البارت التاسع والخمسين

123 2 1
                                    

هو كان بينهي الربكة وبغير قصد زادها فيها ، وفزت من انفتح الباب اللي ظهرت خلفه بشرى بكامل زينتها وفستانها الزهري عاري الأكتاف وهي تحط إيدها على فمها بصدمة : معليش ما دريت !
هي إلتفتت له تشوف إنه كان يناظر جهة الباب ولكن لما سمع الصوت نزل راسه لأياديهم ، صدت للباب تشوف إنها راحت وهي ترفع حاجبها : يعني ايش!!
خفق قلبه من نطقها ، ورفع قفى كفّها لشفته يحبه وهو يتدارك إبتسامته: يعني ورعنه
عقدت حاجبها من الكلمة وهي تهز كتفها : ممكن!
رن جواله بإسم أدهم ، أخفت ابتسامتها تتذكر كلام أدهم الأول وهو يشتمه ، صمّت الجوال وهو يدخله بجيبه : ناظري بي !
ارتعشت للمره الثانية وهي تشتت نظرها ، وعاد كلمته وهو ينتظرها ولما قدرت واخيرًا لجزء من الثانية تناظره هو نطق بهدوء : عوّديها
عقدت حواجبها تستغرب ، وهمست : أيش؟
ابتسم بخفه لانها ما تفهم الا الكلام العادي وهو بالذات كلامه مو عادي ، كان يجمع بحروفه بين لهجة نجد و الجنوب ، غمضت عيونها لوهله بصُداع قاسي تركها تنفض إيدها من إيده وتمسك زوايا جبينها بوجع زاد لما سمعته يهمس : بسم الله عليك
كانت في مرحلة اللاوعي بسبب تراكم الذكريات عليها دليل عدم شفاءها الكامل من ماضي زواجها ، بعد نص ساعة بالضبط أدركت موقفها ونفسها وهي تسمع همسه الأخير بـ"صدق الله العظيم" ، فتحت عيونها تشوف إن راسها على صدره وإيده بمكان الألم اللي تلاشى بمجرد إنتهائه من القراءة ، تحس إنها في حرب الآن بينها وبين ذكرياتها وسرعان ما ابعدت بدموع وهي تنطق بهمس وصل لمسامعه "ما أقدر" .
جاء في باله كلام أدهم لما كان يعالجه يقول له دايم "أنا أصر بتقربي لك لمن تقول لي ما أقدر" ،"إنت قادر ، بس كثر السوداوية بدماغك تترجم على لسانك بـ ما أقدر" خذ نفس يناظر فيها بإبتسامة : تبين قهوة؟
مر طعم قهوته اللي جابها لآدم الظهر ، ماتنكر حلاوتها رغم المرارة ولكنها هزت راسها بالنفي تهمس بـ : لا شكرًا
هز راسه وهو يطلع جواله من جيبه ، التفت لها : لحظه
لما شافها توافقه رفع الجوال لأذنه يتصل بـ أيهم : إنت وين؟
عقد حواجبه وهو يدري انه مع زوجته واجاب بإستغراب : بالمجلس ! فيكم شيء
حط أصبعه على ندبته يقول : بطلع للمطبخ إنتبه للعيال
أبتسم بخفه وتبعتها ضحكه : نيالها والله
كانت تراقب كلامه وجمود ملامحه إلى قبل يقفل إبتسم و"يا دوب تبان" من خفتها وصغرها ، راودها كلام خولة وحضنها هي لأمها وأبوها وأخوانها وحتى البنات وبقى السؤال داخلها "طيب هو من ضمّه؟" ، تذكرت فعلها معاه قبل شوي ولكن مو بإيدها وعشان كذا هي لما شافته يناولها شماغه تتغطى به خذته تمشي معاه للمطبخ وإكتشفت ان قول لا مو موجود بقاموسه!
.
.
-
كانت ترسم بكل شغفها وهي تسمع الأغنية وتتمايل عليها وأبتسمت تسمع الكلمات وهي تشرح معاها بكل شعورها وترددها بكل حروفها إلى أن وصلت للبارت هذا :
"إنت لو حبيت غيري شيء عادي
  مايهمه القلب بُعدك أو بُعادي
وانت لو تدري عن الي في خفوقي
كان ما فكرت ترحل عن بلادي "
طرت ببالها إنها ترسل له الأغنية ولكن تحس إن كبريائها يمنعها ومع ذلك بحثت عن المقطع اللي تبيه وهي تدور حسابه الثاني وترسله ، ورجعت تكمل رسمها وهي تدندن مع الاغنية.
.
-
فتح باب المطبخ وهو يأشر لها تدخل ودخل هو وراها يشغل الانوار ، ويشوفها تناظر بالمكان بدهشة لإنه من برا مو مبين شكله الداخلي كذا ابدًا ، كان مكان فخم كله بين الأسود القاتم و الأسود المطفي و القليل من البياض بالجدار و مقابض الدروج ، مشى ومشت وراه تتأمل جمال المطبخ اللي حتى الآلات الموجودة فيه مغلفه بالسواد ، شافت طفاية الزقاير وهي ترفع حاجبه تلتفت له بتساؤل: ليش أعطيت آدم وحده؟
جاوبها بنفس نبرتها وهو يطحن البن : ليش ما تدرين انه يدخن؟
هزت راسها بالإيجاب : الا بس ليه أعطيته؟
ابتسم يصد عنها وهو يقول : أرسل لي يبي قهوة بس ما دريت انها لك ، كنت بعطيه وردة!
عضت داخل شفتها وهي تنزل راسها ، أنتبهت للورقة المُحاطة بالتغليف الحراري " إذا بتسوي شيء بهالمكان أتركه زي ما دخلته " وضحكت بذهول من شافت الاسم تحت " مع تحيات : مهندسين المطبخ والرئيس الأول ".
ألتفت يستغرب ضحكها و لكنها باغتته بالسؤال : مين مهندسين المطبخ؟
أبتسم بخفوت يشكرهم بقلبه إنهم ضحكوّها : يوسف وفهد
وقبل تسأله مين الرئيس الأول تذكرت تصميم المرسم وجماله ولكنّه باللون الأبيض والتفتت نيتها السؤال ولكنه ألجمها بنظراته المُتأمله ورجعت تنزل راسها للأسفل وهي تتنحنح.
ضحك يناظر خجلها وهو يقرب منها وبإيده القهوة ، مدها لها متعمد لأجل يلامس أطراف أصابعها : هاك
من مدت إيدها تاخذها هو ما أكتفى بالتلامس إنما رفع الكوب وإيدها معاه يقبل أطراف البنان المُغرية والفاتنة بالنسبه له ، ولما أرتعشت ايدها هو مسكها يعوّدها على ايدّه ودفاها وهمس بهدوء : لا تبعدينها بقربي ، خليها تسري بي
هز راسه يبعد من حس بدموعها تنزل على إيده ، نفس الإيد اللي غرست أظافرها فيها ، وهمس : توجعيني وتبكين عليه؟
.
.
-
كان مشغول فكره بأخوه ومشغول لدرجة اول ما فرغ من صلاة المغرب كان ناوي يروح له ولكن أستوقفه كلام وليد لأبوه وهم يمشون راجعين للبيت وهمس راشد كان كله رجاء لوليد " لا تخطي هالخطوة ، آل بشار ما ينلعب معهم تكفى امنعنا يا وليد" ورد وليد اللي ما قدر يعرف أساسه ولكن مشى تاركهم وراه وهو يتقدم للبيت وأول ما فتح الباب بيدخل شاف ليّا تركض إتجاهه ، فرد ذراعينه وهو يضحك : شفتيني من فوق؟
هزت راسها بالإيجاب بعبوس لاحظه أحمد وهو يسألها : شفيك يا قلبي !
سرعان ما نزلت دموعها وهي تقول : بنّو راح تبكي كثير بابا ، سيصبح بداخلها طفل ثم سيختفي ! بيروح عند الله زي سنوبي!!
ضمها له وهو يبوس راسها ويبعثر شعرها : مين شرحلك انتي هالامور يا بابا ، مين وغّلك بصغر سنك
شافها تخبي وجهها في حضنه وحس بتسارع نبضاتها وشدة قبضتها على أكتافه ، التفت يشوف وش اللي شافته وزفر بتعب من شاف مُهيب اللي واقف خلفه وهو يهمس له : شغلتك مطوله وانا عمك
ابتسم لعمه وهو يكلم ليّا : أتوقع سنوبّي يكون بس؟ ولا يا أميرة؟
شدة بتمسكها وهي تهز راسها بالنفي ، واردف هو : بس انا عندي بسه حلوه ما عندها اسم وراح اسميها سنوبّي شرايك؟
حس أحمد بإنها تخفف اختبائها وأشر لمهُيب يشيلها ، ولما تقدم لها ناظرت ليّا بعيون أحمد بتردد تحول لإطمئنان من شافت ابوها يهز راسه بالموافقة ، وهمس مُهيب بإذنها : نروح نشوف البسه؟
هزت راسها بالإيجاب وهي باقي مترددة من هالقرب ، تنهد أحمد من شافهم يبعدون وهو تعوذ من الشيطان يتوجه لداخل البيت ومن شاف امه بالصالة جلس معاها
.
.
عند باب غرفة جنى وقفت خولة اللي تشاهق بكي وفتحت جيداء الباب بفزع وهي تضمها لها ، ومشت تضمها للسرير وهي تسمي عليها وتشوف باقي البنات يناظرونها بإستغراب ورفعت اكتافها بعدم معرفه وهي تمسح على شعر خولة وهمست لها : وشصاير لك بسم الله عليك عمي فيه شيء؟ البيبي صار له شيء؟
هزت راسها بالنفي وهي تبكي بشده ، لبست جلالها وهي تنزل من الدرج ولما لمحت أنس يمشي بالصالة صرخت تناديه : أنوسي ابوك وين
جاوبها سعود اللي كان موجود : ها يا جنى بالصالة شفيك؟
قالت بتوتر وهي تنزل خطوتين لجل تشوفه : تعال شوي
قام وهو مستغرب وعشان مو متعود على جنى الهدوء راح لها وهو يسأل : بنت هيه ! وش صاير
رفعت كتفها تناظره : مدري مرتك تبكي فوق
عقد حواجبه وهو يركض الدرج ويتعداها ، كل ظنه صار شي بالبيبي ولا هي فيها شي ولما وصل غرفة جنى دق الباب وهو يدخل من سمع صوتهم ، أول ما ناداها هي فزت ترتمي بحضنه وتبكي ، كان يمسح على شعرها بخوف ويسمي عليها وأخذها لغرفتهم بعد ما لبسوها البنات جلالها وهم كلهم استغراب من اللي صار وليه تبكي هالقد !
كانوا الجميع في هم بكي خوله الا هي راحت في عالم آخر من شافت حضن سعود لخولة ، تذكرت حنيته معاها وكيف انه حاول معاها كثير وإنه لين ما طلعت مبتسمه من عنده كان ما خلاها تطلع ولولا اذان المغرب والصلاة هم طولوا بالجلسة هي تغوص بخجلها وهو لاهو بقشة ولا حتى قارب نجاة إنما هو الطوفان نفسه يزيد خجلها خجل بنظراته وبقليل كلماته ولكنه يصيب فيها وكثير
.
.
" بغرفة سعود "
مسح دموعها بإبهاميه وهو يحب جبينها بخفه وكان وده يسألها لكنه يدري انها ما راح تجاوب الحين وان يبي لها وقت لين تتكلم هي بنفسها وتقول عن اللي فيها ، هو اصلا فسّره بإنها نفسية الحمل وإنها تعبانه شوي ، انسدح من قامت تغسل وجهها وهو يبعد شماغه وعقاله على الطاوله جنبه وهو يحط ذراعه على عينه بتفكير مطول ولما حس بجيتها ابعد ذراعه يناظرها بإبتسامة : تبين نطلع ؟
هزت راسها بالإيجاب تجلس جنبه : ابي نغيّر جو ، كاتمني البيت سعود
اشر على عيونه وهو يجلس ويقربها لحضنه : من عيوني يا عيون سعود انتي
اسندت راسها على صدره وهي تحاوط اكتافه : سعود
همهم يستنشق عبير شعرها ولكنه أنلجم لما سمع كلامها وهو يشدها له : احس إني ما ابي انس
ابعد راسه بهدوء عن شعرها وهو يناظر عيونها ، وهزت راسها بالنفي ونزلت دموعها تقول : والله مو بيدي سعود توحمت عليه
قرب راسها من كتفه عشان تستند عليه ولكن سرعان ما تآوه من دفته تضرب صدره : كله منك حتى انت ما ابيك
ضحك بذهول يناظرها وهو يهز راسه : وشو كله مني ! ، انا شدر...
ضربته تقطع كلامه وهي تبعد عنه بهدوء : أطلع برا سعود ما ابي ألمحك
وقف يناظرها بقلة حيله وهو ياخذ شماغه : اسوي شنطتي واطلع بعد؟
اشرت له على الباب وهي تنسدح على السرير وتتغطى ، هز راسه يقول : سمي على خشمي
.
.
-

ابدتِ بأطراف البنان مهابتي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن