :-
" إلا إذا شعرت إن وجودي في حياتك لم يعد مهما .. "
"وجودك دائما سيكون مهما في حياتي وانتِ تعلمين ذلك .."
قالها بجدية لتبتسم بتوتر وهي تردد :-
" برأيي دعنا نترك كل شيء لوقته المناسب ... لنرى ما يحمله الوقت لنا ومالذي سيتغير في حياتنا .. "
" ولكنني أريد وعدا ..؟!"
بدا مصرا في نبرته فسألته بترقب :-
" وعدا بخصوص ماذا ..؟!"
رد بقوة وثبات :-
"وعدا ألا تتركيني مهما حدث ولا تتخلي عني أبدا .. وعدا أن تبقين معي وتبقى يدك ممسكة بيدي الى الابد .. "
إبتلعت ريقها بتوتر لحظي لكنها أزاحته جانبا وهي ترد بهدوء :-
" أعدك إنني سأفعل طالما أنت تريد هذا وطالما شعورك هذا لم يتغير ... "
وكلمة شعورك تلك بدت غامضة ولكنها وحدها من كانت تفهم ما تقصده خلف كلماتها وإن وعدها هذا يحمل بين طياته الكثير ...
.......................................................................
" ماذا يحدث يا مريم ..؟!"
سألت والدتها بصوت مرتعب مما تراه على ملامح ابنتها بعد تلك الصرخة المخيفة التي صدرت منها بكلمة واحدة لا غير ..
" لماذا ...؟!"
خرجت كصرخة مدوية من أعماق روحها وسؤالها موجها له هو من يقف مخفضا رأسه بعدما انكشف كل شيء ..
تقدمت فاتن نحو ابنتها تسألها بقلق غير منتبهة لوضع زوجها ولا جمود ابنتها الكبرى :-
" ماذا بك يا مريم ..؟! ما مشكلتك يا حبيبتي ..؟!"
حاولت لمستها لكن مريم إبتعدت عنها فورا وأخذت تشير الى والدها متسائلة :-
" هل تخبرها أنت أم أخبرها أنا ..؟!"
نقلت فاتن بصرها بين زوجها بملامحه الشاحبة تماما وابنتها الغاضبة بقوة عندما تقدمت ليلى تقبض على ذراع مريم تهمس لها بصوت خافت :-
" تعالي معي يا مريم .."
لكن مريم دفعتها بقوة وهي تصرخ بها :-
" انتِ اخرسي تماما .. كنت تعلمين بكل شيء وتكذبين علينا .."
" مريم .."
نهرتها ليلى بصدمة من تصرف اختها لكن صرخة والدتها القوية صدحت تهتف بهم جميعا :-
" أريد أن أفهم ما يحدث هنا بالضبط ..."
إلتفتت مريم نحوها تتحدث والدموع بدأت تتساقط من عينيها :-
" سأخبرك ماما .. والدي العزيز متزوج .. متزوج منذ عدة اعوام .. ولديه صبي ايضا ..وزوجته حامل بآخر .."
شهقت ليلى رغما عنها بينما ظلت والدتها صامتة تتابع شهقات مريم الباكية والتي تؤكد إن هذه ليست مزحة سخيفة ..
مريم التي لم تبكِ يوما بهذه الطريقة من قبل .. لم تكن تبكي بل كانت منهارة ...
" مستحيل ..."
همست بها فاتن وهي تلتفت نحو زوجها وعيناه المنخفضتان تخشى مواجهة عينيها ..
" احمد تحدث .."
همست بها مجددا وبالرغم من ثبوتها الظاهري وبالرغم من كونها تدرك إن ما سمعته حقيقي لكنها كانت تحاول الإنكار وترجوه من خلال كلمتيها تلك أن ينفي ما سمعته ..
نطق أحمد أخيرا وعيناه ما زالتا كما هما :-
" هذا صحيح ..."
وضعت فاتن يدها على صدرها تلقائيا وشعرت بألم حاد في قلبها .. شعرت بإنها ستموت في تلك اللحظة لا محالة ..
مر شريط حياتها أمامها معه .. حبهما الكبير والذي لم تغيره السنوات كما كانت تظن .. طفلها الصغير الذي فقدته بعد أيام من ولادته وأصبحت بعدها غير قادرة على الإنجاب .. وعده إنه لن يتزوج سواها وسيكتفي بالفتاتين فقط لأجلها ... تضحياتها الكثيرة لأجله ...
مر كل شيء أمامها عينيها لتكتشف بالنهاية إن كل ما جمعهما يوما كان كذبة .. كذبة كبيرة ..
" لماذا ...؟!"
سألته بصوت جاف وملامحها ما زالت على ثباتها رغم الألم الذي يكوي روحها والأفكار المدمرة داخل عقلها ..
تأملت ليلى مظهر والدتها الثابت بقلق فهذا الثبات سيكون خلفه إنهيار مخيف لا محالة ..
اما مريم فكانت تبكي فقط .. تبكي بأحاسيس كثيرة ...
" فاتن أنا .."
توقف ولم يستطع الإكمال .. ماذا سيقول في تلك اللحظة وما هو مبرره ..؟!
" بعد كل هذه السنوات يا أحمد .. "
قالتها بنبرة معاتبة رقيقة وقد ظهرت الهشاشة على ملامحها هذه المرة ليهمس بندم :-
" كنت مجبرا .. أردت صبيا .. تزوجتها لأجل الصبي ليس أكثر .."
صاحت بقوة هذه المرة رغم الضعف الذي بدأ يحتل كل جسدها كما تشعر :-
" كان عليك أن تخبرني .. كان علي أن أعلم بكل شيء ..."
" فاتن .."
قالها ولأول مرة ينظر في عينيها فهمست بقوة وعيناها تجابهان عينيه بتحدي :-
" طلقني ..."
هز رأسه نفيا وقبل أن يعترض كانت تضيف بقوة :-
" ورقة طلاقي تصلني خلال ايام .. وهذا المنزل لن أبقى فيه لحظة واحدة بعد الآن .."
تحركت مندفعة خارج المكان نحو الطابق العلوي حيث غرفتها ليهتف أحمد بليلى :-
" إذهبي خلفها يا ليلى ... لا تدعيها تغادر .. أخبريها إنه منزلها .."
وعلى آثر كلمات والدها ركضت ليلى مسرعة خلف والدتها بعدما هزت رأسها عدة مرات بلا وعي بينما وقفت مريم أمام والدها الوجه بالوجه فصاحت بإنفعال :-
" لماذا فعلت هذا ..؟! لماذا فعلت بنا هذا ..؟! لماذا دمرتنا ..؟!"
حاول ان يقترب منها وهو يهمس بإسمها لكنها قذفته بكلمات قاسية حيث رددت من بين دموعها :-
" الآن فقط عليك أن تعلم إنني أكرهك .. أكرهك جدا ولا أريد رؤيتك بعد الآن .. لا أريد معرفتك أساسا ..."
ضربت الأرض بقدميها وكأنها تفرغ غضبها بها ثم انطلقت خارج المكان حيث اتجهت نحو والدتها تاركة والدها لوحده يحاول أن يستوعب كم ما يمر به ونغزات خفيفة بدأ يشعر بها في صدره ...
....................................................................
اندفعت ليلى داخل غرفة والديها حيث كانت والدتها تلقي بملابسها في حقيبة سفر كبيرة عندما ركضت نحوها تهتف بها بتوسل :-
" ماما من فضلك توقفي .. لا تفعلي هذا .. لا تتركي منزلك .."
ردت والدتها وهي تغالب دموعها التي تنذر بالتساقط :-
" هذا لم يعد منزلي .. فصاحب المنزل لم يعد زوجي بعدما فعله .."
" بلى هو منزلك .. والله منزلك .."
قالتها ليلى بتوسل وهي تحاول أن تمنعها عما تفعله لكن والدتها هتفت وهي تقف في وجهها :-
" ليس منزلي بعد الآن .."
اضافت وهي تشهق باكية :-
" سأتركه لهما .. هو وزوجته .. والدة الصبي .. من منحته الوريث الذي حلم به طويلا .. من الآن فصاعدا لا مكان لي هنا .."
توقفت عن الحديث وهي ترى مريم تندفع بقوة الى الداخل  تهتف بنفس الغضب :-
" أنا أيضا سأذهب معك .. لا مكان لي هنا بعدما حدث .."
" توقفا أنتما الإثنتان .."
قالتها ليلى بتوسل وهي تقف بينهما لتصرخ بها مريم بعصبية :-
" انت بالذات إصمتي ولا تتحدثي .. كنت تكذبين علينا طوال تلك الفترة .."
هتفت فاتن بعدم تصديق :-
" هل كنت تعلمين حقا يا ليلى ..؟!"
ردت مريم بسرعة واندفاع :-
" نعم كانت تعلم أم نسيتِ تلك التمثيلية التي فعلتها بسهام وعمتي ..."
تجمدت ملامح فاتن للحظات قبل أن تهمس بعدم تصديق :-
" سهام ..!! هل هي زوجته ..؟!"
رمقت ليلى مريم بنظرات مشتعلة قبل أن تستدير نحو والدتها تهمس برجاء وهي تحاول إحتضانها :-
" تزوجها لأجل الصبي فقط وبعد محاولات كثيرة من عماتي .. هو لم يكن يريدها وهي لا تمثل له أي شيء .."
أبعدتها فاتن عنها وهي تردد بعدم وعي :-
" سهام .. تزوج سهام .. ابنة خاله .. يا إلهي كم كنت حمقاء .."
أضافت وهي تشير الى نفسها بهذيان :-
" انا كنت أحبها كثيرا وأتعاطف معها دائما .. كنت حزينة لإنها تطلقت مرتين ... انا حتى فكرت بتزويجها لإبن عمي الأرمل .. كانت تتواصل معي دائما وتأتي هنا .. كانت تفعل كل ذلك وهي متزوجة من زوجي .. كانت ضرتي طوال هذه المدة وأنا لا أعلم .."
هتفت ليلى بصوت باكي على حال والدتها :-
" ماما من فضلك .."
لكن فاتن صاحت بقوة وانفعال مخيف :-
" سيطلقني الآن .. والله لن أبقى على ذمته لحظة واحدة .."
ثم اندفعت تجذب بقية ملابسها وهي تصرخ بمريم :-
" نادي على الخادمة تساعدني في جمع ملابسي .."
" توقفي يا مريم .."
قالتها ليلى بصرامة قبل ان تهتف وهي تسحب الملابس من يد والدتها :-
" لماذا لا تفهميني ..؟! هذا منزلك .."
قاطعتها والدتها بعصبية :-
" انت بالذات لا تتحدثي .. منذ متى تعلمين ولم تخبريني ..؟! كيف أخفيتِ عني شيئا كهذا ..؟! كيف ..؟!"
هتفت ليلى بدموع باكية :-
" والله كنت سأخبرك .. كنت انتظر الوقت المناسب .."
صاحت مريم بسخرية :-
" ومتى هذا الوقت من وجهة نظرك يا هانم ..؟!"
التفتت ليلى نحوها تردد بقوة ودموعها ما زالت تغطي وجهها :-
" انا كنت مضطرة لذلك .. أخفيت الموضوع عنكما لسبب في رأسي .. لو كان لدي ثقة إنكما ستوافقاني وستفعلان ما أريده منكما بعدما تعلمان لكنت أخبرتكما دون تردد .."
أضافت وهي تنقل بصرها بين والدتها واختها :-
" هل تريدان معرفة لماذا أخفيت الموضوع عنكما وماذا كانت نتيجة ما فعلته ..؟!"
أضافت دون أن تنتظر جوابا منهما :-
" دقيقة واحدة وسأعود إليكما .."
ثم اندفعت خارج المكان تتوجه نحو غرفتها حيث فتحت الخزانة بسرعة تخرج منها نسخ للأوراق الخاصة بتنازل والدها عن أملاكه لها ولأختها ووالدتها ..
اندفعت خارج الغرفة عائدة الى غرفة والدتها حيث تقدمت نحويهما وهي تحرك الأوراق في وجههما مرددة بإنفعال مكتوم :-
" هذا ما جعلني أخفيت الموضوع عنكما .. لهذا إضطررت ألا أخبركما بشيء .. انتظرت حتى أنتهي مما أريده ..."
" ما هذه الأوراق ..؟!"
سألتها مريم وهي تسحب الاوراق وتقلب فيها لترد ليلى بفتور :-
" هذه الاوراق تحمل تنازلا عن معظم املاك والدي لنا .."
أضاف وهي تشير الى والدتها :-
" لقد منحك ملكية هذا المنزل والمنزل الريفي ايضا .. ونقل ملكية ثلثي اسهم الشركة لي ولمريم ... اضافة الى عمارتين سجلها بإسمينا وادارة الشركة أصبحت لي .. "
اضافت بجدية وهي تشير بكفها الى انحاء الغرفة :-
" هذا المنزل رسميا لك وعماد بك سينهي إجرائات النقل في اسرع وقت ... هذا المنزل منزلك يا ماما فلا داعي أن تخرجي منه .."
سحبت فاتن الأوراق من يد مريم المذهولة تقرأها بصمت قبل ان ترفع وجهها في وجه ليلى وتسألها بإقتضاب :-
" كيف فعلتها ..؟! كيف أجبرته ..؟!"
ردت ليلى بخفوت :-
" هذا موضوع يطول شرحه ... "
لكن والدتها رمت الأوراق على الارض بلا مبالاة واندفعت خارج الغرفة لتتبادلان مريم وليلى النظرات بعدم تصديق قبل ان تندفع مريم اولا تتبع والدتها وخلفها ليلى بعدما جمعت الأوراق ..
......................................................................
اندفعت فاتن نحو زوجها الذي كان يجلس على احد الكراسي بضعف تتقدم منه وهي تهتف بغضب :-
" إن كنت تظن إنك بتنازلك عن المنزل لي سأغفر لك فأنت مخطئ ... "
رفع أحمد وجهه الشاحب نحوها فأضافت بقوة :-
" ستطلقني يا أحمد .."
نهض أحمد من مكانها مرددا بتوسل :-
" لا تفعلي يا فاتن .. لا تهدمي ما بيننا من سنوات وعشرة وحب .."
قاطعته بوجع :-
" حب ..؟! لا تجلب سيرة الحب على لسانك ... من يحب لا يخدع .. لا يخون ولا يكذب وانت فعلت كل هذا .."
قالها محاولا التبرير لنفسه بينما تقدمتا مريم وليلى تقفان على الجانب تتابعان الحوار بصمت :-
" انا كنت مجبرا .. لم يكن أمامي خيار آخر يا فاتن .. والله كنت مجبرا .."
" من حقي أن أعلم .. من أبسط حقوقي أن تخبرني بزواجك من آخرى .."
قالتها بحرقة ليسألها بضعف :-
" وهل كنت سترضين ..؟! هل كنت ستقبلين بزواجي منها يا فاتن ..؟!"
ردت بكبرياء :-
" بالطبع لا .. كنت سأطلب الطلاق بهدوء ... كنت سأغادر حياتك بهدوء ولتتزوجها انت وتجلب منها بدل الصبي عشرة .."
" لهذا أخفيت عنك .. لهذا لم أستطع إخبارك .. لم أكن أستطيع التخلي عنك .. لم أكن أتحمل خسارتك .."
قالها بصدق ظهر في نبرة صوته وملامحه وجهه فهو رغم كل شيء يحبها ولم يحب يوما سواها ..
هتفت باكية :-
"ولكنك إستطعت خياناتي .. إستطعت أن تكذب وتخدعني وتخفي عني زواجك من أخرى .. أخرى كانت تأتي الى منزلي وتجلس معي وتتحدث بكل أريحية وانا .."
صمتت قليلا تبتلع غصتها وهي تضيف بمرارة :-
" وانا كنت أسعد بقدومها وأعاملها أفضل معاملة .. كنت أراها إمرأة جيدة وصادقة ومحترمة وفي النهاية أكتشف إنها ضرتي .. إنها زوجة زوجي .."
سقطت باكية فسارعت مريم توقفها وهي تخبرها بضراوة :-
" لا تفعلي يا ماما .. لا أحد يستحق دموعك .. لا أحد أبدا .."
رفعت فاتن وجهها الباكي في وجه زوجها المتألم تهتف بأنفاس مقطوعة :-
" طلقني يا أحمد .. طلقني فأنا لا يمكنني أن أبقى على ذمتك ثانية واحدة بعد الآن .."
" كلا يا فاتن .. سأفعل أي شيء تريدنه غير الطلاق ... فاتن انا تنازلت عن اغلب املاكي لك ولبناتي .. "
قاطعته بعصبية :-
" ستطلقني .. لا أريدك في حياتي .."
" ماما من فضلك .. اهدئي قليلا .."
قالتها ليلى بترجي ..
هتف احمد بصوت متوسل وهو يقف أمامها :-
" بالله عليك لا تفعليها .. اطلبي اي شيء آخر سوى الطلاق .. أي شيء فاتن .. حتى إذا أردت سأطلقها .."
قاطعته بقوة وغضب :-
" لا تنطقها .. لست انا من أطلب شيئا كهذا .. لست أنا من أسمح لنفسي أن أطلب منك تطليق إمرأة على ذمتك لأجل نفسي .. "
أضافت لنفور :-
" بزواجك من أخرى دون علمي خسرت ثقتي يا أحمد .. لم تخسر ثقتي فقط بل خسرت حتى إحترامي .."
" لهذه الدرجة .."
هتف بها بعدم تصديق لتردف بقسوة :-
" وبما تقوله الآن وبساطة حديثك عن تطليقك أم ابنك جعلك تفقد إحترامك عندي اكثر .."
هز رأسه بعدم تصديق قبل أن يقول بنبرة جافة وهو يضع كف يده على صدره الذي إزدادت نغزاته اكثر :-
" يكفي يا فاتن .. لا يمكنني تحمل المزيد .. الى هنا ويكفي .. انا سأترك المنزل ... هذا المنزل لك .. أساسا أصبح مسجلا بإسمك .. انا من سيترك المنزل وأنتِ ستبقين هنا معززة مكرمة كما كنت دائما .."
ثم غادر المكان مشرعا لتسقط فاتن بضياع على الكرسي جانبها ومريم تربت على كتفها محاولة تهدئتها لتهمس الى ليلى الواقفة بجانبها وملامحها باكية رغم جفاف دموعها :-
" إذهبي خلف والدك يا ليلى .. وضعه ليس جيدا على الإطلاق ... أخاف أن يصيبه مكروه ما .."
أومأت ليلى برأسها ثم قالت بسرعة قبل أن تغادر الى مريم :-
" اعتني بها جيدا وأنا سأذهب الى بابا .."
ثم خرجت بسرعة الى المكان تتجه الى والدها بقلق وقد لاحظت هي الأخرى كفه التي تتحرك فوق صدره بشكل يدل على كونه يتألم ..
.........................................................................
دلفت ليلى الى غرفة والديها مجددا لتجد والدها هذه المرة يجمع أغراضه في حقيبة متوسطة الحجم فتقدمت نحوه على استيحاء سيطر عليها دون أن تفهم السبب ..
أشارت له وهي تتوقف بجانبه :-
" اجلس انت وأنا سأعد الحقيبة بدلا عنك ..."
وكأنه كان ينتظر ما قالته فإتجه بسرعة يجلس على طرف السرير بإرهاق لتبدأ ليلى بجمع أغراضه عندما توقفت للخظة وقد سيطر عليها شعور شديد من الكآبة والألم ..
لم تتوقع في أسوء أحلامها أن تمر بكل هذا يوما وفي هذه اللحظة شعرت بمدى بشاعة ما تمر به وما تعيشه ..
عائلتها الصغيرة تحطمت تماما .. والدها يتألم ووالدتها تحطمت بسببه .. مريم ستعاني كثيرا ..وهي ماذا عنها ..؟! هي تدمرت تماما .. جميع الرجال في حياتها أذوها .. كل رجل دخل حياتها دمرها على طريقته الخاصة .. حتى والدها فعل مثلهم وألمها هو الآخر ..
لكن الغريب إن في هذه اللحظة لم تكن تتألم لأجل والدتها او لأجلها هي فقط بل كانت تتألم لأجله هو ..
الإنكسار في عينيه وتوسله وضعفه أوجعها بشكل لم تتصوره .. رغم كل شيء هو والدها ولا تتحمل أن تراه مكسورا منهزما بهذا الشكل والأسوء إنها ساهمت بما حدث حتى لو نيتها لم تكن سيئة كما يظن هو ..!!
كتمت شهقاتها بصعوبة وهي تحمل ملابسه وتأخذها نحو الحقيبة ..
توقفت للحظات أمام الخزانة والدموع أغشت عينيها تماما وهي تجاهد للسيطرة على نفسها كي لا يسمع والدها صوت بكائها ولا يرى دموعها ..
لحظات وبدأت تأخذ أنفاسها عدة مرات تحاول السيطرة على بكائها عندما تماسكت قليلا وعادت تكمل ما بدأته ...
بعدما انتهت من وضع ما يحتاجه أغلقت الحقيبة بقوة وإلتفتت أخيرا نحو والدها لتجده ما زال جالسا مكانه ووجهه منخفض نحو الأرض وقد بدا ضعيفا جدا بشكل ضاعف من ألمها ..
تقدمت نحوه بتردد فرفع وجهه نحوها لتجده شاحبا للغاية ..
وجدت نفسها تنحني نحوه بلا وهي تقبض على كفيه بكفيها تهمس بصوت معتذر :-
" انا آسفة .. "
منحها إبتسامة ضعيفة وهو يحرر يديها من يديها ويربت فوقها بخفة ويقول :-
" لا تعتذري يا ليلى .. انا من بدأ في ارتكاب الأخطاء وها أنا أحصد نتيجة ما فعلته ..."
هزت رأسها تكبح دموعها رغما عنها ليهمس بخفوت :-
" اتصلي بالسائق من فضلك .."
نهضت بسرعة من مكانها تردد :-
" سأتصل به حالا .. "
أضافت وهي تنظر إليه :-
" تبدو متعبا للغاية .. هل صدرك يؤلمك .. ؟! من الأفضل أن تذهب الى الطبيب .. ما رأيك أن أتحدث مع الطبيب وأخبره أن يذهب الى منزلك الآخر .."
قاطعها بجدية :-
" انا سأذهب الى منزلنا في القرية .."
هتفت بدهشة :-
" ماذا ..؟! لماذا لا تذهب الى منزلك الآخر .. على الأقل سهام هناك و .."
قاطعها بنفور غريب :-
" لا أريد الذهاب الى هناك .. "
لم تجادله في رفضه لكنها قالت بجدية :-
" لكنني لا يمكنني أن أرسلك وحدك الى هناك وانت بهذه الحالة .. الطريق سيكون طويلا وهناك ستكون لوحدك .. "
صمتت قليلا ثم قالت بعد تفكير :-
" لماذا لا تذهب الى شقتنا القديمة ..؟! وسأرسل معك خادمة تهتم بك وتتابعك .."
قاطعها بإصرار :-
" سأذهب الى المنزل الريفي يا ليلى .. من فضلك أخبرني السائق بذلك ولا تجادليني .."
صمتت للحظات ثم قالت :-
" ولكنني سأرسل خادمة معك .. لا يمكنني تركك تذهب لوحدك .. ارجوك بابا .."
هز رأسه بعدم اكتراث بينما اتصلت هي بالسائق تطلب منه القدوم قبل أن تهبط الى الطابق السفلي وتطلب من احدى الخادمات ان تجهز حقيبتها سريعا حيث ستذهب الى هناك وقررت أن ترسل معها مدبرة المنزل الكبيرة كي لا تشعر الفتاة بالإحراج لوحدها هناك ..
أوصت مدبرة المنزل التي إستطاعت فهم أغلب ما حدث على والدها ونبهتها أن تتابعه وتتواصل معها اذا ما لاحظت أي ألم على ملامح وجهه او أية أعراض غير مريحة ...
بعدها عادت نحو والدها عندما اتصل السائق بها لتنادي احدى الخادمات تحمل حقيبة والدها بينما هبطت هي معه الى الطابق السفلي ومنه الى خارج الفيلا ..
وقفت بجانب والدها في الظلام الدامس حيث ينتظران قدوم مدبرة المنزل مع الخادمة عندما جائتا بعد حوالي عشر دقائق تحملان حقائبهما ...
تقدمت ليلى نحو والدها وعانقته في حركة فاجئته للغاية لكنها منحته قليلا من شعور الراحة والإمتنان ..
ابتعدت عنه تردد بإبتسامة خفيفة :-
" سأتصل بك بإستمرار لأطمئن عليك .. "
أضافت وهي تحدث السائق :-
" أخبرني عندما تصلون الى المنزل يا محمد .."
اومأ السائق برأسه قبل ان يركب والدها في مكانه جانب السائق ومدبرة المنزل والخادمة في الخلف بعدما ودعتهما ليلى ..
توجهت ليلى نحو السائق تخبره :-
" من فضلك ابقى معهم الليلة يا محمد .. بابا يبدو متعبا للغاية وأخشى أن تتدهور صحته لا سامح الله .."
" أمرك يا هانم .."
قالها محمد لتودعه ليلى وهي تشكره حتى ذهب الجميع في السيارة بينما سارعت ليلى تدخل الى الغرفة ومنه الى غرفة والديها حيث وجدت والدتها هناك تجلس على السرير منكسة الرأس وبجانبها مريم صامتة وملامحها يسيطر عليها البؤس ..
تقدمت نحويهما وجلست جانب والدتها من الجهة الأخرى عندما جذبت كفها تقبله قبل ان تهتف بجدية :-
" ارجوكِ لا تفعلي هذا .. لا يمكنني تحمل رؤيتك تتألمين .."
لم تجبها والدتها بل بقيت على حالها صامتة عندما أحنت ليلى رأسها على كتفها تحاول السيطرة على دموعها التي عادت تتجمع داخل عينيها مجددا ...
وفعلت مريم المثل على الجهة الأخرى ...
ظل الثلاثة على هذا الوضع لأكثر من عشر دقائق عندما صدح صوت فاتن تهمس بنبرة باردة لا حياة فيها :-
" اريد البقاء لوحدي من فضلكما .."
رفعت ليلى وجهها نحوها تتأمل جمودها المهيب لتشير الى مريم بعينيها أن تغادران ..
نهضت ليلى وفعلت مريم المثل عندما انحنت مريم وطبعت قبلة على وجنة والدتها وهي تخبرها :-
" سنظل معك دائما .. جانبك وفي ظهرك ..."
ثم فعلت ليلى المثل وقبلتها من وجنتها الأخرى وهي تخبرها بدورها :-
" كل شيء سيصبح أفضل .. أعدك بهذا .."
انسحبت الفتاتان خارج الغرفة بعدها لتبقى فاتن لوحدها محتفظة بجمودها لمدة لا بأس بها قبل أن تنفجر بعدها باكية بقوة على حالها وحال إبنتيها وما حصل معهم ..
..................................................................
ما إن خرجتا كلا من ليلى ومريم من الغرفة حتى هتفت مريم بنبرة هجومية :-
" لا أصدق ما فعلته يا ليلى .. كيف كذبت علي ..؟!"
جذبتها ليلى من ذراعيها تنهرها بقوة :-
" اصمتي قليلا من فضلك .. ليس هذا المكان المناسب لنتحدث بهذا الموضوع .."
ثم دفعتها أمامها نحو غرفة نومها عندما دلفت الى الداخل تتبعها مريم التي وقفت أمامها تعقد ذراعيها أمام صدرها تسألها بحدة :-
" هل أصبحنا بالمكان المناسب الآن ..؟! أخبريني يا هانم اذا .. لماذا كذبت علي ..؟! لماذا أوهمتني بقصة ليست حقيقية ..؟!"
لم تجبها ليلى فورا بل اتجهت نحو باب الغرفة وأغلقتها قبل أن تتقدم نحو مريم وتقف أمامها مجددا تخبرها بجدية :-
" تصرفك الليلة وما فعلته أكبر سبب يدعوني لذلك .. لم أستطع أن أخبرك الحقيقة وانا لا أضمن ردة فعلك .. ردود أفعالك دوما مخيفة يا مريم وانتِ لا تجيدين التحكم بها ولا بتصرفاتك .. لذا بالطبع لم أخبرك بشيء ولست نادمة على هذا لإن ردة فعلك الليلة هي أكبر دليل على صحة قراري .."
" كنت تنوين اخفاء الموضوع الى الابد إذا ..؟!"
قالتها مريم بملامح متحفزة لترد ليلى بسرعة وحدة :-
" لا تتغابي يا مريم .. بالطبع كنت سأخبرك وأخبر والدتك .. هذا زواج وهناك صبي نتج عنه .. انا فقط كنت أنتظر الوقت المناسب .."
" أحترق فضولا لمعرفة الوقت المناسب من وجهة نظر سعادتك .."
قالتها مريم بتهكم لترد ليلى ببرود :-
" الوقت المناسب يا هانم هو الوقت الذي أضمن فيه إن كل شيء أصبح لنا .. إن الشركة وأموال والدك وأملاكه باتت ملكنا .. ألم ترِ ما فعلته حقا ..؟! لقد تنازل والدي عن ثلثي الشركة لنا ومنحنا عمارتين من الثلاث عمارات بل سجل هذه الفيلا والمنزل الريفي الكبير بإسم والدتك .. هل فهمت الآن أيتها الغبية الحمقاء سبب إخفائك الأمر عنك انت ووالدتي ..؟! انا كنت أنتظر أن أسيطر على كل شيء وبعدها سأخبركما وأترك القرار لكما حينها .."
أضافت بعدها بثقة :-
" انا أنقذت أملاك والدي من يد تلك الحرباء بل أصبحت مديرة الشركة رسميا بعدما تنازل والدي عن كرسي الإدارة لي .."
سألتها مريم بعدم فهم :-
" ولماذا فعل والدي هذا ..؟! بماذا هددته يا ليلى ..؟! بالطبع لم يفعل هذا من تلقاء نفسه .. "
صمتت ليلى ولم ترد لتردد مريم بإصرار :-
" كيف جعلته يتنازل عن كل هذا ..؟!"
أجابت ليلى أخيرا بتردد :-
" هناك شيكات .."
سألتها مريم بتوجس :-
" آية شيكات ..."
أخذت ليلى نفسا عميقا ثم قالت بجدية :-
" عمار لديه شيكات ضد والدي ... قيمة الشيكات تتجاوز السبع ملايين دولار ... "
شهقت مريم بعدم تصديق لتضيف ليلى بخفوت :-
" عمار ساعدني وانا أقنعت والدي أن يتنازل عن هذه الأملاك وثلثي الشركة مقابل تأجيل موضوع الشيكات لفترة بل ومقابل تأجيل موضوع إخبار والدتي بأمر زواجه حتى يقرر هو .. وجاء موضوع السوار وسهل علي الأمر .."
" لهذا السبب لم تتطلقِ من عمار ...؟!"
سألتها مريم بعدم تصديق لتهتف ليلى بجدية :-
" نعم .. هذا السبب الرئيسي .."
" تحالفت مع عمار يا ليلى .."
رددتها مريم بعدم تصديق لتهتف ليلى مدافعة عن نفسها :-
" كنت مضطرة يا مريم ..."
سألتها مريم بجدية :-
" وإلى متى سيؤجل عمار أمر الشيكات ..؟! الى متى سيبقى غير مطالبا بحقه فيها ..؟!"
ردت ليلى بخفوت :-
" لا أعلم ... من المفترض أن أسدد المبلغ من أرباح الشركة بعدما أتولى إدارتها أنا .."
" هذا سيأخذ أعواما طويلة .. هل سينتظر عمار كل هذه الأعوام هكذا ببساطة ..؟!"
سألتها مريم بعدم إستيعاب لترد ليلى بحيرة :-
" أخبرني إنه لا يهتم حاليا بأمر الشيكات .. لكنني أشعر إنه يخطط لأمر ما ... على العموم تبقى خطوة واحدة فقط وبعدها سأبحث وأفهم ما يخطط له بالضبط وما غرضه من هذا الأمر .."
جلست مريم على السرير  وسألت بضعف :-
" عمار بالتأكيد سيطلب مقابل لهذه الشيكات .. "
" مقابل ماذا ..؟! ماذا سيطلب مثلا ..؟! الإستمرار في زيجتنا ..؟! وماذا سوف يستفيد مني أساسا ..؟!"
رددت مريم بشرود :-
" ربما هناك شيء ما يريده لا تعلمين عنه ..."
" شيء ماذا..؟!"
سألتها ليلى بحيرة فهزت مريم رأسها مدعية عدم الإهتمام :-
" لا أعلم .. لكن أخبريني ما الخطوة التي كنت تتحدثين عنها ..؟!"
هتفت ليلى بجدية :-
" انا متعبة كثيرا يا مريم .. أحتاج أن أرتاح قليلا .."
انتفضت مريم من مكانها تهدر بغضب :-
" ستكذبين مجددا وتخفين عني أمورا مهمة مجددا .."
هتفت ليلى بسرعة ونفاذ صبر  :-
" سأخبرك يا مريم .. لكن الآن متعبة للغاية .. سأخبرك فيما بعد فقط دعيني أرتاح قليلا من فضلك .. "
أضافت بتوسل :-
" الليلة فقط يا مريم .. ارجوكِ .."
زفرت مريم أنفاسها وهزت رأسها بعدم اقتناع قبل ان تندفع خارج الغرفة بعصبية ظهرت في صوت الباب وهو ينغلق بقوة ...
دلفت الى غرفتها وأخذت تسير داخل الغرفة ذهابا وإيابا قبل أن تجذب هاتفها لترى اتصالات عديدة من غادة فتتذكر أمر سفرهما سويا مساء الغد ..
ابتسمت بسخرية وهي تفكر إن كل شيء تدمر ...
بعثت لها رسالة مختصرة تعتذر فيها عن السفر وقد أجلت أمر التفسير لوقت آخر ثم أغلقت هاتفها كي لا تستقبل أي إتصلات من أحد ..
جلست على سريرها تهز قدمها بعصبية وإنفعال لمدة لا بأس بها وغضبها يزداد بقوة مخيفة ..
نهضت من مكانها واتجهت نحو طاولة التجميل خاصتها فبدأت تحمل الأغراض وترميها على الأرضية بعصبية وإنفعال ...
رمت كل شيء بغضب فائق قبل أن تجلس على الأرضية بتعب وأنفاس لاهثة قبل أن تنفجر باكية ....!!
..........................................................................

حبيسة قلبه المظلم ( الجزء الأول من سلسلة ضباب الروح ) Where stories live. Discover now