الفصل التاسع

12 2 7
                                    


أين توقفنا آخر مرة ؟

آه نعم كانت هي تنزل الدرج و هو في الصالة ينتظرها أما أنا فمازلت أترقبهما بشغف حتى وصله صوت الأقدام

كانت هي تحضر الكلمات الرسمية و الملامح الجادة اما هو فكان بعالم آخر

استدار بعفوية دون إدراك منه تاركا من حوله و إذا به يرى أخته فقط قادمة، عبس وجهه قليلا ثم ثذكر أنها قصيرة و نحيفة

أعجبني مظهره حتى أنني ابتسمت من تلهفه لرؤيتها و كأنها حلمه الذي يوشك أن يتحقق و كأنها أول شروق لحياته من بعد ظلام، و كأنني انا بمكانه أنتظر

انزاحت اخته و إذا بها تخرج من وراء تلك الغيمة لتنيره هو

انفتحت عيناه و اهتز صدره، يبدو أنها دهشة اللقاء التي لم يحسب لها حساب

كيف لا و هي لم تعد تلك الطفلة التي لا طالما لعب معها و لا تلك الضحوكة بل مرأة تمشي باستحياء شديد مازال عليها أثر ما بعد الجحيم، أنثى مثل الجماد

لم تذهب تجري نحوه لتعانقه حتى أنها لم تبتسم و لا هو فتح ذراعيه لها، فقط أخذ وضعية المسمار الذي لا حول له و لا قوة تحت ضربات مرور الزمن مع تغير الملامح و التصرفات مع إلقاء سلام بارد

- السلام عليكم إبن خالتي
- و عليكم السلام، كيف حالك

-بخير الحمد لله ، و أنت
- نحمد الله

بقيت ألاحظ كيف لشخصين افترقا و هما قريبين يضحكان كل الوقت الذي يلتهمانه بشراهة دون الشعور بمروره، فقط يستمتعان فيلتقيان تحت برودة الطقس و معه تجمد الكلام
مثل أي غريبين لا ليس حتى هكذا فالغريبين لديهما فرصة ليتعارفا و يضحكا أما هما فلا و انا و هي لا و كل من أحبا ثم انفصلا فلا
وسط شرودي و تذكري لحبيبتي نطقت الأم هيا انتما هل سنبقى بدون عشاء و انصرفتا إلى المطبخ

- يا إلهي أخوك تغير تماما، كبر حجمه و نمت لحيته كما أن ملامحه أصبحت أكثر قسوة
-لا ليس هكذا فقط لأنك لم تريه منذ مدة فهو لطيف

- لا تضحكيني أي لطف تتكلمين عنه و كأنه سفاح
- هاي انتبهي لنفسك إنه أخي

- ااا يعني أنت سفاحة مثله

قالت نعم و كشرت عن أنيابها و هي تحمل خنجرا ثم انفجرتا للضحك

أما الجالس هناك وسط حديث هو قريب بعيد عنه كاد ينفجر من لقاء ليس باللقاء الذي كان يحلم به أما نحن فلن يكون لنا لقاء كل منا هاجر إلى شخص جديد فالبلدان لم تعد أوطان.

يجادل نفسه هل كان العيب باللقاء أم بأحلامه و هل كان يجب أن يعود أم أن يبقى يتخيل من بعيد

نهض من مكانه و قال سأخرج لأتمشى ربما أجد بعض أصدقاء الماضي الذي هو في الحقيقة يحاول الهرب منه

أنظروا لعيونه المصدومة و رأسه المطأطأ ليده و هي تمشي فوق شعره ثم تضرب أختها و لخطواته التائهة التي لا نعرف أين ستقوده ...

أما القلوب فهي تسير بنا إلى الهلاك

رواية كاتب تائهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن