31_ في الغابة

4.5K 285 127
                                    

كانت خيوط من اشعة شمس الضحي الحارة قد بدأت بالتسلل من بين الاوراق الكثيفة لأشجار الغابة ... حينها استفاق كلاهما علي لسعتها و تنبها لاصوات الحيوانات التي تملأ الغابة .

رغم الخوف الذي طاردهما طوال الليل الا انهما استطاعا ان ينالا قسطا من النوم لشدة التعب الذي نال منهما جراء المطاردة التي خاضا فيها حتي ساعات متأخرة من الليل .

و مع ان الصباح قد انقضي جزء كبير منه الا ان الضوء كان شحيحا ... و كان ذلك عائدا الي الاشجار الاستوائية ذات الاوراق العريضة و الكثيفة و التي حجبت الضوء بدرجة كبيرة .

كانت الرطوبة خانقة ...و كانا يشعران بالضيق لذلك .... فكل ما سبق لم يكن يعادل ما احسا به من لزوجة نتيجة تلك الرطوبة و الجو الحار .

و قد كان ينتظر اميريتا و ماريوس مطاردة من نوع اخر .... حيث ان الكثير من الحشرات المعروفة و الغير معروفة قد بدأت في مهاجمتهم من كل جانب .... و ما زاد الامر سوءا هو اسراب النمل التي احسوا انها تتجول في ملابسهم .

كانت احداث الليلة الماضية مازالت تتردد في عقليهما .... فقد فرا من الرجال داخل الغابة بدون اي وسيلة للدفاع ... حتي المسدس الذي يحمله ماريوس كان بلا فائدة ... فهو لا يحتوي علي اي رصاصات .... لقد استطاع كلاهما الافلات بأعجوبة .

كان سلاحهم الوحيد هو الظلام الذي سترهم عن اعين الرجال ... و كان من حسن الحظ انهم استطاعوا تسلق احدي الاشجار الضخمة و التي امنت لهم مخبأ جيد ... و مكانا لا بأس به للنوم .

و حين اقتربت الظهيرة لم يجدا بدا من النزول من فوق تلك الشجرة و ذلك بعد تأكدهم من انه لا يوجد اي شخص قد يطاردهما .

ظل كلاهما يسير علي غير هدي في تلك الغابة المليئة بالاخطار المهولة ... فقد كان الخطر يتربص بهما في كل خطوة .

فخلف كل شجرة يكمن واحد من المفترسات ... و علي كل غصن تلتف احدي الانواع المخيفة من الثعابين او غيرها من الحشرات السامة ... فكل انواع الخطر موجودة هنا .

اما علي الارض فهو خطر من نوع اخر .... فكلما ساروا قليلا وجدوا مستنقعا من الطين اللزج ... و الذي قد يبتلعهم بلا نجاة في لحظة واحدة و خاصة انه من الصعب تمييزها ... لذا كان يجب عليهما السير بحذر اعتمادا علي غصن قطعه ماريوس بصعوبة من احدي الاشجار .

ففي كل خطوة كان يغرس ذاك الغصن في الارض ليري مدي صلابتها و صلاحيتها للسير عليها .

بعد وقت قليل من السير ... توقفت اميريتا مكانها و هي غير قادرة علي المواصلة فقد شعرت بألالام عظيمة في عظامها ... فهتفت بضيق قائلة :

" ايها الاحمق ...لما جلبتنا لهذا المكان ؟ ... و اين هذا الصديق الذي سيساعدنا ؟ ... لقد انتهي امرنا في هذه المتاهة التي نسير فيها منذ الصباح "

تانجو  Where stories live. Discover now