الأمان

178 8 0
                                    

حرب الأسود
ناهد خالد
الفصل الثاني والعشرون (الأمان)

"الأمان كلمه ليست سهلة على الإطلاق... وشعور ليس من السهل تحقيقه... الأمان هذا الشعور الذي لا نشعر به إلا مع من يسكن قلبنا... وترتاح له روحنا... الكثير يبحث عنه.. ولكن القليل من يجده... الأمان هو أهم وأول درجات الحب"
نظرت له ليل بأعين متسعه.. لاتدري أهي بالفعل مصدومة أم كانت تشعر بذلك وتنكر الأمر... أم مصدومه لكون الأمر أصبح واضح للجميع
رددت بصدمة : بيحبني!!
لا تعلم لما أصبح قلبها وكأنه في حرب.. دقاته تعالت بشكل كبير حتي كاد أن يفضحها.. فقط لسماعه أن آدم من الممكن أن يكون قد أحبها! مهلاً! إذا ماذا سيحدث إن قالها لي وجهاً لوجه! بالطبع سيتوقف قلبي عن النبض... جاء بتفكيرها ذكرى وجودها بين أحضانه كم شعرت بالأمان والراحه المفقودة.. أحست بشعور غريب كشخص دلف للغابه وتاه بين طياتها وبعد معاناه وفجأه وجد المخرج.... كطفل تاه من والدته وأخيرا وجدها فارتمي بأحضانها فشعر أنه عاد أخيرا لبيته.... نفضت رأسها من هذه الأفكار حالياً وقالت بهدوء تُحسد عليه: والمفروض اني اعمل اي؟!
رد أسر بحذر : الأول عاوز أسألك وتجاوبيني بصراحة
هزت رأسها باستفهام عما يريد ليكمل : انتي في اي مشاعر جواكي لآدم. حتى لو إعجاب أو إنجذاب
توترت معالم وجهها وبلعت ريقها بصعوبة بالغة.. وهي حقاً لا تعرف بما تجيب عليه بللت شفتيها التي جفت إثر كل ماحدث اليوم وردت بتوتر وحيره: صدقني مش عارفه... بس.. صمتت وهي لا تعلم كيف تكمل حديثها
ليسألها حازم وهو يحثها على الحديث : بس اي ياليل اتكلمي.. انا وأسر أخواتك ومحدش هيفيدك أو يهموا أمرك أكتر منا
هزت رأسها بأقتناع وقالت بشرود كأنها تحدث نفسها : يعني.. بحس بالأمان معاه.. ودي حاجه انا عمري ماحستها من وقت بابا ما مات.. أول مره أحس أني مطمنه لما كان جانبي.. أول مره أحس أني بعد ال ٤ سنين اللي فاتوا وصلت للمكان الصح... انتوا عارفين أنهم كانوا أصعب أيام حياتي من بعد موت بابا وصراعي مع زين وكأني كنت بجري طول السنين دي وأخيرًا وقفت وخدت نفسي.. ألتفت إليهم وتسألت بخفوت.. حد عنده تفسير!؟
أومئ أسر برأسه مردداً: ايوه يا ليل.. عندي تفسير.. انك انتي كمان في مشاعر جواكي له يمكن لسه ماأعلنتش عن نفسها بس جواكي مشاعر له.. عارفه احنا مبنحسش بالأمان غير مع اللي بيسكنوا قلوبنا.. إحساس الأمان مش سهل ابدا خصوصا لم تكوني فاقده لسنين.. بس قوليلي.. لما مشاعرك تعلن عن نفسها هتعملي اي!.. هتعرفي تقفي قدام زين وتعلني له رغبتك انك تسبيه!؟
ردت بسخريه : في حاجات كتير اوي انتوا مش تعرفوها... أولها.. أني من ٤ سنين كنت عاوزه انفصل وأبعد عن زين نهائي كان قراري وقتها... بعدين زين رفض وقالي انه من حقه ياخد فرصة واني اديله فرصة يمكن يقدر يخليني اسامحه.. وأن لو خد وقته ومسامحتوش هيسبني وهيديني حُريتي.... وانا وقتها وافقت عشان أكون قريبة منه وأقدر أخد حقي... بس اهو ٤ سنين وكل اللي بيحصل اني بكره أكتر وبينزل من نظري أكتر بسبب كل الي بيعمله
حازم بدهشه: ده بجد! وزين متفق معاكي على كدة!
أومأت بهدوء موافقه ليقول أسر : طيب يعني كده موضوع زين مش هيبقي عقبة ولا جوازك هيمنع أنكوا تكونوا لبعض... بس هتفضل المشكله هي هي.. ان آدم لما يعرف هتكون مصيبة
تنهدت ليل بحزن وشرود فهي الآن يُعتبر أنها اعترفت بكونها تخطي أول خطواتها في حب آدم وتجهل نهاية هذا الحب ورد فعله حينما يعرف الحقيقه
فاقت علي صوت حازم يهتف : طيب هنمشي احنا بقي حاكم اليوم النهارده صعب اوي
قامت من مجلسها وقالت: طب خدوني معاكم وصلوني البيت انا مش قادرة أقعد عاوزه ارتاح
قطب أسر ما بين حاجبيه متسائلا: فين عربيتك!؟
حكي له حازم حينما تركت سيارتها عندما التقوا فقال أسر : طيب هنعدي ناخدها بالمره وادي المفتاح لحازم يحصلنا هو بيها
فتحت ليل حقيبتها لتخرج مفاتحاها ولكنها لم تجده زمت ليل شفتيها بضيق مردده: المفتاح مش معايا شكله وقع مني مش عارفه وقع مني فين
تسائل حازم : طب انتي لي خليتي آدم يجيبك هنا
ردت بتوضيح : انا مكنش ينفع اخلي ادم يروحني عشان ميعرفش انا ساكنه فين.. ومكنش ينفع يوديني ل عربيتي بصراحه مش هقدر اسوق... فقلت له يجيبني هنا وكنت هتصل بالسواق يجيلي بس لاقيتكوا بتتصلوا عليا وبتقولوا انكوا هنا
أسر : تمام يلا وهنبقي نشوف حوار المفتاح بعدين
عاد آدم للفيلا ليجد حور جالسه بانتظاره والقلق يتاكلها اتجهت له سريعا مجرد رؤيته هاتفه بقلق: حبيبي انت كويس!؟
آدم بهدوء مطمئن وهو يمسك يدها يقبلها : انا بخير ياحبيبتي اهدي مالك؟
تنهدت براحه وردت: خفت عليك اوى يا آدم خوفت انك يتهمكوا باللي حصل
_لا يا أمي متخافيش انا كويس... وأردف بمرح جديد عليه.... بعدين ابنك مش شويه يعني عشان يتهموني في حاجه والسلام ده انا مسيطر اوى
ابتسمت بهدوء قائله : تعالى يا آدم اقعد معايا شويه انا مبشوفكش خالص ووحشتني اوي
تنهد بتأثر فهو يعلم أنه مقصر معها ويحزنه كونها تشتاق له ولا تجده فهي لها مكانه كبيرة بقلبه وأكثر شخص يهمه أمره بحياته بأكملها.. فقال وهو يسحبها معة محتضنا إياها متجه لغرفه المعيشة : تعالي ياستي نقعد لحد ما تزهقي مني
ردت بصدق : عمري ما ازهق منك أبداً
التفت حوله بعد أن جلسا سوياً علي الاريكه : اومال فين الثنائي المرح!؟
ردت حور مردده: بيذاكروا عندهم امتحانات الثانوية بقي هتبدأ بكره
اومئ بهدوء مردد: ربنا معاهم
نظرت له حور قليلا وكأنها تريد قول شئ لينظر لها ادم بتمعن وقال : قوليلي في اي؟ شكلك كده بيقول انك عاوزه تقولي حاجه!
ردت عليه بابتسامه متوتره: بص هو انا مكنش قصدي يعني بس انا شفته بالصدفه والله وقلت أسألك
قطب ما بين حاجبيه باستغراب: هو اي ده!
ردت بتوضيح حذر: بص انا عارفه انك مبتحبش حد يجي جنب حاجتك.. بس انا كنت بحط هدومك اللي غسلتها في دولابك.. فيعني بالصدفه لفت نظري كيس كده واضح ان في هدوم.. ففضولي خلاني اشوفه فلاقيت تيشرت أسود مقاسه صغير وباين انه بناتي
رجع بظهره للوراء يستند علي الاريكه وتنهد بهدوء ناظرا أمامه بشرود حائر لا يعرف أيخبرها لعلها تفسر له ما يحدث أم يصمت ويخترع حجة أخري
_ها يا آدم بتاع مين! تساءلت حور بفضول ماكر وهي تنظر له وترى شروده وتلك البسمه التي تجاهد لعدم الظهور... فاق آدم على حديثها ليقرر التحدث معها وفتح قلبه لأول مره فهو يرهقه ما يحدث له ومشاعره الغير مفهومة منذ أول مره وقعت عينه عليها..
تجلس مع حمزه بالكافيه المجاور للشركة بعدما أصر عليها أن تأتي معه لتناول القهوة في فتره الراحه معللا ذلك بكونه يشعر بالزهق والإرهاق من العمل والبقاء بالشركة بعدما أنهوا الاجتماع... طلب هو القهوه وطلبت هي نسكافيه..حاول حمزه فتح حوار ليتسائل : هو انتى مفكرتيش ترتبطي؟
تفاجأت وعد بسؤاله لترد بتوتر : يعني... م.. ملقتش الشخص المناسب
_يعني انتي عمرك ما ارتبطي بحد!.. يعني ايام الجامعه مثلا او اي حاجه
هزت رأسها برفض قائله : انا عمري ما كنت من النوع اللي بينجذب بسهوله عشان كده محصلش لا
لا يعلم لما تلك الراحه التي غزت روحه لسماع تلك الكلمات منها فابتسم بهدوء وكاد يتحدث ثانيه ليجد من يقول : مش معقول وعد؟
التفتت وعد علي الصوت البغيض الذي تمقته لتجد عمرو واقف أمامها ينظر لها بنظره سخرية حيث كان بالكافيه بالصدفه فرآها لتتوتر هي من وجوده تعلم أنه لن يمر على خير وردت بهدوء زائف: اا.. ازيك ياعمرو!؟
رد بسخريه واضحه:انا كويس... كويس اوى.. انتى بقي كويسه!!؟ قالها وهو يتحول بنظره لحمزه ينظر له نظره خاطفة من جانب عينيه
ردت بتوتر : اها.. كويسه
_مقولتليش انتي متعوده تيجي هنا مع ناس غريبه! قالها بلهجة ظهر بها أنه يرمي لكونها تتقابل مع الكثير فلاحظ حمزه ذلك فشعر بالغضب لما يرمي إليه فقال بدلا عنها : انا مش غريب انا مديرها يا...
تركها معلقه وكأنه نسي أسمه ورماه بنظره مستنكره.. توترت وعد أكثر فهي تعلم أن عمرو لن يصمت وسيتجاذب مع حمزه الحديث الحاد وبالفعل استمعت له يرد بنبرة متهكمه: اه يعنى اي مديرها هو عادي تقعد معاك في كافيه يعني! ولا في بينكوا حاجه انا معرفهاش
استشاطت وعد من الغضب فردت تزجره بضيق : عمرو ياريت تحترم نفسك وتشوف انت بتقول اي! وتمشي بقي ملوش داعي وجودك من الأساس
_وهو اللي يقول الحق يبقي مش محترم... اومال اللي قاعد مع شخص غريب عنه لمجرد انه مديره يبقي اي!؟
لم يستطع حمزه الصمت أكثر من ذلك فقام من مكانه بغضب شديد واقترب من عمرو واقفا أمامه نداً لند ووضع يده علي كتفه بتهديد قائلا: يبقي عايز يتربي.. بس مش هو لا اللي يقول عليه كلمه مش كويسه.. معرفش انت مين.. ومهيمنيش لاني عارف انها ملهاش خوات يعني انت مش اخوها وده كفيل يخليني اني اقولك اي كان انت مين.. ميحقش لك تكلمها كده او تكلمها اصلا عشان انا الي هقفلك وهزعل منك... وانا لما بزعل من حد بزعله... وزعلي وحش اوى بعيد عنك... فلم نفسك وأمشي احسنلك
لم ينكر عمرو انه خاف من لهجة حمزه وعيناه التي تؤكد كونه متحفز لأن يبرحه ضربا الآن فعلم أن خير شئ يفعله هو الانسحاب
أزاح يد حمزة عنه ورحل كما جاء
التفت حمزه وجلس بهدوء كما كان مرددا بتسائل: مين ده!
ردت وعد بهدوء : اخو مرات بابا
اومئ برأسه مرددا : الواد ده انا مش مرتاحله لو عملك اي حاجه عرفيني وانا هشوف شغلي معاه.. ثم رفع فنجان قهوته يرتشف بهدوء
هزت رأسها بشرود في ملامحه وكلماته تتردد علي مسامعها فتصيبها بلذة ورعشه بسيطة من قوة المشاعر التي تضرب بها فها هي تجد أمانها المفقود طوال حياتها... لأول مره تشعر بمعنى الأمان.. حينما وقف أمامها في وجهه عمرو.. حينما هدده بأن يتعرض لها ولو بكلمه... حينما يخبرها انه لن يسمح له بأن يؤذيها... دقات قلبها تقرع كالطبول ياله من شعور رائع... أعلن قلبها الوقوع مستسلماً لحبه... وأعلنت روحها رغبتها في الارتباط بروحه... أعلنت نفسها عن احتياجه ليكن نصفها الأخر.. تمتمت بداخلها بمرح ووله : والله شكلي حبيتك.. وقعتي ياوعد ده البت ليل هتشمت شمتان

................
عادت ليل من الخارج بعد أن أوصلها أسر وحازم لتجد زين ينتظرها في بهو الفيلا تقدمت له ببطئ فوجدته ينظر لها بتمعن مرددا باهتمام حقيقي وقلق : انتي كويسه!!؟
ابتسمت بسخريه: ااه كويسه اوي... ده انا حتى شوفت مشهد سينمائي إنما ايه يعجبك اوي... مش الحاجات دي بتعحبك برضو بتغسلك كده من جوه.. قالتها وهي تشير بيدها صعودا ونزولا علي صدرها.. طبعا مانتوا اللي بتعملوها إنما السؤال بقي.. انت اللي كانت حابب اني اشوفها انت اللي بعت الرساله؟
نظر لها وهو يضيق عيناه ويهز رأسه بحزن: يااااه.. هو انتي بتشكي فيا للدرجادي... لدرجة اني أأزيكي بالمشهد ده!... ليل انا مليش علاقه باللي حصل اصلا.. انا شغلي سلاح مخدرات اه.. لكن أعضاء لا
_شريف من يومك!.. قالتها بسخريه لاذعة ثم قالت بغموض : قولي يازين انتي من ٤ سنين طلبت مني اديك فرصة انك ترجع ثقتي فيك و اسامحك... عملت اي!!؟
رد بحزن بالغ : وانا محاولتش! انا حاولت ياليل حاولت كتير وانتي عارفه... حاولت افهمك اني مكنش ليا ذنب.. حاولت اقولك طيب انا غلط قوليلي اعملك اي وتسامحيني... كون أن البنت الوحيده اللي حبيتها مراتي وعلي ذمتي وحقي وانا متنازل عن حقي فيها أو أني أعيش معاها حياه طبيعيه أو حتي نتكلم من غير خناق أو سخرية ده لوحده مش كفايه... أنتي مش عارفه انا بحارب نفسي كام مرة عشان مضغطش عليكي... عشان معملش اللي قلبي اللي دايب في عشقك عاوزه... سيبتك تشتغلي وتعيشي حياتك كأنك مش متجوزه... سيبتك تغلطي فيا وتعملي اللي عايزاه.. ده كل مش سهل وبرضو مش سامحتيني
_بعدت عن اللي بتعمله! تساءلت بنزق
رد بخجل حقيقي : انا عارف اني غلط استمر في ده بس قولتلك قبل كده ده كله والله عشانك.. لأنهم هددوني بيكي وللأسف مش هقدر احميكي منهم قولتلك ده من ٤ سنين بس جيت من سنه وقولتلك انا مستعد ابعد عن كل حاجه بس ترجعيلي انا خلاص بقيت قوى وهقدر احميكي بس انتي قولتيلي مش فارق لاني برضو مش هسامحك لأنك استمريت معاهم بعد قتل بابا.. وقتها قولت انى هكمل معاهم عشان اوقعهم واجيب حقي في أنهم خدوكي مني
ليل بغموض اكبر : ولسه بقولك م عارفه اسامحك.. قولتلي وقتها انك هتسبني لو خسرت فرصتك.. لسه عند كلامك!!
نيران اشتعلت بقلبه ونغزه قويه ضربت صدره لكلامتها أحقاً تريد الفراق؟! ماذا تتوقع زين! إنها ستمكث عمرها كله بجوارك؟ بجوار من تمقته؟ ولا تستطيع مسامحته
لم يقدر على الحديث فقط أومئ برأسه موافقا لتنصرف هي فوراً من أمامه تاركه خلفها قلب محطم يرتعد من لحظة الفراق
في فيلا رحيم الصياد
حكي آدم لها كل ما حدث بينه وبين ليل منذ اللقاء الأول وأكمل بحيره: بصي هتلاقي تصرفاتي غريبه... زي انا مش عارف اصلا انا لي جبت التيشيرت.. ولو قلت عجبني... لي مدتوش لجنة زي قررت.. لي احتفظت بيه لنفسي.. ولي فضلت قلقان عليها بعد ما وصلتها لعربيتها يومها أن يكون حد كان وراها ويأذيها.. ولي فرحت لما شوفتها في النادي... وكنت مستمتع جدا بالمباراة اللي حصلت بينا... وأتمنيت انها متخلصش... لي سرحت في عنيها وحسيت كأني وجدت فيها ملجأي وكأن كان في حاجه نقصاني ووقتها كملت... ولي اتضايقت اوي النهارده لما لاقيتها في حضن حازم.... واتعصبت من الي حصل في المكتب رغم اني عمري ما كنت كده انا طول الوقت هادي ومعنديش مبالاة ومش بهتم بمين بيعمل اي بس حسيت وكأني هنفجر ودمي بيغلي من اللي بيحصل... بحب اشوفها قدامي وأول مره اقول لحد كلام حلو زي اللي قولتهولها وكأني مغيب... زفر بضيق مرددا... انا مش عارف اي اللي بيحصلي
-مش يمكن حبيتها!... كان ذلك صوت شخص ثالث ظهر من خلفهم

حرب الأسود (للقدر أراء اخرى ج٢) مكتملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن