الفصل العاشر

11 2 9
                                    


نحن في بلدنا على شاطئ البحر و خاصة في فصل الصيف نعاني من الروائح الكريهة

كنت مغفلا حين ظننتها منبعثة من أنابيب و قنوات الصرف التي ترمي كل فضلات البيوت و المصانع داخله

لكنني بعدما حللت و ناقشت أدركت أنها ناجمة عن دفن البشر كل همومهم و المشاكل التي تحاصرهم مع بعض الدموع العالقة في قلب البحر
صديق من لا صديق له و مؤنس من تكالبت عليه الحياة بمن فيها.

      بعدما رأيته يخرج كأي مجنون رأى انتحار مستقبله أمامه لم أستطع البقاء مكتوف الأرجل أنتظر عودته لهذا تعقبته و هو يذهب وحيدا ليرمي فضلات أحلامه و ليغسل جروح قلبه بمياه باردة مالحة و ليصرخ هناك:

                 - لماذا يحدث هذا
                 - لماذا نكبر، لما لا نبقى كما كنا
                 - لماذا نفترق فلا نعود كما كنا
                 - نعم لماذا و لماذا أجيبوني
                 - تكلم أيها البحر
                 - انطقي يا نجوم و أنت يا قمر ماذا عنك
                 - أيتها السماء
                 - أيها الفضاء
                 - يا درب التبانة
                 - لماذا تصمتون الآن هل تشاهدون فقط


لماذا أيتها الأرض رغم أن داخلك ملتهب خارجك هادئ هكذا

علميني كيف أغدو مثلك
علميني أيتها الجبال شيئا من قسوتك
أيها البحر لماذا لا تأخذني إليك و تريحني

ما ذنبي أيها الوقت ما عدنا كما كنا حين نلتقي لا نلتقي

صعد فوق الصخور فتح يديه و تنفس بعمق ثم جلس يقول إلهي لست جاهل برحمتك و حسن تدبيرك إنما هو ضعف و لا حول و لا قوة إلا بك فاللهم أرشدني و ثبتني فأنا ما عدت أتحمل

رأيته انفجر كأي بركان فحاولت أن أدفعه من ذلك الإرتفاع ليرتاح و للأسف استطاع أن يقاوم لكن إلى متى و هو يرى ما أمامه ينهار

إياك أنت و أنت أن تشك بأنه بالغ بردة فعله، لا أحد يعرف حجم ما حلم به
و هو بعيد عنها سمع أخبارها، أنها أحبت رجلا و هي تتألم برحيله

الكل سمع بألمها و لا أحد عرف عن شعوره حين رحل بعيدا عنها في وقت أدرك أنها تعني له الكثير و لا يعني لها حتى القليل
عندما تأخذ حبك معك و تعتني به خوفا أن يتلاشى فتعود لترى في عيون من هوى قلبك لا شيء مميزا لك

حسنا لتوضيح الصورة أكثر هو اعتبرها شيء يخصه و ملكه الذي عاد ليأخذه، لكنه باليوم الأول اكتفى بالأكل الذي طبخته بعدما عاد وقت العشاء.

في تلك الليلة انتقلت العائلة بضيوفها إلى الصالة و فيما هم يتكلمون قالت الخالة أنها ترغب بأن تجد طبيب عيون لتتابع عنده

نطقت الأم انه يوجد واحد قريب من هنا و ابنتي كانت تتابع عنده و استدارت إليها و كأنها تحول لها الكلام
نعم يا خالتي إن أردت أوصلك إليه
بدون تردد نطق هو مغتنما الفرصة و قال حسنا سأوصلكم أنا صباحا

جيد يبدو أننا سنعود للطبيب الذي لا أحد منكم سأل عن حاله ربما لأنكم تعرفون بأنه لا شيء تغير عنده و ربما لأننا بشر ننسى بسرعة

عذرا من قال أننا ننسى نحن عقابانا هو عدم النسيان

رواية كاتب تائهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن