أنا بشتغل حارس للمشرحة من وقت طويل، وبسبب ساعات العمل الطويلة والزمايل المُقربين، بقيت بعتبِر المشرحة هي بيتي التاني، أنا أقدَم حارس هنا، عشان كدا أي موظف بييجي جديد لازم يعدي عليّا الأول عشان أنصحه بشوية حاجات، عمومًا يعني ... أنا بحِب شُغلي، إحنا عايشين في بلدة صُغيّرة، وعشان كدا الأحداث الفوضوية نادرة جدًا، أنا بشتغَل في القبو، كُل اللي فيه المشرحة وشوية تلاجات معدنية لحفظ الجُثث، وردياتي دايمًا بتكون بالليل، ودايمًا بتكون هادية ولطيفة
الليلة دي تحديدًا كانت ليلة بطيئة، كُل اللي عندنا تحت هُمّا جُثتين في التلاجات، أم وبنتها، ضحية جريمة قتل وانتحار، طبقًا لتقرير الشُرطة فمسرح الجريمة كان شكله مُرعِب، الأم ضربت بنتها بالنار بالبندقية في صدرها، وبعدين ضربت نفسها بالنار في راسها، البنت المسكينة عندها 8 سنوات بس، والحادث دا حادث غير طبيعي جدًا بالنسبة للبلدة بتاعتنا، أغلب الجرائم اللي بتتم هنا مُتعلقة شوية بالمُخدرات
كُنت بملى الأوراق على مكتبي، سمعت صوت خبط خافت جاي من الممر، حسيت بدهشة، لأن ببساطة أنا الوحيد اللي شغّال في الوردية دي النهاردة، وكان لازم أقوم عشان أشوف مصدر الصوت، كُل ما كُنت بقرّب من المشرحة أكتر، كان الصوت بيعلى أكتر، فتحت باب المشرحة ودخلت، الصوت كان جاي من التلاجة رقم 6، قريت الكارت التعريفي المكتب على باب التلاجة، وعرفت منه إن الجُثة الموجودة جوا دي جُثة البنت الصُغيّرة، الصوت كان متوقّف دلوقتي، حسيت بالدهشة، حطيت ودني على باب التلاجة، لكن فجأة النور قطع في المكان كله ...
التلاجة بدأت تتهز بعُنف، صوت الاهتزاز كان عالي ومُرعب، رجعت لورا بسُرعة وأنا بدوّر على الكشّاف بتاعي، نورته ووجهته على التلاجة، كانت بتتهز بعُنف لدرجة إن الكارت وقع من عليها، الاهتزاز كان سبب في إن التلاجة بدأت تتفتح ببطء، قبل ما كُل حاجة تتوقّف تمامًا
كُنت بتنفِس بصعوبة وأنا بهمس لنفسي: " إيه اللي بيحصَل؟ "
كُنت خايف، بدأت أتلفت حواليا برُعب، ملقيتش حاجة، لكن لمّا رجعت النور تاني ناحية التلاجة، فوجئت ببنت صغيّرة واقفة، كانت لابسة فستان أبيض، جسمي بدأ يترعش، حاولت أتمالك نفسي، بس أنا كُنت خايف
سألتها بصوت بيترعش: " إنتي بتعملي إيه هنا؟ أهلِك فين؟ "
لكن البنت متحركتش من مكانها، كانت واقفة ثابتة، مديت إيدي ناحيتها وأنا بقولها: " تعالي معايا، هنطلَع فوق وبعدين نشوف أهلِك فين؟ "
صرخت فجأة بصوت عالي، صرخة مُخيفة وغير طبيعية، كانت بتقول: " ماما! لا! من فضلك! "
كانت باصّة للحائط اللي ورايا، عينيها كانت بتتملى دموع، سمعت صوت رصاصة وبدأت بقعة دم كبيرة تظهَر في مُنتصف صدرها، فستانها الأبيض بدأ يتصبغ أحمر، وهي بتُقَع على الأرض