الفصل الواحد و العشرون

11 1 3
                                    

رأى الطبيب شرودها و اعتقد أنه تسرع بطلبه لرقم هاتفها لهذا حاول الخروج من الموقف بأقل الأضرار

- حسنا قبلت اعتذارك فقط إبقي هنا و لا تذهبي بعيدا

لم تتوقع طلبه، تذكرت ما مرت به مع الماضي لكنها ليست غبية لتضيع هاته الفرصة مع الحاضر و المستقبل

هذا هو الإنسان مهما ظن أنه لن ينسى الحبيب الأول سيجد نفسه أسير آخر

- لا بأس سجل خطي عندك كي أستطيع متابعة أي جديد يطرأ على خالتي و لن أضطر للقدوم

أخذ خيط التواصل منها و تمنت له التوفيق بباقي يومه لتهم بالإنصراف إلى جزيرة ما كي ترتاح من أمواجه الهادئة المدغدغة لأنوثتها

بدوره وصل معها إلى الشاطئء ليفتح لها بابه آملا أن تبحر به من جديد

خرجت تنزل الدرجات مترنحة تعالج جروحها حيث أصابها برماح عيونه، راقصة على أنغام صوته، تسترجع أنفاسها كغريق نجى من أن يلقى حتفه

و لأنها لدغت سابقا بلقاء وحيد كان الأول و الأخير لم تستطع التحليق عاليا، فرحتها منزوعة الكمال مدسوسة الشك في كل ما يحدث معها

رنين قصير لهاتفها جعلها تتوقف تماما لتتفحصه و اذا بها تجد رسالة نصية من رقم حديث الإقامة بجوالها تقول:

" انت خرجت لكنك مازلت هنا، ليس الآن بل المرة الأولى حين أخطأت طريق جنازتك فكنت أنا قتيلك، حين رأيت عيونك الجافة و قلت لك أنها ترى الهلال دون تلسكوب، انت أخبرتني أنها هي الهلال و من رآها يصوم ربما كنت تمزحين حينها لكنني لم أفطر بعدها إلا حين ألقاك، كنت دائما أتضور جوعا إليك، حين أكملت علاجك قلت الحمد لله أخيرا سأتخلص منك لكنني لم أنجح فأنت كنت لعنة أصابتني و لم تفارقني، انت لم تذهبي إطلاقا انت لم و لن تخرجي مني "

إنها الصدمة العظمى و التسونامي الذي انطلق منه ليفجر عاصمة روحها

إنها الحروف يا سادة من يتلاعب بها يغزو و يحتل أكثر و أكثر

لم تصدق أنها نجت من كل ما سبق فكيف الآن و هو لم يجعلها تنتظر بل أخذها في جولة فوق السحب، أعلن عليها حربا ضروس و لم تجد سبيلا للفرار من الرد حتى و إن كان بخجل

" ربما من الآن و صاعدا ستفطر أكثر "

بالجانب الآخر منذ ضغط على زر الإرسال و الوقت متوقف عنده، دخل في حالة مد و جزر عنيفة بخصوص رد فعلها الذي سيحدد حالة الطقس لفصل حياته القادم

متكئ على كرسيه إلى الخلف واضعا يديه وراء رأسه و الهاتف على المكتب حتى ضرب به برق و رعد لتنزل عليه حروفها القصيرة فيبتسم مثل الطفل الذي نال حبة حلوى

إنها المشاعر لا أحد يكبر أو يشيخ عليها ...

رواية كاتب تائهWhere stories live. Discover now