البارت السابع عشر

74.5K 956 40
                                    

اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك

وكيف لي أن أخبرك .!!
عن تعب قلبي عندما أفتقد حديثك ..
لن أقول إشتقت لگ
لكنني سأكتفي بكتابة....
ينقصني أنت  ل أكون أنا، حبيبي كيف أقول لك أن:
‏الرحيل و اللقاء...
كلمتان متساويتان في عدد الأحرف فكل منهما يحدث ضجة بنفس الحجم في القلب ....
لكن في اتجاهين مختلفين....
فالرحيل... يبقي مؤلم حتى اللقاء...
واللقاء... يبقي مفرح حتى الرحيل...
فكل من ذاق حلاوة اللقاء... لم يسلم من مر الرحيل...
وبين هذا وذاك.. تبقى غصه في القلب
❈-❈-❈

خرج متحركا وخطواته تأكل الأرض كالنيران التي تلتهم سنابل القمح، توقف نوح أمامه الذي وصل للتو
-راكان إيه اللي حصل، لسة عارف من يونس
سحب نفسًا طويلا ثم طرده يمسح على وجهه بغضب
-تعبت امبارح مع نزيف وجبتها وجيت بقالنا حوالي عشر ساعات والحمد لله يونس والدكتورة طمنوني
شعور مقيت داخله حينما تذكر ماقاله الطبيب منذ قليل، جعل دقات قلبه تتقاذف بين ضلوعه تحرقها، فاطبق على جفنيه قائلا
-الدكتور بيقول فيه حاجة اخدتها سببت النزيف، وكان ممكن نخسرها او نخسر البيبي
كان يناظر نوح بهدوء يتنافى مع ضجيج قلبه ماذا عليه يفعل قاطعه كلمات نوح
-ناوي على إيه؟!
استند على الجدار خلفه يعقد ذراعيه
-انا مخصصلها واحدة لأكلها وشربها يانوح، واحدة واثق فيها مليون المية، دي معلهاش غبار، أنا كنت هحط كاميرا في اوضتها لكن حستها مش كويسة، دي مهما كانت لسة غريبة عليا
أظلمت عيناه وارتسم بها نظرة قاسية
-لو اتأكدت ان هي اللي حاولت تقتل الولد صدقني وقتها حبي ليها هحوله لجحيم
هز نوح رأسه رافضًا حديثه
-لا مستحيل ليلى تعمل كدا؟!  متظلمهاش
اتجه ينظر إلى الفراغ بعينان تقطران ألمًا وملامح يكسوها الحزن الذي تغلغل لقلبه فأردف:
- هي قالتلي قبل كدا تتمنى تموت ولا تتحوزني يانوح، انت عارف معناه ايه، يارب المرادي تخيب ظني
اقترب نوح يربت على كتفيه
-دا كلام ياراكان، ليلى بتحبك
تحدث من بين أسنانه قائلا
-كان يانوح، دي مش طيقاني، وكل شوية ابعد كأني عدوها
راكان ليلى مش نورسين ولا غيرها عشان تاخدك بالأحضان، وانت عارف تربية ليلى غير البنات اللي نعرفهم، وعندها دينها أهم حاجة
معتقدش هتخليك تقرب منها حتى لو بتموت فيك، يارب تفهم كلامي، أنا ابن خالتها وبيكون في حدود بينا، تخيل كدا انت بقى هيكون ايه
تحرك متجهًا لغرفتها
-روح وبعدين نتكلم كدا كدا إحنا هنمشي، لازم أعرف مين اللي بيحاول يموت الولد، لولا عارف تعلق جدي بالولد كنت قولت هو، دا مستني الولد قبل امي نفسها

اوقفه نوح قائلا :
-أسما عندها، ...أومأ رأسه وتحرك للغرفة
عند ليلى قبل قليل
وصلت سيلين إليها، فتحت الباب وهي تنظر بالداخل :
-ممكن ادخل ياام الولد، ابتسمت ليلى لها وهي تشير بيديها بتعبًا
-تعالي ياعمتو، دلفت للداخل تطالعها بنظرات تقيمية ، لا دا لولا قمر والله ياناس ثم رفعت الهاتف
-مامي ليلى كويسة وافتحي الفيديو ياحبيبتي عشان تكلميها، تناولت الهاتف من سيلين ثم تحدثت:
-ماما زينب أنا كويسة وهجي بعد شوية متخافيش حفيدك كويس
على الجانب الآخر بكت زينب بنشيج ام ملكومة
-صحيح ياليلى، يعني الولد كويس ياحبيبتي، يعني هشوف سليم الصغير
انزلقت عبرة على وجنتيها وأجابتها
-متخافيش مستعدة افقد حياتي عشان ابنه يجي لوش الدنيا ياماما، مستحيل اخليكي تحزني مرتين، ادعيلنا انتِ بس ياست الكل
دلفت أسما وهي تتحدث مع زينب، وبعد اغلاقها، توجهت إليها
-ليلى ألف سلامة عليكي يا حبيبتي كدا مش تعرفيني
ابتسمت بهدوء وهي تضع كفيها على أحشائها:
-الحمد لله كله عدى ياأسما، ساعدتها سيلين في تغيير ثيابها بعد دلوفها للمرحاض، مع وضع حجابها، نظرت ليلى لها
-مالك ياسيلي، فيه حاجة مزعلاكي، وزعت نظرها بينها وبين أسما
-ماما من وقت ماعرفت وهي مش مبطلة عياط، أنا خايفة عليها قوي
سحبتها ليلى وأجلستها بجوارها
-عايزة أقولك أنا كنت هموت عليه، ابني دلوقتي أغلى من حياتي، صدقيني ياسيلين لو خيروني بينه وبين حياتي هختاره هو
ازرد ريقها بصعوبة تستجمع الكلمات التي جفت على طرف لسانها
-بتمنى يكون شبه سليم،  اتجهت أسما تجلس بمحاذتها وتدقق النظر في مقلتيها قائلة
-ربنا يباركلك فيه حبيبتي ويقر عينك بيه، والمهم يكون ذرية كويسة تفتخرِ بيه
أومأت رأسها دون حديث واتجهو بنظراتهما  إلى سيلين التي وقفت تنظر في هاتفها بذهول
تسائلت ليلى مالك ياسيلي، إيه اللي شوفتيه مخليك متصنمة كدا
قطبت جبينها وتحدثت ومازالت تحت الصدمة
-هو مش المفروض انتِ وابيه راكان هتتجوزوا، طيب إزاي نورسين منزلة خبر خطبتها منه لا وكمان متصورة بخاتم الخطوبة، إزاي أبيه راكان يعمل حاجة زي كدا
شعرت بالدوار يضرب رأسها بالإضافة إلى تهدل ذراعيها بعدما رأت صورتهما التي انزلتها نورسين بمشاركة راكان
نهضت أسما تجذب الهاتف من نورسين، عندما وجدت تبدل ملامح ليلى وشحوبها
-تلاقي نورسين بتقول أي كلام، هنا تذكرت حديثه، ابتلعت ريقها بصعوبة
-لا الكلام حقيقي، اخوكي قالي انه هيتجوزها، أنا وهو مستحيل يكون بينا جواز حقيقي
رفعت نظرها إلى سيلين بعينيها المترقرقة بالدموع
-متزعليش مني، بس راكان دا مش إلانسان اللي امنله على حياتي، وعايزاكي تتأكدي
هو لو هيتجوزني هيكون بالغصب عني، ومضطرة أوافق عشان ابني،
انزلقت دموعها بالعجز وأكملت
-الشخص دا اكتر واحد كرهته في حياتي، وكل مااتخيل ان هيربطني بيه حاجة بتمنى الموت
شهقات خرجت من فمها كلما تذكرت صورته مع تلك النورسين وأكملت ماشطر قلبه لنصفين وهو بالخارج
-لو بأيدي كنت قتلته واتخلصت منه على جبروته، ماهو مش معقول بعد مااكون مرات الباشمهندس سليم، اسمي يرتبط بواحد زي راكان دا، ولو بأيدي أخلص عليه عشان مربطنيش بيه حاجة 
قالتها بانين حطم قلبها وعبراتها تنسدل بقوة عبر وجنتيها حتى تمنت الموت
قبل قليل وصل ترك نوح قائلا
-هعرف مين عايز يموت ابن سليم، لو مش ليلى ليها يد يبقى مفيش غيرها مرات عمي بتنتقم، لازم أتأكد، وهعرف وقتها قالها متحركًا متجها إليها
رفع يديه للطرق على باب الغرفة ولكنه استمع ماشطر قلبه نصفين من حديثها
لحظات بل دقائق معدودة، ابتلع غصة مريرة ونبرة تقطر وجعًا
-ليه ياليلى؟! ليه شايفني وحش كدا؟!
تراجع للخلف بهدوء حينما شعر بفقدان وعيه من كلماتها التي اخترقت روحه، شعر بانقباض ضلوعه داخل صدره، بل نيران تحرقه بالكامل

عازف بنيران قلبي Where stories live. Discover now