الفصل التاسع عشر

18 1 2
                                    

نامت الثمرة بعد عزمها على زيارته و هي مبتسمة راضية عن نفسها مثل عزمها ذات يوم على زيارة قبر راحلها، يبدو أنها لا تريد عيش الفراق مجددا

استيقظت مبكرة مرتبكة مبعثرة مثل ملابسها الملقاة على السرير و الأرضية، أخرجت كل ما بحوزتها لتختار ما يناسب هذا اللقاء المهم، لقاء ترميم الجدار المتصدع بالكلام

جربت الكثير و الكثير ثم حاكتها نفسها أن لن تتركيه يلاحظ حماسك هذا

ارتدت حجابها الأسود و انطلقت تتبع نبضات قلبها مثل عصفور كان محبوس بقفص متوفر على الأكل و الشرب و كل متطلبات العيش إلا الحرية

وصلت هناك أمام العيادة
تصعد الدرجات متسائلة عن سبب قدومها، تلعن اللحظة التي قررت فيها المجيء إليه، مترددة تصنع حجج مختلفة لتقدمها عن سبب  هاته الزيارة

بالأخير قررت العودة من حيث جاءت مقنعة نفسها بأن ما قالته لها ابنة خالتها صحيح و لم يحدث ذلك الشيء الذي يستدعي الإعتذار و استدارت مثل حصان يسحبون رأسه و جسمه يأبى العودة

نصف منها يريد اللقاء و الشطر الآخر استسلم لصوت المنطق

أخذت تنزل الدرجات واحدة بعد الأخرى و هي تبتعد عن كل ما كانت تريده و تبتغي تحقيقه

فجأة قلب قلبها الطاولة على عقلها، قطعت كل ما يشدها و يمنعها من اللقاء

عادت هاته المرة تتخطى الدرجات و هي تجري إلى الأعلى نحو منفذ النجدة الذي تعتبره خلاصا من التفكير بما وقع من تشنجات لفظية

بين الذي تهرب منه و القادمة إليه بين الذي تراه وحشا و الذي يضحكها في كل مرة

دخلت و طلبت من المساعدة أن تطلب لها وقت قصير مع الطبيب لتسأله عن حالة خالتها

حجة سخيفة على ما يبدو لكنها تفي بالغرض و فرصة لتدفئة المياه بينهما قبل تجمده

حين خرج المريض دخلت السكرتيرة و قالت ان فلانة جاءت لمقابلتك فهل أدخلها ؟

لم يجبها لكنه سار مباشرة نحوها ثم تجاوزها ليخرج قائلا مرحبا يا سيدة التواضع اي عاصفة جاءت بك إلينا ؟

السكريتيرة تابعته بعيونها أما الثمرة فاستقبلته بدهشتها و شوقها للصدمات التي يبرع باحداثها على مستوى قلبها

و كأن هذا ما كان ينقصها لتتناثر أكثر، تتورد خدودها و تنهار شفتيها معلنة الإستسلام للإبتسام ....

رواية كاتب تائهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن