الفصل الثالث

20 3 9
                                    

نقاط حسرة و سكوت مؤلم لا كفيل لأي كلام بإنقاذ الموقف

أما هي فكان لها رأي آخر، ضحكت و قالت تبقى فقط أن تبتلعني داخلك، كما أنني لن أنسى هاته الخطوات ما حييت

- النسيان رحمة فلا تتسرعي و صمت مجددا
- هو كذلك لمن تألموا و ليس لي

- يوما ما ستتمنين النسيان و لن تقدري
- أنت متشائم

- بل واقعي و هذا ما تعلمته
- حسنا، للأسف الطريق انتهى و أظننا يجب أن نفترق هنا، لا أريد أن يراني والدي معك قبل أن أخبره بكل شيء

- لا يوجد ما تخبريه به
- بل يجب أن يعلم

- هيا اهتمي بنفسك
- و أنت إهتم بنفسك

خطوتان لكل منهما مبتعدين في اتجاهين متعاكسين حتى التفت و قالت إنتظر إنتظر عندك، إقتربت منه و هو ينظر إليها متعجبا مستفسرا عما تريده
هيا أخرج هاتفك و سجل رقمي فهل تظن نفسك ستهرب مني

أخذت مرادها منه فأشرقت البهجة على محياها و قالت أنتظرك، عندما تخرج لشرفتك أبلغني

وصلت إلى بيتها، سلمت على والديها ثم ذهبت ركضا إلى غرفتها لتترقب غريبها
حالها حال من ينتظر شيئا يحبه، الوقت يصبح عدوا يعاكسه

بالجهة المقابلة هو لم يخرج، نزع معطفه و حاول أن يستلقي قليلا، بعيدا عنها ليعض أصابعه ندما
من بين كل الأطباء لماذا ذهبت إليها ؟

طبعا لأن ألم القلب كان اكبر من ألم الجسد

كان كل شيء عبارة عن نظرات بعيدة، ما الذي سأمنحه لها الآن ؟
كم سأعيش أنا و كم سيعيش هذا الرابط بيننا ؟

بعد انتهاء الأسئلة و اختفاء كل الأجوبة، بعد منتصف الليل، الوقت الذي يضعف فيه المحب وقف متعب غير قادر على التنفس و قرر الخروج، لا أعلم هل هو من حمل ساقيه أم ساقيه من حملاه حتى وصل إلى باب شرفته

أول ما أزاح ستار الشرفة صفق جمهور شوقها لنجمهم على سطح المسرح، لم تنتظر حتى يتصل كانت تعلم أنه خارح لا محال، أخذ هاتفه و اتصل بها و لأن هاتفها كان على قلبها لم تتأخر بفتح المكالمة

- ما بك لماذا تأخرت هكذا ؟ انت من المفروض تكون هنا منذ زمن
- أعتذر لقد غرقت في النوم

- ما به صوتك يبدو ضعيفا ؟ ما بك ؟ هل تشعر بالألم ؟
- لا عادي، ربما لأنني استيقظت للتو

- حسنا، أعتذر لأنني متسرعة
- لا عليك فالحق علي

- لست أصدق أنني أكلمك و كأنه حلم
- تقصدين أنه كابوس

- أصمت و إلا في المرة القادمة أحقنك بإبرة التفاؤل

أحس بالإرهاق من الوقوف و الكلام فأراد الهرب دون أن يجعلها تحس

- حسنا سأتركك الآن و سنلتقي غدا إن شاء الله
- إنتظر، لا تذهب

- ماذا ؟
- لا تنس شرب دواءك بانتظام، الأول قبل الأكل و الآخرين بعده و إن أحسست بشيء اتصل بي أو راسلني

لم ينطق بأي حرف بالكاد أغلق الستار فسقط منه الهاتف، هي لم تسمع غير نوبة قوية من السعال أما هو فقد هوى كما تهوى ورقة الخريف، ورقة أنجبها الربيع، حرقتها شمس الصيف و أذبلتها عواصف الشتاء أما الأخير فأخذ الذنب على عاتقه

- أين أنت أجبني تكلم معي أرجوك
- لا تتركني وحدي
- لماذا تتصرف معي هكذا
- فقط دعني أراك

كانت تصرخ كي لا تسمح لنفسها بتقبل ما حدث، تصرخ كي لا تنصت لصوت الحقيقة

سمعها والديها تصرخ فأسرعا إليها، يقولان دفعة واحدة ما بك يا ابنتي قالت لقد رحل عني و أشارت بإصبعها إليه

لم يفهما أي شيء، نظرا إلى بعضيهما و علامات الإستفهام تجول حولهما

- ما الذي تقولينه ؟
- أبي سأخبرك بكل شيء فقط أسرعوا إليه فلا أحد معه
قام والدها بتبليغ الشرطة الذين جاؤوا و اقتحموا البيت فوجدوه طريحا على الأرض

شيعوا جنازته التي كانت قليلة الحضور  (تذكرني بعدد اللايكات التي أحصل عليها بعد كل منشور) كثيرة القيل و القال عن سبب وفاته، أما الثمرة فقد خلدت ذكراه فلبست الأسود و اعتنقت الوحدة ...
مجيئه إليها كان غريبا، هو كان غريبا و رحيله كان أغرب.
هي بقيت تحت الصدمة و هو انتقل الى تحت التراب
سارق ترك كل الماديات و سرقها هي ...

رواية كاتب تائهWhere stories live. Discover now