الجزء الخامس والستين

94 2 0
                                    

"بيت الخوال"
جالسين العيال خارج حوش البيت بجلسة مرتبين فيها كل شي من شاي ومن شبة النار ومن بلوت وحتى التمر موجود عندهم ، من لما رجع من معاها وهو يفكر بكلمتها لها ويحاول يتذكر وش سببها
" قفل الشباك عنها من شاف دموعها اللي على خدها ، وجنّب السيارة يناظر لها وهو يسألها بهدوء : وش اللي صاير ؟ إذا على اللي صار قبلها انا آسف بس آدم ما قدر يدخل يخاف يصادف الحريـ
ضحكت تناظر فيه بإستغراب : وإنت عادي تدخل؟
ماقدر يفسّر الوضع غيرة حريم أبدًا لانها مو من النوع هذا ولا قدر يفهم وش تفكر فيها لأنها ما ردت على كلامه توضح له إنه صح ، مد إيده يأخذ أطرافها اللي وسط الكلام هو عينه مره عليها والف مره عليهم ناوي يقبّلهم ولكن سحبت إيدها بهدوء تتكتف ، وابتسم يطوّل باله : يعني وشو؟
رفعت كتوفها بعدم معرفة ونطق هو : انا آسف إذا سويت شي وما انتبهت ، وإعذريني على خطاي
صدت تناظر الشباك : على ندمك؟
عقد حاجبينه وهو يمرر أصابعه على ندبته ويحرّك السيارة : ندمان على وش؟
طال ردها وطوّل كثير لين وصولهم لعند البيت رفعت إيدها تفك قفل الباب ولكن وقفها صوته : العيال هنا
هزت راسها بمعنى "إي؟" استغفر يمسح على وجهه : خليك ، بجيك
تكتفت تناظره ينزل وهو يكلّم ادهم اللي أول ما شافه اتسعت إبتسامته ولكن سرعان ما تلاشت من دخل لداخل مع فهد وأيهم ، رجع لها يفك لها الباب واول ما جت تقوم إنغرس كعبها في الرمله وتقدم يمسكها من كانت على وشك تتهاوى ، أبتسم بضحكة من غرست أظافرها بنفس المكان اللي بيوم ملكتهم ومرت من جنبه تسلّم على آدم اللي عند الباب ، ناظر لها تمر بدون كلام وقفل الباب يتجه لهم " حط إصبعه على أثر ظفرها يتحسسه بإبتسامة والتفت على نداء أدهم : سمّ
رفع حاجبه يناظر إبتسامته : سم الله عدوينك ، أقول وين افلحت بس
ضحك يناظر فيه يشوف كاسة الشاي بإيده : صب لي خلني أستمتع ياخوي
هز راسه يناوله الكاسة : حقك حقك يبو عقاب
-
-
جالس بأعالي الجبل من ١٠ المساء لـ٥ الصباح ، يلفحه هواء أبها وتهب ريّاح قلبه عواصف قتّالة ، ما توقّع ربع اللي صار له ما كان يدري إنه بيغرق هالغرق وإن محد بيدوّره ولا بيشوفون تلويحة إيده ولا كان يدري بإنه بحاجة لكَتف بيوم ، صغيرة دائرة علاقاته ، عديم ثقة ، تربى على كلام أمه وكراهيتها لعايلة أبوه وإنه لا يثق بأحد وكلهم ما همهم الا أنفسهم ، كان دايم ما يقيس علاقته مع عايلته بعلاقة المهيب لهم ، ودايم ما يغيضه إن هو محبوب أكثر منه ، صار يصدق الكلام اللي إنملى عليه إلين ما حس إنه لحاله الآن خسران بكل شيء وواقف على قمة جبل بيوم خطوبته ، خسر البنت الوحيدة اللي عدها عائلته وما يكذب أبدًا لو يقول إن كل الحب اللي بقلبه وهَبه لها وما حب بالبشر مخلوق زي ما حبها ، أبتسم بخيبه يرفع رأسه للسماء : لو كنت مكانها كنت سامحت
هلّت دمعته يحس بوجع بقلبه ، يحس بألم في حنجرته وغصّه تجرّحه ، شهق يجلس على ركبته وينطق بصعوبه : يا رب
-
-
"بيت عقاب"
دخل ازهر للمجلس يشوف قيس اللي حوالينه أوراق كثيره وبلشان فيهم ، يرتب مجموعة ويرجع يعيد ثاني : سلام
رد السلام وصرخ بعدها بقهر يرمي الاوراق : معاد ابسوي شيء ولا بداوم مكان
كتم ضحكته ينتبه لدخول جدّه اللي وقف عند العتبة من شاف الأزهر ، توجّه له يسلم عليه يلاحظ نبرة جدّه اللي تعاتبه : من متى نهرب عن ضيفاننا يا ولد عبدالله ؟ وتترك ناس جايين لك ومتعنيين لك وقاصدين بيتكم؟ ربيت كذا انا ؟ ولا علمت واحد فيكم بهالأمر؟
هز راسه يشتت نظره وهو ينطق بهدوء : حشّاك يبه عندي منـ
قاطعه بحدّه قليل يتكلم بها : عندك مناوبه يوم كامل أزهر؟ عمرها ما صارت لك وشمعنى هاليوم بالذات !
سكت وظل على حاله يشتت نظره يتحاشى جدّه ، واردف الجد بإستياء : بتكذب عليّه تبيّض أفعالك وانا بصدقك صحيح ؟
أشار له يمشي معاه يتقدمه ولما وصل أزهر بمحاذاته قال : كبرت وانا ابوك ، كبرت على إني اعلمك وين الصح ووين الغلط ولا يمرك ظن إني مو عارف سبب غيابك البارح وإذا إنت مو راضي مره أنا مو راضي ألف مره بس فكر معي إنت وجاوبني ، إلى متى ؟ وهل يرضيك ولد عمتك ضايع بين عايلتين ضايع يرضي من ويتبع منـ
تنهد يصد عن جده ونطق بهدوء : وتقومون تزوجون أختي لولده يبه ، ولد راشد اللي قالو إنـ
قاطعه بصرامة يرتفع صوته لأول مره بوجه أزهر : إقطـع!
أشر له بسبابته بنبرة تهديد يضرب بها ايسره : إنتبه إنتبه يا أزهر تتكلم بهالكلام مع ظلّك حتى ، عمّتك أشرف وأطهر من كل عذرا ما جالها النصيب
غمض عيونه وفتّحها يناظر بقفى جدّه اللي مشى وخلاه ، وعض على شفته يرجع للمجلس ياخذ اغراضه ويطلع من البيت تحت أنظار قيس اللي منسدح على الاوراق نفسهم وهو يموّل ويغني : زرعت الهم وانا طفل مو شاب
وراسي من عدد السنين ما شاب
مصايبنا تشيّب الراس المـ
سكَت من دخلت حور اللي تناظره بإنزعاج : يعني ما فهمت ليه هالزعيق!
ابتسم يناظرها وهو يرفع نفسه يجلس : والله وش اقولك
هزت راسها تناظره : وانا جايه أسألك وش فيك ، وش الحوسة ذي؟
وقف يناظر فيها لثواني واردف بعدها : شرايك نطلع؟
شافها تناظر فيه بإستغراب وضحك : ماهو بودك ؟
نفت تناظر فيه فقط وجلست يجلس معاها : بتقول وشفيك الحين ولا لا !
كان متردد يقول ولكن لأنه بينفجر من اللي صار له لازم يقول لأحد وتكلم يناظر فيها : تذكرين يوم قلت لك جانا مدير جديد؟
هزت راسها بالإيجاب يكمل هو : كنت معاه وخطوة بخطوة والاحظ اخطاء كثيرة يسويها ولمن اكلمه ، يقول انا ادرى ويوم الخميس جاء صاحب المبنى يشتكي إن ولا شيء من اللي احنا سويناه صح وطبعا يطالب بإسترداد مبالغه ويدورون المدير ، ماله أثر والمصيبة وشهي؟ إن كل الاوراق بتوقيعي وبفخر حاط إسمي والسنة الله ياخذ ذا الوجه
ناظرت فيه يكش على وجهه والتفتت على دخول مُهيب عليهم اللي كان اصلا واقف عند الباب : وليه ما قلت من البداية
تأفف قيس يلف وجهه : انا ما كنت ابيك تدري اصلا
عقد حاجبه وهو يجلس جنب حور : ليه !
واردف يميل راسه على كتفها : عشان تخيس بالسجون
شهقت حور وهي تضربه : بسم الله عليه ، كم المبلغ طيب يمكن نقدر نساعدك
ناظرها المُهيب بنص عين : وش اللي كم المبلغ ! الخطأ مو خطاه يدفع مبالغ لعميل لان الشركة مُهمله ليه؟ ولا يدفع لأنه دلخ وش اللي يخليك توقع إنت اصلا؟
ابتسم يناظره بهدوء : يمكن لأني مسؤول؟
ميل شفايفه لثواني وهو ينسدح على رجل حور : طف النور وانت طالع بس ، لا صحيت بشوف موضوعك
تنهد يوقف وهو يطف الانوار ويقفل الباب ، ابتسمت تلعب بشعره : شفيك إنت بعد ؟
كان مغمض عيونه يفكر بكلامها وهمس يجاوب حور : وش صار البارح ؟
ناظرته بإستغراب : وش!
هز كتفه بنعاس : ما ادري
شافته يغمض عيونه وينام من انتظم تنفسه وقامت تغطيه وطلعت تتوجه لأمها وأبوها اللي جالسين بساحة البيت .
-
-
"الساعة ١١ الصباح"
صحت بتعب من الحرارة اللي هدّتها من هواء أمس ، قامت لدورة المياه تتحمم تبعد عنها الحرارة وبعدها طلعت تشوف أنس اللي يصحي جيداء وتقربت منه تناديه بهمس : أنوسي !
التفت لها وهو يبتسم ووقف يتجه لها : صباح الخير أيتها الجميلة
انحنت تحب خده وهي تضحك : صباح النور يا عُمري
لبست جلالها وخذت جوالها وهي تمسك إيد أنس اللي تفلّت منها وابتسمت تشوف أبوها وأمها جدتها جالسين على الارض وقدامهم الفطور وباب المجلس الصغير المفتوح يطل على الشارع خارج البيت ومع الغيم والرّش ذابت كلها من المنظر الحلو اللي لأول مره تصادفه هنا وضحك أحمد يشوف ملامحها اللي تلمع ويدري فيها تحب هذي البساطة والاشياء القديمة وأنتبه لخشمها الأحمر ينادي عليها بخوف : بنان بابا !
التفتت تبتسم له بعيون دامعه من الحرارة والمنظر الأصيل : يا عيوني
وتذكرت انها ما سلمت عليهم أصلا واتجهت لهم تضحك وهي تحب راس جدتها وبعدها أبوها وأمها اللي أول ما نزلت تحبّه إنذهل من حرارتها : فيك شيء يا بابا؟
هزت راسها بالنفي تمسح دموعها : لا بابا بس البارح كنت بالهواء شوي وصحيت كذا
والتفتت لأمها اللي غطتها بالشال تبتسم لها : ماما شوفي الجو كيف !
ضحكت آسية لأن هي بعد أُغرمت بالمكان وضحكت بنان بإعجاب تشوف قطيع الغنم اللي ينزل مع الجبل ويتوسطهم الراعي اللي كان صغيّر بسنه ويمسك عصاه : بابا !!
ضحكوا يناظرون فيها وكيف عيونها صارت تلمع لهالمنظر ومسكت جوالها تصوّر بحُب هالمشهد اللي توها بس تشوفه من ٢٣ سنه ، وانتبهت لأبوها اللي يتكلم مع امها بهمس : سلطان موجود هنا
عقدت حواجبها آسية : في أبها !
هز راسه يناظر لفنجاله بخفوت : حضر أمس مع أدهم
كانت تناظر فيهم بهدوء وتسمع همسهم بأسم سلطان ولكن استغربت علاقة أدهم بالموضوع قربت تجلس جنب جدتها وهي تمسك إيدها وتحبها : الله يسلم لنا هاليدين يا أحلى شموسه
ابتسمت تشيل يدها من كف بنان وتحطها على راسها تمسح على شعرها : لمن تقضين فطورك بوريك شيء ، أبوك طلبني ومو انا اللي ارد ابو آدم
ضحكت تهز راسها : وينه يوسف عنك
ابتسموا من دخل سعيد يلقي السلام و في إيده جريدة ملفوف فيها الخبز "العيش" وضحك ينزل الجريدة ويلتقف أنس اللي فز من سمع صوت جده : هلا بسِعد سعود هلا
قامت بنان تبتسم : إيه الحب لولد سعود بس
ضحك يسلم عليها وحس بحرارتها يبتسم بهمس : قلت له لا يلفحها الهواء ، ما يسمعني مُهيب
ضحك من توارت خلفه بتوتر يسمع همسها : جدي !
التفت لأحمد يكلمه من قاموا شمسة وآسية وقامت هي معهم : يابو آدم ولد عبدالعزيز ساكن هنيّا ؟
هز راسه أحمد بهدوء : الله الله
ووقف يصب لأبوه قهوة وتكلم سعيد : أجل غداهم عندنا اليوم وعيال عقاب معاهم
هز راسه يوافق ابوه : سم الله يطولي بعمرك
-

دخلت لغرفة جدتها وهي تبتسم وتشوف الملابس اللي مطلعتها جدتها وأبتسمت تتقدم وهي تنتبه لإيد جدتها الممدوده ، واخذت القطعه تاخذ القماش الأسود المطرز عليها بالالوان الزاهية (الأصفر والأحمر والفضي الخفيف ) ودخلت تبدل ولما طلعت قرّبت منها شمسة تعدل لها الثوب وقربت آسية تمّد لشمسة الحزام الفضّي تربطه على خصرّها المنحوت وهي تسمّي عليها ، ومدت لها القطعة الثانية واللي هي عبارة عن قطعة قماش باللون الأصفر وهي تفرّد شعرها الكستنائي على كتفيها ومدت إيدها لآخر مره تحط الريحان على القطعة الصفراء وهي تبتسم لها وتسمي عليّها بشديد الإعجاب ولفّتها للمراية تشوف نفسها ، وضحكت آسية بعيون دامعة تسمع شهقت بنان اللي نطقت بدهشة : مـاما !
وابتسمت شمسة تحصّنها بهدوء وهي تسمع سؤال بنان : جدة وش ذي الاشياء؟
هزت كتفها تضحك : اسألي زوجك ويقول لك
ارتبكت من طاريه ترجع تلتفت للمراية تناظر نفسها بشديد الحُب والتفتت لجدتها ثاني : جدة حطي لي من كحلك
هزت راسها بضحكة : سمّي
قربت منها تحط لها من الكحل " الأثمد " على عيونها وغطت وجهّها بإيدها آسية تشوف جمال بنتّها باللبس الجنوبي وتقدمت تمسح خشمها : بسم الله عليك يا ماما وش هالزين كلّه
ضحكت تناظر نفسها بالمراية وهي تبتسم : أعوذ بالله من حُب النفس ، ماما صوريني بوري نوري !
طلعوا بعد ما صورت وهي تتجه للمجلس عند أبوها وجدّها ، استهّل وجه أحمد يقوم من مكانه وهو يضحك بإعجاب من المنظر المُبهر قدامه وتقدم يحضنها وهو يضحك ، ونطق الجد يبتسم : بسم الله ما شاء الله ، ما شاء الله
حمّر وجهّها تدسه في حضن أبوها اللي لا زال يضحك بكل ما أوتي من حُب وإنعجاب ، هُز كل ما فيها من سمعت صوته يتنحنح عند الباب ولاحظ رجفتها أحمد اللي ابتسم : حياك عمي ما به غريب
رد بهدوء : الله يحييّك عمي
تقدم يسلم على جدّه وهو يسمع عتابه وما يوعي شيء من صداعه اللي تمّكن من كل شي وأخترق راسه ، هز راسه يجلس بعد ما سلّم على جدته وإنتبه لإيد سعيد اللي على إيده يهمس له : سلم على مرتك !

ابدتِ بأطراف البنان مهابتي Where stories live. Discover now