الفصل السابع: موعد الطبيب

18 2 9
                                    


أصبحت نائما في غرفتي بالإقامة الجامعية بعد أن سهرت معهما و أنا أكتب عنهما، أما هما فكل منهما إتجه نحو عمله

هكذا على مدار الأسبوع عمل و روتين، لا جديد يذكر إلى غاية تحقيقها مخططها في الجمعة الثانية حيث زارت راحلها أما هو فلازم بيته باستثناء صلاة الجمعة، كان يميل للبقاء وحيدا غالب الوقت

بعد شهر من الفحص الأول

في غرفة الإستقبال تقول السكرتيرة: تفضلي سيدتي أظنه لديك موعد فحص
- نعم ها هي وثيقة الموعد

- حسنا انتظري قليلا حتى يخرح المريض الذي قبلك

بعد برهة نادت المساعدة على إسمها فدخلت إلى الطبيب

- السلام عليكم
- و عليكم السلام سيدة الغرور (يبدو أنه لا ينسى مرضاه) تفضلي إجلسي كيف حال التلسكوب ؟

- بخير الحمد لله أظنه أفضل حالا
- حسنا تعالي لنتأكد من رؤيتك للهلال، آه نعم يكاد يصبح بدرا و البدر على عيونك يكثر المتغزلين به لهذا سنحجبه عنهم بنظارات تقيك من إنهاك عيونك و تقيهم من الصوم

- حسنا لا خيار لدي ما دام طبيبي يرى هذا
- قال ضاحكا تكفيك البطاطا فلا تتذمري

بدورها ضحكت قائلة آه منك يا دكتور ستعالج عيوني و تفقدني عقلي
- انت بالفعل مصنفة مع المجانين، هل مازالت توجد نساء على طبيعتهن هكذا بدون مواد التزييف

و كأنه يتعمد إخجالها و لأول مرة رفعت عيونها لترى ما سر هذا الذي أمامها
نظرت إليه بشكل مختلف عن كونه فقط طبيبها، نعم إنه رجل أسمر طويل ذو عضلات، شعره جذاب و لحيته خفيفة

إنها أحلام المراهقات، هو متوسط القامة غير رياضي كله عادي إلا حين التقت عيونه و ابتسامته بالإضافة للحيته النامية بشكل مبعثر كدفاتري و أنا أراجع للإمتحانات

حدث كل هذا و هو يكتب معايير النظارات التي تحتاجها

ما إن رفع رأسه وجدها تنظر إليه كأنه حلقة من مسلسلها المفضل أو طباخ هي تتعلم منه وصفة ما، ألقى القبض عليها بالجرم المشهود فأسرعت تنزل عينيها إلى الأرض راجية منها أن تبتلعها هي و هاته اللحظة التي تسببت باحمرار وجنتيها و غليانها

أحس بها فقرر كسر الصمت و إنقاذها من تأنيب الضمير و توبيخ النفس

- تفضلي سيدتي يوجد مختص ببيع النظارات بعد المنعطف الثاني من هنا
- شكرا لك يا دكتور و وفقك الله بعملك

- العفو، الآن هكذا لن تتحجي بالخطأ في طريقك للمقبرة و تزوريني

تبا لا يمكنها منع ابتسامتها من الإنفلات فهو يجيد العزف على أوتارها الهشة

استدارت نحو باب النجدة محاولة الفرار من اللحظة و منه هو

- من يدري يا دكتور ربما يكون لنا لقاء

اتعرفون ماذا حدث بعدما رمشت عينيها كان لهما لقاء، وجدته يفتح الباب لها و يقول تفضلي سيدتي رافقتك السلامة

جرعة أخرى من الخجل و لا تستطيع وضعه عند حده و هذا أكثر شيء لا تفهمه، أسلوبه في التعامل معها غريب

- ماذا ألن تذهبي ؟ هل شلت قدماك ؟ عندي مرضى في الإنتظار و إلا فهو مرحب بك للبقاء هنا
- عذرا بالتوفيق لك بباقي يومك ها انت تخلصت مني

- نعم و أخيرا الحمد لله...

انتهت الزيارة و خرجت من عنده تسائل نفسها
كيف لشخص غريب أن يتعامل معي هكذا و ما الذي جعلني أسايره ؟

نعم هناك أشخاص لا نفهم أنفسنا معهم، يدخلون حياتنا ببساطتهم و عفويتهم دون أن نستطيع مقاومة غزوهم لنا و لأفكارنا، إنهم يأتون على مقاسنا تماما دون زيادة أو نقصان

أما هو فراقبها حتى اختفت عن أنظاره فتنهد و عاد لمكتبه.

الحياة تجمعنا مع الكثيرين و حين نجد من ننسجم معهم يكون اللقاء وجيزا مختصرا و كأنه مجرد نبذة من قصة ما

انتهى الفحص، ذهبت هي إلى حياتها و هو إلى حياته انصرف فهل هناك حياة ستجمعهما مجددا أم أنه لا لقاء لهما ؟


رواية كاتب تائهHikayelerin yaşadığı yer. Şimdi keşfedin