البارت الثالث والعشرون

56K 792 37
                                    

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

نضطر أحياناً بالتظاهر بما ليس في القلب كي نحافظ على مظهرنا وملامحنا الخارجية ولا نقلل من أنفسنا أمام من أحببنا.
فالجرح الذي يأتي من الحبيب يظل غائرًا في القلب، ولا تتمكن الأيام من مداواته.
❈-❈-❈

قبل سفر راكان بقليل
استقلت بجواره السيارة، أمسك هاتفه وقام بمهاتفة أحدهما
-معتصم أنا في طريقي للمطار الحقني على هناك عشان ترجع بمدام ليلى
انهى اتصاله، ثم اتجه لحارسه:  سوق يامحمود وخلي بالك موضوع سفري اتعرف
أومأ الحارس الشخصي بالموافقة واجابه
-تمام ياراكان باشا، فيه حاجة لازم تعرفها، قالها وهو ينظر إلى ليلى
حمحم راكان وتحدث بمغذى:
-تمام يامحمود أمشي عشان نلحق ميعادنا
اتجه بأنظاره إليها مردفًا بهدوء
-مالك؟!  استقطبت ملامحها وسألته بجدية
-مش ملاحظ موضوع اللخبطة في شركة والدتك دا مريب شوية، انت قولت سليم مظبط كل حاجة قانونية واتنقل باسمك، إيه المشكلة دلوقتي
جذب كفيها وتشابكت أنامله القوية بأنامله الصغيرة ثم رفعها وطبع قبلة في باطن كفيها قائلا
-سيبك من دا كله، المهم اهتمي بنفسك وأمير كويس، وبلاش تخرجي لوحدك مهما يكون، محمود هيكون معاكي يعتبر مالوش غيرك في غيابي
صمت للحظات ثم اتجه ينظر لمقلتيها
-مهما يحصل وتسمعي من حد حتى لو جدي مترديش عليه، أنا شوفت الفيديو اللي كان بنكم
كسا الوجوم ملامحها فأردفت
-جدك دا لايطاق بجد، معرفش ازاي دا أب اصلا
رسم قناع بارد فوق ملامحه رغم الغليان القابعة في صدره من محاولات جده البائنة
-عايزك تفهمي ان جدي اهم حاجة عنده السلطة، ومن وقت ماخسر شركاته بيستعمل قسوته ومفكر دا قوة، فأنا بحاول اتمادى عنه لاني عارف هينزل على مفيش
-هحاول أبعد عن ابو لهب بتاعكم دا، اخر مرة كان هيبلعني
كتم صوت ضحكاته وأردف:
-يعني داخلة عليه تطرديه من المكتب ويسكت يالولة، دا توفيق البنداري بردو مش اي حد
تمتمت  بكلمات إستياء محاولة السيطرة على غضبها
-انا عمري ماتكلمت مع حد بقلة ذوق بس دا متجبر بجد، يعني كل حياته أوامر وبيبص للناس بإحتقار
كان يطالع حركات شفتيها المغرية، وغضبها الذي أحبه حيث توردت وجنتيها بلون غضبها
قاطعت حديثها وهي تنظر إليه فولت بنظراتها بعيدًا عن نظراته المخترقة لها
ضغط على كفيها فاتجهت له دنى يهمس لها
-أنا بقول توفيق دا مفتري ولازم أرجع احاسبه عشان مزعل لولة، وبالمرة ألغي السفرية دي واجهز لسفرية تانية،  فيها حاجات تانية طعمها حلو
احمرت وجنتيها بحمرة الخجل وهي تطرق انظارها للخارج، وابتسامة مغرمة على شفتيها من كلماته
حاولت سحب كفيها ولكنه كان متمكن بسيطرته الكاملة عليه
صمت دام لدقيقة بينهما ثم قاطعته محمحمة
-راكان ممكن اطلب منك طلب
رفع ذقنها بأنامله قائلا:
-إنتِ تؤمري حبيبي مش تطلبي
وضعت رأسها على صدره صامتة للحظات، حاوطها بذراعيه وتسائل
-عايزة إيه؟! ..اتخذت نفسًا عميقًا ثم اعتدلت تنظر إلى مقلتيه
-راكان عايزة أروح أقعد عند بابا لحد ماترجع، بابا محتاجني قوي الأيام دي، وحياتي ماترفض
لامس وجنتيها بإبهامه وعينيه تطالعها بصمت
لحظات من الصمت، بينهما ولكن هناك نظرات رافضة، ورغم رفضه . ..
-باباكي مسافر بعد بكرة يعني وجودك مالوش لازمه هناك..احتضنت كفيه  وترجته مرة اخرى
أومأ لها متنهدًا بعدما ضعف أمام عيناها الراجية:
-هتروحي بس ممنوع اختلاطك بآسر ياليلى، الولد دا مبحبوش
تراجعت بجسدها لمقعد السيارة وابتسامة على وجهها ..رفع حاجبه وتسائل
-الابتسامة دي وراها ايه؟!
طالعته وأجابت:
-اصل آسر يوم ماسليم طلبني للجواز، تخيل قال إيه
قبضة قوية اعتصرت قلبه بعدما ذكرته بالذي تمنى أن يفقد ذاكرته بسببه؛ حاول أن يسيطر على غضبه حتى لا يغضبها
-قالك ايه؟!
تذكرت ذاك اليوم واجابته
-قالي راكان احسن من سليم، راكان واضح ماتسمعيش اللي بيتقال عنه
لم ترى ردة فعل منه غير إيماءة من رأسه.. بعد قليل وصلا إلى المطار؛ توقفت السيارة
باتت نبضاتها الهادرة تتخبط بعنف بين ضلوعها
وقبضة قوية اعتصرته، قبضت على كفيه، وخيط مترقرق من الدموع فهمست بصوت متقطع
-إحنا وصلنا..شعر بالحرارة المنبعثة من جسده ونيران قلبه تكويه دون رحمة فجذب رأسها وطبع قبلة مطولة على جبينها يبث فيها كل أشواقه ويشعرها بالإطمئنان
-مش هتحسي بغيابي وإن شاء الله هرجع بسرعة..المهم زي ماقولتلك، لازم تاخدي بالك كويس ومتثقيش في أي حد
ترجلا وهما متشابكين الأيدي إلى أن وصلا مهبط الطائرات
داعبها بعينيه وهو يفترس ملامحها، ثم جذبها يحاوطها بين أحضانه قبل صعوده للطائرة
همس بجوار أذنيها
-لما ترجعي البيت هتلاقي نوتس في الدريسنج روم يبقى شوفيها، وفيه علبه جنبها دي بتاعتك
طبع قبلة على وجنتيها وهمس
-"بحبك مولاتي" قالها وتحرك بعدما أشار بعينيه إلى محمود الحارس الشخصي وصعد إلى طائرته دون النظر خلفه
ظلت لدقائق معدودة حتى اقلعت الطائرة، هنا فقدت سيطرتها وانزلقت عبراتها كشلال وهي تمتم
-هتحمل غيابك إزاي وأنت من دلوقتي وحشتني"..أزالت عبراتها متحركة إلى منزله اولا
عند حمزة استيقظ على رنين هاتفه
-دا ايه الصباح الحلو دا حبيبي ..هب فزعًا عندما استمع لشهقاتها وهي تتحدث بصوت غير مفهوم متقطع
اعتدل يمسح على وجهه ويرجع خصلاته متسائلا:
- درة حبيبتي اهدي عشان اعرف بتقولي ايه
سحبت نفسًا تضع كفيها على فمها وتحدثت:
-سيلين كلمتني وعمال تصرخ وتقول قتلت يونس وعايزة راكان، وراكان تليفونه مقفول وليلى مش عارفة اوصلها، هما كلموني من ساعة تقريبا وقالوا هيروحوا المطار
ممكن راكان يكون في الطيارة، بس ليلى تليفونها مقفول معرفش ليه، أتصرف ياحمزة واوصل لسيلين انا مش عارفة اتصرف لوحدي
صدمة بل صاعقة صفعته بقوة حتى توقف عقله عن التفكير وهو يمسح على وجهه عله يستوعب ما استمع إليه فأجابها
-طيب يادرة انا هتصرف، أغلق الهاتف سريعا وقام الأتصال على يونس
كانت تجلس بجواره وجسدها يرتعش، تضع يديها على جرحه ودموعها تنسدل بقوة، وتتمتم
-راكان إنت فين..تعالى انقذ يونس، راكان..ظلت تكررها بهدوء ونظراتها في اللاشئ
استمعت إلى رنين هاتف يونس، امسكته ظنا أنه راكان وأجابت سريعًا بصوت متقطع
-راكان أنا قتلت يونس..قطعت حديثها عندما استمعت إلى صوت حمزة
انتو فين ياباشمهندسة..نظرت حولها بضياع واجابته
-في شقته ...تحرك بسيارته بأقصى سرعة، ولم يلاحظ ممن يتحرك خلفه لمراقبته
وصل بعد قليل وطرق على باب الشقة ولكن لا يوجد رد..كانت بالداخل تنظر بحدقيتها ولا تشعر بما حوله،
دفع حمزة الباب وهو يصرخ بصوته عليها
-سيلين افتحي الباب، ظلت تائهة ضائعة، تصنم جسدها، وشل لسانها، وتوقفت حياتها
وصل المسؤل عن المبنى، صرخ به حمزة
-افتح الباب دا ولا اكسره..اعترض الرجل قائلا:
-مينفعش ياحمزة بيه الدكتور يونس ممكن يطردني
امسكه حمزة يطبق على عنقه، هات مفتاح الشقة، قالها صارخ، بسط الرجل يديه بالمفتاح
هرول سريعًا يفتح الباب؛ دلف إلى الداخل يبحث عنهما ..صدمة قوية نالت منه لدرجة شعر بأن الكون يدور به فكانت نظراته نحو سيلين التي تجلس تحتضن يونس ودموعها تنسدل بصمت..عينين هالكتين وجسد بلا روح
اقترب منها وتحدث:
-باشمهندسة سيلين يونس ..ظلت كما هي كأنها فقدت الحركة والكلام
جذبها حمزة من ذراعيها..بعدما أخذ يونس الذي شعر ببرودة جسده وتخضب شفتيه بالزرقة..اهتز جسد حمزة خوفًا على صديقه
تحركت دون مقاومة، اجلسها على الأريكة، واتجه سريعًا إلى يونس يحمله مع الحارس متجهًا إلى الأسفل
-خلي بالك منها وهرجعلك بسرعة.. تحرك بسيارته بأقصى سرعة وامسك هاتفه
❈-❈-❈
عند نوح
حاوطها بجسده ينظر إلى مقلتيها مقتربًا من شفتيها
-هتقدري تعيشي بعيد نوح ياأسما، قلبك هينبض وتقدري تتنفسي وانت بعيد عن حضني
شهقة خرجت من فمها تبعها بكاء مرتفع ودموعها المنسدلة على وجنتيها تحرقها كلهيب يحرق احشائها ، هزت رأسها رافضة
-انا مش قادرة يانوح، أنا بموت ..قطع حديثها بخاصته التي سحقت شفتيها
اغمضت جفونها من أثر الرجفة التي هجمت جسدها، رفعت ذراعيها تحاوط عنقه، تاركة له معركة العشق..ظل يغرد على ألحان عشقه، ولكن قطع وصلة غرامه، رنين هاتفه الذي صدح لعدة مرات متتالية
دفعته أسما تتخذ أنفاسها بصعوبة وتحدثت بصوت متقطع
-نوح شوف تليفونك
ارجع خصلاته للخلف متنهدا ونيران عشقه تسيطر عليه
-مين البارد على الفجر دا..أمسك هاتفه ثم زفر بغضب
-عريس الغفلة سهران حد قده الليلة، اكيد عايز يتسلى
أطلقت ضحكة خافتة من بين شفتيها:
-رد عليه ممكن يكون حاجة مهمة ..ابتسم وهو يجذبها لأحضانه هرد بس مش عشان أعرف عايز ايه، عشان ضحكة حبيبتي اللي اتحرمت منها شهور
نظرت للأسفل وتوردت وجنتيها حتى أصبحت بلون التفاح الذي حان قطفه..دنى يطبع قبله على وجنتيها غامزا
-اموت في التفاح ياتفاحة حبي
استمع إلى الرنين مرة أخرى.. أخرج زفرة غاضبة وأجابه
-إيه يابني ماترحم امي  
-نوح اسبقني على مستشفى يونس بسرعة، ومش عايز حد يعرف دلوقتي حتى أسما
هب فزعًا من صوت حمزة الذي إن دل على شيئا فيدل على فاجعة..تحدث بصوت متقطع
-راكان حصله حاجة ولا إيه..نهضت أسما سريعا تقف بجواره، متسائلة:
-نوح فيه ايه؟! ايه اللي حصل؟!
رفع كفيه يشير إليها بالصمت..ثم تحرك سريعا يبدل ثيابه
-أسما يونس بيموت وحمزة واخده المستشفى بلاش تعرفي ليلى عشان راكان اكيد سافر دلوقتي
شهقة خرجت من فمها تضع كفيه عليه متسائلة
-إزاي يعني يونس بيموت..وضع قبلة سريعه على وجنتيها قائلا:
-معرفش هروح وأعرف المهم ليلى متعرفش حمزة مأكد على درة هي كمان
أومات متفهمة..ثم تحرك سريعًا متجهًا للخارج
بعد قليل أمام غرفة العمليات يجلس نوح بجواره حمزة، نهض يضرب على الحائط
-هما اتأخرو ليه..جلس حمزة يتطلع إلى الأمام ولم تتحرك عضلة من وجهه؛ استمر بجلوسه الهادئ رغم ناره التي تكمن داخله
خرج الطبيب وصل نوح إليه بخطوة
-إيه ياطارق..يونس عامل إيه؟!
هز الطبيب رأسه بأسفًا:
-خسر دم كتيير والكلية اتأثر من الطعنة للأسف،
صرخ نوح عندما فقد السيطرة
-هو أنت بتنقطني يابني قول هو عامل ايه؟!
نظر الطبيب إلى الأسفل وتحدث بهدوء:
- حالته مش مطمنة، هنشوف الساعات الجاية، وزي ماقولت له كلية اتأثرت، وطبعًا أنا حاولت أوقف النزيف بس 
هوى نوح على المقعد عندما شعر بإنسحاب انفاسه، جلس واضعًا رأسه بين راحتيه
عند ليلى بقصر البنداري
عادت إلى القصر دلفت للداخل، تقابلت بزينب عند مصلاها
-ليلى حبيبتي إيه اللي جابك دلوقتي، راكان قالي انك هتباتي عند باباكي، ارتبكت من وجودها
فركت كفيها وتحدثت بتقطع
-ماهو انا استأذنت منه اقعد عند بابا لحد مايسافر، وهو وافق وجيت عشان اخد هدوم ليا ولأمير
ربتت زينب على كتفها وأردفت
-بس متتأخريش عليا بأمير يابنتي..أومأت برأسها وتحركت من أمامها سريعًا
دلفت إلى غرفتها اولا ووضعت بها بعض الثياب، ثم اتجهت إلى غرفته
دلفت بخطوات متعثرة عندما استقبلتها رائحته تحتضن صدرها، تنفست بتثاقل حتى تتمتع برائحته الندية لقلبها، اتجهت إلى فراشه تتحسسه بأناملها لأول مرة تجلس عليه
تسطحت تضع رأسها على وسادته تستنشق رائحته العبقةوتضم الوسادة مع هطول عبراتها على وجنتيها وهي تهمس بأسمه
وضعت كفيها على أحشائها
-تفتكر هيكون عندنا ولد، النهاردة عندي إحساس كبير هكون حامل، خايفة قوي ياراكان، خايفة من الي جاي، يرجعوا يلوموني ويقولوا اخدت الأخين..آهة خفيضة خرجت بنيران العشق
رفعت سترته تستنشق رائحته كمدمن
-بعشق الريحة دي، سحبت كما كبير تملأ رئتيها ثم ضمتها لأحضانه
ظلت لبعض الدقائق بنفس الحالة، ثم توقفت تجلس أمام مرآته تحمل عطوره واحدة تلو الأخرى تستنشقها حتى تعبأ رئتيها منهم
ظلت تتجول بغرفته تتمنى أن يخرج من أي ركنًا بها حتى وصلت إلى غرفة ثيابه
دلفت بهدوء ونبضات قلبها تتسارع بالنبض
فتحت الخزانة بهدوء تنظر بعينيها على جميع ثيابه وتتلمسهم بأناملها، وصلت عيناها لتلك النوتس الموضوعة بجانب علبة مخملية مزخرفة بنقوش ماسية
حملتهما واتجهت للأريكة تجلس عليها، فتحتها بهدوء ورغم هدوء تحرك اناملها إلا أن هناك تدفق بأوردتها وتسارع بنبضاتها
فتحت العلبة اولا وجدت بها كارت به رائحته
ويكتب عليه
"ليلى راكان البنداري"..تاريخه منذ سنتين ونصف
فتحته وقرأت مابداخله
-آسف كان لازم أعمل كدا عشان نتقابل
قطبت مابين جبينها بتسائل
-يقصد ايه؟!
وضعت الكارت وقامت بفتح تلك العلبة الصغيرة..تحتوي على خاتم ألماسي به فص من الأحجار الكريمة وينقش بداخله أسمها واسمه، وتاريخ صناعته
توسعت عيناها حينما وجدت الخاتم ترجع بذاكرتها لذاك اليوم، اليوم الذي قبلت به زواجها من سليم
تنهدت متألمة وانفاسها المرتفعة؛ أطبقت على جفنيها بحزن وهمست
-غبية انا واحدة غبية، كنت حاسة ورغم كدا كذبت احساسي
فتحت النوتس ونظرت بداخلها
-مولاتي..بل حبيبتي وزهرة حياتي، معرفش هتشوفي كلماتي البسيطة دي ولا لا، ولا هنتقابل في يوم يجمعنا ولا لا
سميتك مولاتي لأنك تحكمتِ في عرش قلبي واخترقتِ الفوارق
-ليلي وسماي بل قمري المنير في دنيا ظلام حياتي
كلماتي ماهي إلا وصف لحالاتي
-فأنت الحب والعشق والغرام
بدأت تقرأ كلمات مابين السطور وعبراتها تسبق شفتيها التي تنطق كلماته، وكل صفحة بها صورة لخروجها من إحدى الشركات، صورة تلو الأخرى بمفترق الأماكن
لمست أناملها صورته التي توضع بآخر صفحاته، ويكتب بجوارها
"من يطرق باب العشق ويدخله بإرادته ياإما أن يعود طفلا بحبه للحياة او يخرج منه إلى منفى
آسيرًا للمماتِ"
أمسكت صورته تطالعها بعيناها التي انهمرت عبراتها ممزوجة بنزيف قلبها بظلم قدرها
احترق قلبها من غبائها وتهورها بعدما اتضح كل شيئا أمامها؛ نعم عشقها مثلما عشقته، كان خلفها بخطواته وروحه وقلبه النابض ولكن ماذا فعلت هي من أدمت قلبه لينزف جراح ويحترق
نهضت تجمع الأشياء وتضعها بصندوقها، ثم قامت بترتيب الخزانة وتاركة لنفسها مساحة لثيابها، كانت تلمس كل شيئا بإشتياقًا كمغترب يعود لوطنه بعد سنين يتلهفه الشوق والاشتياق
مرت قرابة الساعة ثم اتجهت إلى هاتفها الذي يوضع على الشاحن وفتحته وقامت الإتصال باختها
-درة صباح الخير ..اجابتها درة التي تحمل طفلها وتطعمه
-صباح الخير حبيبتي..راكان سافر
تنهيدة حارة خرجت من جوفها مع غصة تشكلت به قائلة بعينا مترقرقة:
-سافر من ساعة ونص، وأنا كنت جاية أخد شوية هدوم عشان نقعد كام يوم عند بابا
قاطعتها درة سريعًا
-ليلى مينفعش تسيبي بيت جوزك في غيابه مهما كانت الظروف وكمان بابا هيسافر بكرة بليل يعني وجودك هنا زي عدمه
ضيقت ليلى عيناها متسائلة
-انتِ بتطرديني يابت ولا إيه، ماهو ماما موجودة هقعد معاها
نهضت درة بعدما وضعت الطفل وحاولت ان تتحدث معها لأقناعها
-براحتك بس أنا شايفة لازم تفضلي عندك عشان الكل يفهم إنك مراته فعلا مش مجرد أرملة
زفرت ليلى بضيق وهي تشعر بأن هناك شيئا ورغم ذلك نفضت حديث درة واتجهت إلى غرفتها وهي تتحدث
-أمير صحي ولا لسة
اجابتها بتنهيدة وهي تنظر إليه وهو يلعب بألعابه
-صحي بعد ماراكان كلمني بنص ساعة، ماما اخدته غيرتله وعملت اكله وانا اكلته ودلوقتي بيلعب
ارجعت خصلاتها للخلف:
-آسفة يادرة عارفة تعبتك معايا امبارح بس حقيقي كنت محتاجة افهم حياتي هتكون إزاي
تنفست درة بتثاقل كلما تذكرت ماصار إلى سيلين ثم زفرت الهواء على دفعات وأجابتها
-المهم تكوني انبسطي ياليلى، ياله تعالي عشان ابنك زهق مني، وكمان لازم انزل عندي مشوار مهم
أنهت اتصالها، ثم استمعت لطرقات على باب غرفتها
-دلفت زينب إليها تنظر بالغرفة ثم اتجهت تجلس بمقابلتها حينما شعرت بألمًا يخترق قلبها
-سيلين مرجعتش لحد دلوقتي كنت مفكرة إنها معاكي، وبما إنك هنا يبقى هتكون فين
فغرت شفتيها مصدومة من حديث زينب فتسائلت
-يعني سيلين برة من إمبارح، لسة مارجعتش ؟!
وضعت زينب رأسها بين راحتيها متنهدة بوجع قلبها
-لسة، واتصلت بيونس مبيردش، قلبي وجعني عليها، روحت سألت عنه قالوا مرجعش، خايفة يتهور عليها دا مجنون
ربتت ليلى على كفيها وتحدثت:
-ان شاءالله هتلاقيهم شوية وداخلين، يونس كان بيقول وراه عملية، ممكن تكون استنته وتليفونها فصل شحن اهدي
هزت رأسها ورجف قلبها من الخوف وشعورها بشيئا مريب
-لا هي عمرها مااتأخرت ولا باتت برة، وكمان اخوها وابوها مش موجودين، لا قلبي وجعني لازم اتصل بأسعد واعرفه
جلست ليلى بمقابلتها وحاولت تهدئتها
-طيب نستنى شوية كمان وأنا هحاول اتصل بيها يمكن فونها صامت أو في حتة مفهاش شبكة
❈-❈-❈

عازف بنيران قلبي Where stories live. Discover now