البارت الثاني والعشرون

70.9K 971 35
                                    

            بسم الله الرحمن الرحيم
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

أغار من القمر لأنه مُقترن بليلكِ
فاذا وجد فى سماكِ أضاء على خد وجهكِ
فى الليل أنتى ليلى وملاذى و غفوتى
واذا بالدخيل يُنعم فى حنايا فضاءُكِ
أغمض عينى حتى أراكِ وكم تُشبهين وجه بدركِ
من الليل انتى وعيناكِ نجوم هدايتى
والثغر آهٍ من جمال ما ينطق
كأنه نغمٌ يُعزف على ألحان قصيدتى
وكم مَنيتُ نفسى أن أذوق شرابهُ
عسلٌ... مسكرٌ ...حد الثمالة مُنعمِ
لكنى مهما شَربتُ لم ارتوى ابداً ولن اكتفى
آه ٌ ياليلى ويا نجمى ويا مشكاةُ هدايتى
مُدى يديكِ واخرجينى من ظلام افكارى وعالمى ووحدتى
فأنتِ النور فى سماءً غاب بدرها
وأنتِ النجم للغريب المُشتتِ

❈-❈-❈
قبل ساعتين
وصلت أمام المبنى الذي يقطن به والدها، سحب يديها ونظر لمقلتيها
-ليلى مش عايز اتخانق مع حد النهاردة ياريت تراعي مشاعري شوية
ضيقت عيناها متسائلة
-مش فاهمة قصدك ياراكان؟!
تنهد وهو يسحبها لأحضانه ثم طبع قبلة على رأسها
-بلاش كلام نهائي مع آسر، صدقيني الولد دا الي حايشني عنه باباكي وبس، غير كدا كنت دفنته حي
حاوطت خصره ومازالت بأحضانه
-أنا الي طلبت منه ياراكان هو مالوش دعوة..أخرجها من أحضانه يحتضن وجهها
-الي فات دفنته ياليلى، متخلنيش أقلب تاني، انتِ غلطي وغلطي جامد كمان، فبلاش نقلب في القديم، مجرد ماافتكر قلبي بيوجعني
تراجعت للخلف وهزت رأسها
-حاضر ياراكان، هعمل الي إنت عايزه ..اتجهت إلى السيارة حتى تخرج إبنها
سحبها وقام بحمل الطفل ثم حاوطها متحركًا للداخل وهو يهمس لها
-بلاش أعرفك غيرتي عليكي بتكون إزاي، يارب تراعي الحتة دي عشان منتعبش مع بعد ياحبي
حاولت  منع إبتسامتها من كلماته التي اشعرتها بالسعادة..جذب رأسها يحاوطها من اكتافها
-اضحكي اضحكي هنشوف مين الي هيضحك في الآخر..دلفت للمصعد وهو خلفها تتلاعب برابطة عنقه
-دنجواني بيغير، دا إنت ياحبيبي مفيش غير الستات وراك، اطلق ضحكة رجولية وهو يهز رأسه ..ثم إلتصق بها للحد الذي جعل وجنتيها تضج بحمرة الخجل
-راكان متبقاش مجنون، إحنا في الأسانسير، أغمض جفونه مستمتعًا بهمسها وعطر أنفاسها، مما جعل قلبه يخفق بقوة..رفع ذقنها بأنامله
-مولاتي ساحرة شريرة بتخطف قلبي من مجرد كلمة
تلاقت الأعين وتعالت الأنفاس
-ابعد يامجنون هتفضحنا، وأنا مش متعودة على الفضايح، إنما أنت ماشاء الله كل خطوة بست ياريت تراعي مشاعر الست اللي بتقول بتحبها..نبرة الألم في صوتها جعلته يزفر بقوة فأردف:

-مفيش فايدة فيكي ابدًا، يابنتي مفيش حاجة من دي..سحبت نفسًا قويًا حتى لا تبكي فكلما تذكرت علاقاته القديمة تشعر بنيران قلبها
وصلا إلى منزل والدها..أمسك كفيها بعدما وجد العبوس على وجهها
-ليلى بوصيلي، رفع ذقنها وتحدث
-مش كل الي تسمعيه وتشوفيه حقيقة، فيه حاجات يبقى نتكلم فيها لما نقعد مع بعض
دلفوا إلى الداخل، كان عاصم يجلس بجوار آخيه عبدالرحمن وآسر، بينما في المقابل يجلس نوح بجواره حمزة ووالده
ألقى تحية السلام، وأشار بعينه لليلى للدخول، اتجهت ليلى لعمها :
-اذي حضرتك ياعمو وحشتني..نهض عبدالرحمن يضمها
-لولة حبيبة عمها عاملة ايه، أخير شوفناكي، أشار للولد الذي بيد راكان
-دا ابنك حبيبتي..نهضت وأخذت الولد تنظر لراكان بهدوء
-ايوة ياعمو، اسمه أمير.. ضمه عمها مقبلا جبينه
-أمير وهو أمير فعلا، رفع نظره إلى راكان الذي كانت عيناه مسلطة بقوة على آسر وهو يطالع ليلى بنظراته، ود لو قام بإختناقه، أخرجه من تحديقه بأسر صوت عبدالرحمن
-اذي حضرتك ياحضرة المستشار
اومأ برأسه مردفًا بهدوء
-الحمد لله..ثم اتجه نظره لليلى
-ادخلي جوا شوفي مامتك..تحركت لتأخذ الولد
-حبيبي ممكن اخد أمير.. ابتسم عمها وأشار على راكان
-واخد من عمه كتير، قاطعه آسر قائلا بمغذى
-مش عمه يابابا، وبعدين هو واخد أكتر من باباه، طبعا حضرتك عارف والده مين الباشمهندس سليم
كور راكان قبضته حتى ابيضت مفاصله، كي يحاول السيطرة على نفسه، رمق ليلى بنظرة قاسية؛ فحملت إبنها ودلفت سريعًا دون حديث
وصل يونس وسيلين  هم الآخرين
بالداخل  جلست ليلى بجوار درة، رفعت همت زوجة عمها
-عاملة إيه ياليلى، بسمع الراجل الي اتجوزتيه صعب قوي
تهكمت درة واجابتها:
-قصدك على الأستاذ راكان، دا جنتل قوي ياطنط همت، مين الغبي الي قالك كدا..قاطعهم دلوف سيلين
-عروستنا الحلوة عاملة ايه ؟!
نهضت درة تضمها بسعادة
-سيلي حبيبتي، نورتي ياقلبي..استدارت همت تنظر إليها وتطالعها بتحديق ثم تسائلت
-هي مين الحلوة دي ياسمية؟!
دي اخت جوز ليلى ياهمت
آه قولتيلي فكرتها صاحبة درة..أشارت سمية إلى أروى وتحدثت
-دي أروى صاحبة درة، وكمان سيلين معاهم في نفس الكلية بس لسة صغيرة عنهم بتلات سنين
أومأت برأسها وأردفت بصوت يكاد يسمع
-بس حلوة البت دي، عيون زرقة وشعر أصفر هي أجنبية
هزت سمية رأسها وأردفت
-لا دي اختهم عادي ياهمت، ما ياما فيه بنات بيطلعوا بشكل الأجانب واصلهم مصري
وطأت رأسها تهمس لها
-إيه رأيك فيها لآسر، يمكن لما يشوفها يرضى يتجوز ..قاطعهم وصول المأذون
خرج الجميع سوى درة وليلى التي كانت تجلس شاردة، بينما درة كانت تنهي زينتها، نظرت درة لأختها في المرآة
-مالك يالولا بتفكري في إيه
رفعت رأسها وابتسمت:
-مفيش ياقلبي، بس بابا صعبان عليا قوي، خايفة عليه قوي يادرة، أنا بحثت عن العمليات الي زي دي وبيقولوا معظمها بيفشل
توقفت متجهة وجلست بجوار اختها، وانسدلت عبراتها عندما تذكرت حالة والدها الأخيرة
-بابا بيتألم قوي ياليلى، مشفتهوش وهو بيصرخ من الألم، ببقى نفسي أخد الألم عنه
حضنتها وبكتا الأثنتين ..أزالت ليلى دموع اختها ونظرت لمقلتيها
-اكيد ربنا رحيم بينا ياحبيبتي وان شاء الله يعمل العملية ويرجع حتى يقعد في وسطينا
استمعا لطرقات على باب الغرفة..دلف راكان يبحث عنها
-المأذون وصل بقاله فترة، إيه غيرتي رأيك ولا أيه..نهضت تنظر للأسفل بخجل فتحدثت بصوتها الهادئ
-خلاص خلصت، كنت بقول حاجة لليلى..دلف كريم أخيها
-عروستنا الحلوة خلصت ولا لسة، الراجل زهق وممكن يطفش..خطت إلى أن وصلت لأخيها وتحدثت
- خلاص اهو..اقترب يضمها ثم طبع قبلة على جبينها
-ألف مبروك ياحبيبتي؛ ثم سحبها متجهًا للخارج ..بينما وقف راكان يطالع ليلى الصامتة، وعيناها التي بها أثار للدموع
اتجه وجلس بجوارها، ثم ضمها لأحضانه
-مالك حبيبي كنتِ بتعيطي ليه!!
رفعت رأسها وتحدثت بصوت خافت
-راكان تفتكر بابا هيقوم من العملية دي، صعبان عليا قوي وهو تعبان كدا
احتضن وجهها بنظراته ثم أزال دموعها متحدثًا بصوتًا حاني
-ليلى حبيبتي كل حاجة في الدنيا دي ربنا موزعها بقدرة تحمل كل إنسان، يعني مرض والدك وعمليته دي بحكمة من ربنا، نجاح اوفشل دا ملناش دخل فيه، كل الي بأيدينا أننا ندعيلوا
احتضن وجهها بين راحتيه:
-مش عايزك تبقي ضعيفة مهما حصل، وكل واحد مننا له نصيب من الألم والحزن، زي مالينا نصيب من الفرح، ونرجع نقول الحمد لله على كل نصيب، متفكريش في موضوع العملية دا خالص، منعرفش إيه الي ممكن يحصل، كل واحد واحد مننا له روح بس منعرفش إمتى الخالق هيقبضها، يعني حبيبي اوعي تفكري ان والدك ممكن يموت بمرض بس، هو أنا مثلا تقدري تقولي ممكن اعيش بعد كام ساعة..سليم كان عيان عشان كدا مات، وأنا ممكن في لحظة
وضعت كفيها على فمه
-اسكت بلاش تتكلم من فضلك، مش عايزة قلبي يوجعني
-هتزعلي عليا ياليلى لو مُت!!
ألقت نفسها بأحضانه وبكت بنشيج كأنها لم تبكي محاوطة خصراه، وهي تتحدث بصوت مفعم بالبكاء
-حرام عليك ياراكان، انت عايز تموتني، ليه توجعلي قلبي، كفاية وقت ماعرفت انك مقصود من الناس دي وأنا مرعوبة
استقرت كلماتها بصدره تؤلم روحه فتحدث بثبات
-مفيش بيموت ناقص عمر حبيبتي
رفعت كفيها إلى وجهه مردفة بعيونًا دامعة
-اوعدني تاخد بالك من نفسك، وبلاش تقرب من الناس دي، كفاية وجع لحد كدا
قبل كفيها ونهض يضمها
-ان شاءالله تعالي ياله الناس مستنية برة

عازف بنيران قلبي Where stories live. Discover now