80

2K 173 13
                                    

( أسوأ تجربة مُمكن تتعرض لها أم هيّ إن مُجرم يقتحم بيتها بعد مُنتصف الليل ، دا اللي حصلي لمّا سمعت صوت زجاج شباك المطبخ بيتكسّر بعد مُنتصف الليل ، صحيت أول ما سمعت الصوت ، غطيت نفسي بالغطا و نزلت تحته بخوف ، تظاهرت إن الصوت اللي سمعته دا مُجرد أحلام مش أكتر
طب و صوت باب المطبخ و هوّ بيتفتح ... أحلام برضه ؟ ، للأسف لا .. المرة دي كُنت مُتأكدة إن الصوت حقيقي جدًا ، صوت صرير الباب و هوّ بيتفتح كان مُميز و عالي و لا يُمكن يكون حلم !
التصرف الصحيح اللي كان لازم أعمله هوّ إني أجري بسُرعة ناحية أوضة ولادي الإتنين اللي في آخر الممر عشان أحميهم و بعد كدا أتصل بالنجدة ، بس أنا كُنت خايفة و مكُنتش بفكر بطريقة صحيحة ، كُنت قادرة أتخيّل حجم الرعب و الفزع اللي هُمّا حاسين بيه ، يا تري إيه اللي هيحصل لنا لو واحد من الأولاد عيّط أو صرخ بصوت عالي من الخوف و المُقتحم دا عرف مكاننا ؟؟
نور المطبخ نوّر ! ، صوت الحاجة اللي في المطبخ و هيّ بتُقع علي الأرض كان عالي و مُزعج ، الشخص اللي اقتحم البيت مكانش بيبذل أي جُهد عشان يداري نفسه أو يخفي وجوده ، فغالبًا هوّ مُتأكد إن مفيش حد في البيت أو ببساطة هوّ سكران فمش مُدرك هوّ بيعمِل إيه ؟
.
ابني ديفيد وقتها كان عنده 12 سنة و كان نايم في سريره أو أنا كُنت مُعتقدة إنه نايم في سريره ، ديفيد كان واقف علي السلم بيستعد للنزول بخوف عشان يشوف إيه اللي بيحصل تحت في المطبخ ، ميكي ابني الصُغيّر اللي كان عنده وقتها 10 سنين كان واقف مُختبئ بخوف ورا الباب الخشبي لغُرفتهم ، جريت عليهم بصمت و أخدتهم في حضني و مشينا ناحية باب أوضتي بهدوء و قفلنا الباب علي نفسنا
للأسف صوت صرير الباب و هوّ بيتقفل كان عالي ، سمعنا صوت الشخص المُقتحم بيتوقف عن البحث ، لدقيقة الصمت التام سيطر علي البيت كُله ، بعد كدا سمعنا صوت خطواته الثقيلة المُرعبة و هوّ بيطلع علي سلم الدور التاني ، للأسف برضه غُرفتي مالهاش ترباس و مش هعرف أقفل علي نفسي جوا ، قفلت الباب بضهري و أنا بتصل بالنجدة
مقبض الباب أتحرك ببطء و هوّ بيحاول يفتحه ، ضغطت بكل قوتي علي الباب عشان أقفله كويس ، بس مش هقدر أخفي وجودي أكتر من كدا ، موظف النجدة رد علي التليفون و لازم أرُد عليه و المُقتحم هيسمع صوتي ، ضغطت بجسمي كُله علي الباب عشان أقفله بقوة و أنا بكلّم موظف النجدة ، بدأ يدفع الباب بكُل قوته مرة ورا التانية ، ميكي بدأ يبكي من الخوف بصوت عالي ، مقدرتش أهدي ميكي ، كان خايف جدًا ، ديفيد حاول يساعدني في غلق الباب لأنه كان أضعف من إنه يساعدني
كُل اللي كان في خيالي ساعتها هو إمتي الشخص دا هيضرب رُصاصة أو سكينة من خلال الباب الخشبي الرقيق دا ، أنا هقدر أمنعه من الدخول لحَد ما الرصاصة أو السكين يخترق جسمي الضعيف ، دفع الباب بقوة و أنا المرة دي مقدرتش أقاوم ، وقعت علي الأرض و الباب إتفتح بقوة
تغلّب عليّا في لحظات ، ضربني في معدتي برجله بقوة ، مقدرتش أقف علي رجليّا مرة تانية ، كان بيصرُخ بوحشية و بيحاول يقول حاجة مش فاهماها ، تقريبًا كان بيسأل علي مكان الفلوس و المجوهرات و الحاجات القيمة اللي في البيت ، أنا كُنت بتألم و بعيّط و مش قادرة أرُد عليه ، ديفيد حاول يدافع عني لكن المُقتحم طلّع سكين من وسط هدومه و وقف بتحفُز !
مش عارفة إيه اللي كان مُمكن يحصل لو الشُرطة موصلوش في اللحظة دي و صوت السارينة بتاعتهم كان عالي ، المُقتحم بان عليه الخوف و الرعب ، كُنت حاسة إنه بيتحول من السيطرة للخوف و من الخوف للجنون ، كان بيترعش بجنون و هوّ بيحاول ياخد قرار ، صرخت بصوت عالي عشان أنبه رجال الشُرطة لينا ، كان علي وشك الهروب لمّا سمع رجال الشُرطة بيكسروا باب البيت و بيعلنوا عن وصولهم
بصيتله و بابتسامة ألم قُلتله إن أمره انتهي ، مش هيقدر يهرب ، أي تصرف هيعمله مش هيفيده بأي حاجة ، كُنت حاسّة إني خلاص انتصرت ...
.
بص لولادي بجنون و هوّ بيقول و هوّ ماسك السكينة : " أنا هاخد واحد من دول .. قولي للشُرطة إنهم لو مشوا ورايا هموته "
المُقتحم أجبرني وقتها علي الاختيار !! .. مفيش وقت للتفكير !!
كُنت خايفة .. خايفة يؤذيني أو يؤذيهم لو قاومته أو حاولت أضيع وقت .. غمضت عينيّا و شاورت علي ديفيد و إيدي بتترعش من الخوف .. سمعت ديفيد بيصرُخ بخوف .. كُنت أضعف من إني أفتح عيني و أشوفه في الحالة دي !!
همستله و أنا مغمضة عينيّا : " متقاوموش يا ديفيد .. هوّ هيسيبك بمُجرد ما يبقي بأمان .. أنا بوعدك "
مفتحتش عيني غير لمّا سمعت صوتهم بيبعدوا و حسيت بميكي بيرمي نفسه في حضني و بيعيط بخوف ، كُنا لوحدنا بمُجرد ما الشُرطة طلعوا لينا ، المُقتحم قدر يهر ب !!
.
مشُفتش ديفيد لمُدة 3 أيام ، لكن بعدها رجع تاني ، مضروب .. جعان و في عينيه نظرة جنون ، مكانش هو نفس الطفل اللي اختفي ، دا مش ابني .. دي بقاياه !! ، مكانش بيتكلم أبدًا عن اللي حصل ، حاولت أبرر موقفي إني اخترته عشان هو الكبير و هيقدر يتحمل أكتر و إني بكده أنقذت ميكي أخوه ، قلتله إنه أكبر .. أقوي .. أذكي و كان هيقدر يحمي نفسه عكس ميكي ، لكن الحقيقة إني مهما قُلت أو بررت دا مش هيغيّر من إني تخليت عنه و سبته لمصيره ، أنا اخترت أضحي بيه مش اخترت أنقذه و أخليه بأمان زي ما أي أم كانت هتعمِل !!
ديفيد بدأ يتورط في مشاكل في مدرسته من بعدها ، في البداية مُدير المدرسة و المُدرسين كانوا مُتعاطفين معاه لكن بعد كدا بدأوا يعاقبوه و يلوموني علي إنه بيضرب زمايله بوحشية ، بدأ يختفي من البيت لفترات طويلة من غير ما يقول لحَد هوّ فين أو بيعمِل إيه طول الوقت دا ، ساعات كان بيختفي لمُدة أيام و يظهر فجأة زي ما اختفي فجأة ! ، و مهما كان الكلام اللي بقوله لمّا بحاول أتطمن عليه كان دايمًا رده ثابت : " متقلقيش عليّا .. أنا بعرف آخد بالي من نفسي كويس "
كُنت عارفة إنه بينهار نفسيًا ، بس الوقت كان أتأخر و مش هقدر أنقذه أو أمنعه من الانهيار ، الحاجة الوحيدة اللي أقدر أعملها هيّ إني أعرفه أد إيه أنا بحبه و أد إيه هوّ مُهم بالنسبة لي ، و قررت أحُط خطة عشان أوريه دا
إتفقت مع واحد من زمايلي في الشُغل علي كُل حاجة ، قُلت لميكي و ديفيد إننا رايحين سوا رحلة تخييم ، إتفقت مع زميلي إنه هيقطع علينا الطريق و هيهاجمنا ، بالظبط زي ما حصل قبل كدا و هيخيرني برضه بين الولدين لكن المرة دي أنا هختار أحمي ديفيد و أتخلي عن ميكي و بكده هيعرف أنا بحبه أد إيه ، و صديقي هياخد ميكي و يسيبه جنب البيت و ميكي يرجعلي و بكده كُلنا نبقي كسبانين ، ديفيد هيعرف وقتها أنا أد إيه بحبه
عارفة إنكم بتقولوا عليّا مجنونة إني بعرّض أولادي للصدمة دي مرة تانية لكن دا الحل الوحيد اللي قدرت أفكّر فيه !
و كُل حاجة مرت علي ما يُرام ، مشينا بالعربية ناحية مكان التخييم ، شغلنا أغاني و قعدنا نغني بصوت عالي بمرح مع الراديو ، بعتت لصديقي رسالة أعرفه إننا علي وشك الوصول ليه ، بعتلي رسالة قالي إنه مُستعد و في انتظارنا ، وصلنا المُخيم و نزلنا وسط الظلام ، تنفست ببطء و أنا بستعد نفسيًا للي هيحصَل
صديقي ظهر فجأة من وسط الظلام لابس أسود و علي وشه قناع مُخيف ، كان ماسك سكين حاد في إيده و بيلوح بيه و هوّ بيهددنا ، صرخت بخوف عشان أخوّف الأولاد و أحسسهم إن اللي بيحصل دا بيحصل بجد ، صديقي صرخ بصوت مُرعب : " واحد من الأولاد لازم ييجي معايا و إلا هموتكم كُلكم .. إختاري "
.
تقدمت خطوة للأمام و وقفت أدام صديقي و أنا بقوله : " مش هسمحلك "
رمي السكين من إيده و طلع مُسدس و حطه علي راسي و هوّ بيقول : " يبقي كُلكم هتموتوا "
أنا مقلتلوش يجيب مُسدس لكن كويس إنه إتصرف من نفسه ، كدا باين إن الموضوع حقيقي أكتر ، وادي الإتنين كانوا بيبصولي بخوف مُنتظرين لحظة الاختيار ، كُنت خايفة كأن اللي بيحصل دا بجد .. خايفة كأني هختار منهم بجد .. لكن كان لازم أختار !
شاورت بإيد بتترعش علي ميكي و غمضت عينيا بخوف ، دي نهاية السيناريو خلاص ، صديقي هياخد ميكي  هيختفي وسط الظلام و هيوديه عند البيت ، دلوقت لازم أحضن ديفيد و أعيّط و كُل حاجة هتخلـــ ....
فتحت عينيّا بخوف لمّا سمعت صوت الرُصاصة !
ميكي جري عليّا و رمي نفسه في حضني ، ديفيد كان ماسك سكينة في إيده و بيحركها بوحشية ، مش عارفة جابها منين ؟! ، كان بيجري ناحية صديقي و الجنون باين علي ملامحه ، صديقي اضطر يضربه بالنار عشان يدافع عن نفسه و يمنعه من التقدم ، ديفيد رغم إصابته برصاصة إلا إنه متوقفش ، الجنون كان مسيطر عليه ، المرة دي صرخت بخوف .. و صرخاتي كانت حقيقية !!
صوت رصاصتين كمان شق الصمت ، جريت ناحيتهم لكن الأوان كان فات خلاص ، صديقي كان مذبوح و ميت ، و ديفيد مضروب بالرُصاص مرتين مرة في كتفه و مرة في صدره و واقع علي الأرض بيحتضر ، جريت علي ديفيد و سندت راسه ، فتح عينيه بضعف و هوّ بيهمس بألم : " ميكي كويس ؟ "
قلتله من وسط دموعي : " ميكي بخير .. إنت أنقذته .. لكن إنت مكانش المفروض تعمل كدا "
ابتسم بضعف و هوّ بيقول : " إنتي اخترتي تضحي بميكي زي ما ضحيتي بيّا قبل كدا .. و أنا اخترت أنقذك إنتي و ميكي زي ما عملت قبل كدا "
.
لمّا النجدة وصلت كانوا الإتنين ماتوا ، مقدرتش أفسر الموقف للشُرطة ، قُلتلهم إن الشخص المُقنع دا هاجمنا و ديفيد حاول يدافع عننا ، مسحت الرسايل و المُكالمات اللي بيني و بين صديقي ، أنا بحكيلك القصة دي دلوقت عشان أشيل الذنب دا عن قلبي
ميكي ... إبني الحبيب .. إنت دلوقت اللي عليك الدور تختار .. هتسامحني و لا لأ ؟؟ )
.
الخطاب دا وصلني من أمي في ذكري وفاة ديفيد العاشرة ، عندي دلوقتي 20 سنة و عايش لوحدي أثناء فترة دراستي في الجامعة ، فكرت أشارككم بيه عشان تساعدوني في الإختيار !!
.الحياة مش عادلة و أسوأ حاجة الحياة مُمكن تحطك فيها كأم أو كأب هو الإختيار اللي حصل
لازم تضحي بواحد من أولادك عشان تنقذ نفسك و تنقذ الإبن التاني ، الأم هنا إختارت تضحي بالإبن الأكبر لأن علي حد قولها و تبريرها هو الأذكي و الأضخم و يقدر يحمي نفسه ، و رجعلها إبنها لكن للأسف حاجة فيه إتغيرت .. للأبد
لما قررت تلاقي طريقة تصلح بيها الموقف و هي من وجهة نظري طريقة ساذجة و فيها نسبة كبيرة من الغباء و المخاطرة عملت حساب كل حاجة إلا رد فعل الولد اللي إتخطف لما يتحط في نفس الظرف مرة تانية ... و كانت النتيجة موت إبنها و صديقها
لو إنتم مكان ميكي ... تسامحوها ؟
.
.
#بتاع_الرعب
#حدث_بالفعل
#قصص_حقيقية_حول_العالم

قصص رعبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن