البارت الحادي عشر

60K 983 60
                                    

             بسم الله الرحمن الرحيم
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

كآذبٌ أنا . . عندما همست في أذنها
"سعيـد أنا من بعدك"
..
كآذبٌ أنا . . عندما أخبرتها أن
"قلبي ما زال ينبض من بعد فراقك"
... ...........
...كآذبٌ أنآ . . عندمآ قلت
"مآ زآلت الكرة الأرضية تدور حتى بعد رحيلها"
........
حقا!
اشتقتــــ إليـــــكِ .. مآ عآد لي القدرة على تحمل غيآبك أكثر ..
فمتى ستعودين ...!!
❈-❈-❈

انتهى حفل الزفاف الذي حمد ربه أنه تحمل ماأصاب قلبه، رفع نظره للتي يضمها والدها وتبكي بأحضانه، حدث قلبه الضعيف المسكين
- هل تبكي لأبتعادها عن والدها، أم تبكي إنها لم تكن ملكه؟
أطبق على جفنيه بألم يعاتب نفسه على ماأحس به وبدأ يلوم نفسه
- اوعى ياغبي، دا أخوك حبيبك، مجرد التفكير فيها خيانة، أصابته رغبة عارمة في نزع قلبه وتمزقه لأشلاء بسبب ماجعله بهذا الضعف
اتخذ نفسًا طويلًا يشحن رئتيه المتألمتين بالأكسجين الذي شعر بأنه فقده، توجه لسيارته سريعا يبعد بصره عنها عندما خرجت من أحضان والدها تنظر إليه تعاتبه
اتجه سليم يضمها ويربت على ظهرها هامسا لها بصوته العاشق
- حبيبي ليه الدموع دي، هو انتِ مش واثقة فيا
استجمعت شتات نفسها وقوتها حينما فقدت القدرة على نفسها وتمنت دفعه بعيدا عنها، انزلقت عبراتها وسارت بخطى ثابتة رغم ضعفها وتحركت تستقل سيارته المزينة بجوار سليم ..ابتسم سليم واقترب يزيل دمعاتها العالقة بأهدابها
- حبيبتي بطلي عياط كلها شهر وترجعيلهم، بلاش تحسسيني أنا هخطفك
فقدت قدرتها على الكلام، وبدأت تهدى رويدا رويدا..اتجه بأنظاره لراكان الذي يقود السيارة بصمت فتحدث:
- مش عارف أشكرك إزاي ياراكي، ربنا يخليك ليا ياحبيبي ومتحرمش منك
رفع بصره ينظر إليه من خلال المرآة وتحدث بصوتا جعله متزنًا بعض الشئ
- متقولش كدا ياحبيبي، انت أخويا الصغير ولو طلبت روحي مش هتأخر عنك، اتجه ببصره إليها وأكمل:
-مستعد أتخلى عن نفسي عشانك ياسليم، خليك متأكد من كدا، تقابلت نظراتهما بعتاب فأغمضت عيناها وانزلقت عبراتها كالشلال مما جعلته فقد قدرته على حركة السيارة، صاح سليم بصوتًا مرتفع كي ينتبه
- راكان إيه اللي حصل؟!
أنفاسه مرتفعة، وصدره تحول لكتلة من النيران تحرقه دون السيطرة على حالة، أخيرا سيطر على السيارة متوقفًا على جانب الطريق،يأخذ أنفاسه بصعوبة، ثم ترجل سريعا معتذرًا
- آسف، شكلي شردت شوية، عندي قضية مهمة بحاول الاقي لها حل، هجيب ميه وراجع، قالها متحركًا نحو المتجر الذي يقربهما ببعض الخطوات..تحرك سريعًا، تاركًا عبراته تنزل على وجنتيه تغسلها كما يغسل المطر ذنوب البشر
توقف عندما شعر بإنسحاب أنفاسه، وكأن هناك صخرة تطبق على صدره، واضعا يديه يمسد على صدره ينظر للسماء وتحدث قلبه كحال لسانه، فليت ربي يسمع لي مااقوله، ليت ربي يعفو عن عبده المذنب
- ياربي ماهذا الأختبار الثقيل الذي وضعتني به، يارب ارحم قلبي، يارب عارف اني عبدك الضعيف الذي اتجه لطريق الذنوب ولكنه أعاد بعدما شعر بضياع نفسه، بعينين هالكتين وقلب فتته الوجع اطلعه من شدة قساوة القدر
ربي لقد ثقل قلبي بالهموم، ربي اخرجني من ظلمات طريقي وردني إليك ردا جميلا
تذكر دعاء والدته في كثيرًا من الليالي
"لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"
هو لم يكن يعلم تعني له هذه الادعية، لرجل فاقد لمعنى الأيمان، رجلٌ مليئًا بالذنوب
لحظات واقفا ثم اتجه يجلب قنينة من المياه، ثم عاد بعد فترة، دلف السيارة لم يتوجه بالنظر إليها مرة أخرى، وقاد السيارة بصمت فيكفي مافعله سليم عندما قام بتشغيل كاسيت السيارة على الأغاني الرومانسية، ضمها حتى وضعت رأسها على كتفه وادعت نومها
وصلو بعد قليل لمطار القاهرة، ترجل سليم أولًا متجهًا إليها يساعدها في النزول من السيارة، ترجل هو الآخر متجها معهما لداخل
ظل معهما لبعض الوقت حتى انتهيا من المعاملات الرسمية، ثم توجها لطائرتهما الخاصة التي تنقلهما للأراضي اليونانية في بداية الأمر
ضم سليم وربت على ظهره
- ألف مبروك ياحبيبي وربنا يتم سعادتك على خير، عيش واتبسط مع عروستك، وبلاش تشغل بالك بتوفيق، كل الكلام اللي قاله ماهو إلا هوى، هي خلاص بقت من عيلة البنداري، ودا كفيل انه ممنوع حد يقترب منها
ارتسم إبتسامة واسعة على محياه متجها إليها مع أخيه ثم اردف
- ألف مبروك للمرة التانية ياباشمهندسة، بالرفاء والبنين ان شاءالله
ابتسمت إبتسامة بسيطة وأجابته
-عقبال حضرتك إن شاء الله
اومأ برأسه دون حديث، وظل واقفا حتى اقلعت الطائرة بهما، ظل لبعض الوقت ينظر حوله كطفل فقد والدته، تحرك بساقين هلامتين، متجها لسيارته، جلس بالسيارة لبعض الدقائق بصمت، ثم اتجه مغادرا لمنزل حمزة
عند سيلين اتجهت مع والدها ووالدتها لمنزلهما
توقف يونس أمام سيارة والدها، ترجل سريعا متجها لعمه
- عايز اتكلم مع سيلين شوية ياعمي، اجابته زينب سريعا
- سيلين تعبانة ياأسعد، همست له ببعض الكلمات حتى لا تعطي فرصة ليونس الأختلاء بها.
اجابه أسعد: 
- بلاش النهاردة ياحبيبي، بكرة يبقى اتكلم، وبعدين ايه الموضوع اللي كل شوية عايز سيلين فيه
لم يجب عمه وأسرع يفتح باب السيارة وجذب يديها كالمجنون
حاولت التماسك أمامه ولم تظهر أي تعابير على وجهها رغم ضعفها بحضرته ولكنه حطم كبريائها فدنت منه تشير بكفيها لوالدتها التي غضبت من يونس وأردفت
- مفيش بينا كلام يابن عمي، الكلام خلص يوم ماطعنتني واستهزئت بمشاعري، ودلوقتي عيب تكون دكتور محترم وتقطع الطريق على عمك زي قطاعين الطرق
نزعت يديها بعنف ودفعته:
- روح كمل سهرتك مع خطيبتك يايونس وحل عني ..استقلت السيارة وهي تشير لوالدها
- الدكتور يابابا مضايق مفكر أن "علي" صديق سليم فيه بينا علاقة، وهو قصده شريف وكان عايز يتكلم مع حضرتك، لكن طبعا الدكتور يونس مفكر نفسه واصي، نسي أن فيه حضرتك واخواتي..نجحت في غرز سهمها في منتصف قلبه
❈-❈-❈
احتدت نظرات أسعد وأشار إليه
- ابعد عن الطريق بدل ماانزلك يايونس، قالها بغضب عندما شعر بحب يونس لابنته ورغم ذلك خطب سارة، كأنه يعيد ايامه، فغضب عندما تذكر ضعفه أمام والده، لا لم يترك ابنته لتكون لقمة صائغه لهم، هم اكتشفوا أمرها،  فهي ومابعدها الطوفان
عند أسما كانت تجلس على فراشها، تقوم بالتقليب بين الصور، ضحكاتهما المنيرة بهم
ليلى وأسيا وهي، صداقة تجمعهم منذ عشر السنوات، مثل صداقة نوح وراكان وحمزة ويونس ولكن صداقتهم منذ اكثر من خمسة عشر عاما، صداقة لم يصل إليها شوائب، أو خيانة
ابتسمت بحب عندما وجدت صورة ليلى على الحصان، مدت أناملها لتكبر الصورة وجدته، كان يقف يناظرها وعيناه ينبعث منهما العشق
تنهدت بوجع تعانب نفسها
- إزاي مااخدتيش بالك من الحب دا كله يااسما؟
خايفة يكون أنا السبب في وجعهم، أنا اللي فضلت أقولها انسيه
رجعت خصلاتها للخلف بضيق، يارب ساعدها،وانزع حبه من قلبها، عارفة ليلى ضعيفة من جهة راكان
تذكرت ذاك اليوم وهو اليوم الذي كانت على خطوة من فقدانها أعز مالديها، وصل حمزة إليهم بعدما علم مافعله نوح، وبدأ يثور بغضب
- وبعدين انتوا فيه ايه، واحد بيعشق واحدة وسايب أخوه يتجوزها، والتاني سايب حبيبته برضو ورايح يخطب واحدة ولا كان عايز يغتصبها
صاح بغضب وبدأ يحطم مايقابله:
- قولي ياحضرة وكيل النيابة النابغة، هتتصرف إزاي مع أخوك يوم فرحه، راكان لازم توقف جوازة سليم، متخلنيش ادخل واقوله انك بتحب ليلى
شهقة قوية خرجت من جوفه واتجه سريعا
يضع كفيه على فمه وتحدث بصوتًا جحيميا:
- هموتك ياحمزة، اقسم بالله اموتك، أخويا هيتجوز البنت اللي بيحبها، سمعتني قولت ايه، قولتلك البنت اللي بيحبها اخويا، مش اللي راكان بيحبها
دفعه حمزة بغضب:
-بتغلط ياراكان، انت بتغلط ومش اي غلط، لادا جنون ممكن يوصلك للخيانة
أشعلت كلماته جحيم غضبه والذي تجلى بعينيه والتي تحولت للون الأحمر وملامحه التي اكفهرت وباتت مرعبة 
هز رأسه كالذي مسه مسا جنونية
- عمري ماهعملها، إنت واحد مجنون، اقترب حمزة يدقق النظر بعينه وأردف
- النظرة منك هتكون خيانة ياصاحبي، ماهو القلب مالوش سلطان، هتقدر تتحمل تشوف ليلى في حضن اخوك، هتتحمل توقف تباركلهم يوم الفرح وتتمنى له السعادة، فوق ياراكان قبل ماتوصل لطريق آخره دمار ليكم انتو التلاتة
اسكت ياحمزة مش عايز أسمع صوتك، اه هقدر وهعمل كل اللي يسعده، وليلى يوم مالبست دبلة أخويا حرمتها على نفسي، حتى لو اضطريت اكمل حياتي مع أحقر ست قبلتها في حياتي، أهم حاجة مااكسرش سليم
جلس حمزة ينظر إلى نوح الصامت
- وانت ياحليوة، إيه رأيك في موضوع حضرة النايب
نظر له بعيون دامعة قائلا بصوت متقطع
- ياريته يسمع مني، على الأقل عرف ان ليلى بتحبه، يعني وقتها المفروض يوقف الجوازة دي
جحظت أعين حمزة قائلا:
- ليلى بتحب راكان ! بدأ يدور حول نفسه
لما بتحب راكان هتتجوز سليم إزاي؟!
رمقه راكان بنظرة جحيمية
- نوح اتجنن وبيقول كدة وخلاص، مش عارف بيقول إيه ..نهنهات متقطعة وأصوات مستنكرة خرجت من جوفه
أطبق نوح على جفنيه وتحرك للخارج
- انا بقول يمكن، معرفش..دقق حمزة النظر بأعين راكان
- ليلى بتحبك؟! اتجه بنظره للجهة الأخرى ولم يجيبه
وضع رأسه بين راحتيه وتحدث
- يبقى كدا انا عرفت اللعبة ، ضيق عيناه متسائلا :
تقصد ايه؟ ابتسم بسخرية وأكمل
- إنها عملت كدا عشان تضرب عصفورين بحجر
تنتقم منك وتهرب من أمجد
مسح راكان على وجهه وتوقف متجها لسيارته
- انا تعبان وعايز انام، هدخل انام هنا مش راجع البيت
خرجت أسما من شرودها عندما استمعت لرنين هاتفها وجدت اسمه ينقش على هاتفها
ابتسمت بسخرية على القدر الذي تحكم بمصيرهما، انسدلت عبراتها تتذكر طفولتها من ذاك الرجل المتجبر الذي يدعى والدها
(فلاش باك)
-ألقاها على الأرضية الباردة بتلك المنامة الصيفية التي كانت ترتديها بفصل الشتاء القارص وصاح بغضب
-راح تشتكيني للدكتور يحيى، أنا يابنت الكل..ب مانع عنك الفلوس والدروس، طب والله مافيه مدرسة تاني
زحفت تتعلق بأقدامه
-والله يابابا انا ماقولتله حاجة، هو بيسالني مرحتيش الدرس ليه ياأسما، قولتله تعبانة، بس ياسر قاله بابا مش معاه فلوس لدرسها
بكت بنشيج وتحدثت بصوت متقطع:
- وحياتك يابابا بلاش تحرمني، أنا بحب المدرسة، ونفسي ادخل ثانوي عشان اكون مهندسة
دفعها بقدمه، ثم سكب ابريقا من المياه الباردة على جسدها، ثم تحدث متهكمًا
- ثانوي ايه يابت، اتجننتي ومين هيصرف عليكِ
نهضت مستندة على ذراعيها النحيفتين وأشارت لنفسها:
- انا هشتغل واصرف على نفسي يابابا، مش هقولك عايزة حاجة، اقتربت تقبل كفيه
- وحياتي يابابا بلاش تحرمني من التعليم
أمسك ذقنه يمسد على ذقنه وتحدث:
-اوماله، بس طبعا هاخد منك شوية فلوس، مفيش مانع، وكمان متنسيش هتخدمي مرات ابوكي طول الليل وهي بتبسط ابوكي، يمكن تتعلمي وتشوفيها بتعمل إيه مع ابوكي، عشان لما تجوزي تبسيطيه وتقلديها بحركاتها، ودلوقتي قومي فزي، جهزي الحمام لمرات ابوكي، وحضري نفسك عشان تنبسطي ياأسوم
خرجت من ذكرياتها الأليمة وهي تشهق شهقات مرتفعة، تضع يديها على أذنيها  حتى تمنع تلك الضحكات المشمئزة التي أصمت اذنيها وصورهما أمامها.. ظلت تبكي وتبكي إلى أن جفت دموعها،

عازف بنيران قلبي Where stories live. Discover now