قبل ما أبدأ كلامي لازم أقولكم حاجة مُهمة ، أنا إسمي مات و بكتب لكُم ده من المُستشفي ، حاليًا بتعالج من حالة جفاف و إرهاق شديد ، متقلقوش عليّا ، أنا كويس جدًا بس حسيت إني لازم أكتب لكم اللي حصل ، إعتبروه تحذير ليكم
تحذير من إيه ؟؟ ، أنا نفسي مش عارف المفروض أحذركم من إيه ، بس علي أي حال خلوني أحكيلكم الحكاية كُلها من البداية
الشهر اللي فات كُنا بنحتفل بعيد الميلاد الـ 18 لواحد من إصحابي ، بعد إنتهاء حفلة عيد الميلاد قالنا إنه محضّر حاجة كمُفاجأة لأصحابه المُقربين اللي أنا واحد منهم ، قالنا إنه مجهز لينا مُغامرة زي الأفلام بالظبط في مكان مُنعزل مهجور
متسألونيش ليه إعتبرنا وجودنا في مكان مُنعزل مهجور مُغامرة و لا ليه كُنا فرحانين بالموضوع ، يمكن عشان نحس إننا كمُراهقين بنعمل حاجة فيها حُرية و بدون تقييد
قالنا كمان إنه حدِد المكان اللي هنروحه ، مصنع مهجور تم بناءه بالتزامن مع الحرب العالمية التانية علي أطراف البلدة بتاعتنا ، إتصلت بأهلي و بلغتهم إني هتأخر شوية مع أصحابي عشان ميقلقوش عليّا ، و بالفعل إتجهنا للمصنع القديم المهجور
كُنا 5 أشخاص و وصلنا المصنع تقريبًا بعد مُنتصف الليل ، فتحنا الباب المعدني المصدي الخاص بالمصنع القديم و سمعنا صوته المُزعج و هوّ بيتردد جوا المصنع الفارغ ، لكن أنا لمحت شيء ضبابي بيتحرك بسُرعة وسط الظلام ، إتحرك بسُرعة ناحية الشمال و قبل ما أركّز و أكتشف إيه ده كان إختفي تمامًا ورا الباب
بصيت حواليا لكن كان واضح إن محدش شاف الشيء الضبابي ده غيري ، في الوقت ده تجاهلت الموضوع لسببين مُهمين ، أولهم إني إفترضت إن عقلي بيتخيّل حاجات مش موجودة بسبب الظلام ، و السبب التاني و الأهم إني لو قُلتلهم أنا شُفت إيه هيسخروا مني لوقت طويل جدًا ، ورا الباب كان فيه مساحة كبيرة فاضية تمامًا و في آخرها سلم ضخم نازل لتحت ، أنا قرأت عن المصنع ده قبل كده و عارف إن الدور اللي تحت دي شبكة أنفاق مُصفحة كانت مصنوعة عشان تبقي ملجأ للحماية من الغارات و القنابل أثناء الحروب ، أعتقد إن صديقي إختار المصنع ده تحديدًا عشان نقضي مُغامرة مُخيفة في الأنفاق دي
.
مشينا ببطء لحَد السلم ، صديقنا طلّع الكشّاف بتاعه و قال بحماس : " ها .. هتنزلوا و لا حد منكم خايف ؟ "
المصنع كان قديم و حوائطه كُلها تقريبًا مشروخة و كُنت قلقان ينهار علينا أو حتي السلم يُقع بينا أثناء نزولنا ، بس زي ما قُلتلكم مش هينفع أقول كده عشان مبقاش مَحَل سُخرية بين أصدقائي ، طلعت الكشّاف بتاعي و نورته ، نزلوا هُمّا الأربعة و أنا كُنت الأخير ، قبل ما أنزل السلم سمعت صوت خبطة قوية من ورايا ، بصيت لكن ملقيتش أي حاجة نهائيًا
واحد منهم حَس إني إتأخرت فقرر يقولي بصوت عالي : " إيه يا جبان ؟ ، يلّا عشان نتحرك سوا "
بصيت ورايا بقلق مرة أخيرة قبل ما أقرر أنزل وراهم السلم عشان ألحقهم ، الحوائط و الأرضية و حتي السقف بتاع الأنفاق كانت مصنوعة من الخرسانة و ده طمني شوية لكن الشيء الضبابي اللي شُفته و صوت الخبط اللي سمعته خلوني خايف ، كُنت ماشي مُتيقظ و كُل شوية أبُص ورايا بقلق ، في الوقت كُنا ماشيين ببطء و بنفحص كُل حاجة كويس عشان منحُطش نفسنا في ورطة ، كان فيه أبواب مقفولة و قررنا نستكشفها في الآخر ، وصلنا لنهاية النفق اللي إتفرعت لطريقين مُختلفين ، أصدقائي كانوا بيحظوا بمغامرة مُمتعة و أنا كُنت كُل شوية أبُص ورايا بخوف
قررنا ندخل الممر الموجود علي الشمال و قبل ما نتحرك سمعت صوت خبطة قوية جدًا من ناحية اليمين ، بصيت لهم و سألتهم بخوف : " سمعتوا الصوت ده ؟ "
كًنت خايف و بدون تفكير وجهت الكشّاف بتاعي في الممر اليمين لكن كان أطول من إن النور ينوره كُله ، واحد منهم بصلي بغضب و هوّ بيقول : " متبقاش سخيف ، محدش فينا سمع حاجة "
كانوا مُعتقدين إني بحاول أخدعهم و أخوفهم !
قبل ما أمشي وراهم سمعت صوت الخبطة مرة تانية ، المرة دي كان أقوي و أعلي ، حسيت بالخوف بيتملك مني ، جسمي بدأ يترعش ، إيدي كانت بتترعش و أنا بوجه الكشّاف مرة ناحية ناحية الممر اللي ناحية اليمين ، و لتاني مرة كان الممر فاضي و مفيش أثر لأي حاجة ، بصيت ناحية أصحابي و للمُفاجأة كانوا مشوا و سابوني ، سامع صوتهم من بعيد ، جريت ناحيتهم و أنا حاسس بخوفي بيزيد ، آخر الممر كان فيه مُفترق طُرق تاني ، مش عارف المرة دي راحوا يمين و لا شمال ، مش شايفهم و مش قادر أحدد مكانهم
.
قررت أتصرف ، وقفت علي بداية الممرين و صرخت بأعلي صوتي : " إنتم فين يا شباب ؟ "
محدش رد عليّا ، قررت مستسلمش للخوف و أناديهم مرة تانية بصوت أعلي ، لكن كُل مرة كان مفيش رد أبدًا ، في النهاية قررت أرجع للسلم و أخرج من هنا ، أنا خايف و لوحدي وسط ممرات مُتشعبة ضلمة و مش عارف أتصرف ، سمعت صوت الخبطة مرة تالتة ، المرة دي كانت من ورايا بالظبط و أقوي و أعنف من كُل مرة ، غمضت عينيّا بخوف و أنا بلف وشي عشان أشوف مصدر الخبطة ، لكن الممر ورايا كان فارغ تمامًا و مفيش أي حاجة ، سمعت صوت الخب بيتكرر و بيقرب مني بسُرعة ، حسيت بالخوف و مقدرتش أستحمل ، جريت بأقصي سُرعتي ، الصوت كان ورايا بيزيد ، زي صوت خطوات تقيلة علي الأرض ، صوت مُرعب .. مُخيف ، جريت لحَد ما حسيت إني بجري بقالي أكتر من ساعة
الممرات كُلها مُتشعبة و مبتنتهيش و حسيت إني مُمكن أجري عُمري كله بدون ما أعرف أخرج من هنا
أخيرًا صوت الخبط وقف تمامًا ، وقفت بترعش من الخوف و أنا بحاول آخد نفسي ، لفيت بالكشّاف حواليّا لكن الظلام كان محاوطني من كُل مكان ، و أنا بلف حوالين نفسي زي المجنون الكشّاف وقع مني علي الأرض ، وطيت عشان أجيبه لكن مرفعتش عيني عن بداية الممر ، المرة دي أنا مُتأكد من اللي شُفته ، شيء ضبابي إتحرك ببطء أدامي ، قلبي كان هيقف من الخوف ، المرة دي أنا مُتأكد إنه مش خيال ، المرة دي أنا عارف إنه حقيقي ، مسكت الكشّاف بتاعي بسُرعة و إتلفت حواليّا في كُل إتجاه بخوف و رُعب ، لكن مكانش فيه حواليّا أي حاجة ...
المكان كان فاضي تمامًا
.
حسيت بحركة ورايا ، لفيت بسُرعة و لمحت الشيء الضبابي ده بيختفي تمامًا ، صرخت بخوف : " أيًا كُنت ، سيبني في حالي "
جسمي كُله بيترعش من الخوف ، بحرك الكشّاف في كُل إتجاه زي المجنون ، قبل ما أتحرك سمعت حركة خافتة من ورايا ، بصيت ورايا ببطء لكن مكانش فيه حاجة ورايا ، و يبدو إن الشيء ده سمع كلامي لأني لوقت طويل محسيتش بيه و لا سمعته ، حاولت أدوّر علي مكان أخرج منه من هنا بأي طريقة
في النهاية لقيت باب كبير مصدي و سمعت حركة من وراه ، فرحت لأني فكرت أصحابي ورا الباب و إني أخيرًا هقابلهم ، فتحت الباب ببطء و أنا بنوّر الأوضة اللي وراه بالكشّاف
لقيت أوضة صُغيّرة و سلم نازل لتحت ، من غير تفكير قررت أنزل مع السلم و أشوف هيقودني لفين ، وقفت علي بداية السلم و قررت أحاول أكتشف إيه اللي تحت قبل ما أنزل ، بصيت ناحية اليمين و ناحية الشمال و قبل ما أفهم إيه اللي حصل حسيت بحاجة بتشدني من رقبتي بقوة غريبة و لقيت نفسي بنزل علي السلم و أنا بقع بكُل عنف ، راسي إتخبطت في سلمة من السلالم و كل حاجة ضلمت أدامي تمامًا
فتحت عينيّا بعد كده عشان ألاقي نفسي في مكان مُظلم تمامًا و بارد جدًا ، مش لاقي الكشّاف بتاعي و مش عارف أنا فين أو إيه جابني هنا ، تبولت علي نفسي من شدة الخوف بصراحة ، بعد شوية تمالكت نفسي و إستجمعت شجاعتي و قررت أحاول أتصرف
وقفت و لفيت ورايا عشان أدرس المكان اللي أنا فيه لكن الشيء الضبابي اللي لمحته قبل كده كان ورايا بيبصلي ، بيني و بينه أقل من سنتيمترات قليلة ، جسمي كُله إتشل من الخوف و مقدرتش أتحرك
حسيت بحاجة بتلف بقوة حوالين رقبتي ، نفسي بدأ يتقطع ، الهوا بقي أقل و مبقيتش قادر أتنفس ، الدنيا بدأت تضلم أدام عينيّا ، و لتاني مرة الدنيا بتضلم أدام عينيا تمامًا
.
حسيت بنور أدام عينيّا و فتحت عينيّا ببطء ، حسيت إن حد بيشيلني من علي الأرض و بيتحرك بسُرعة ، عرفت بعد كده إن أصحابي بلغوا النجدة إني إختفيت في الأنفاق و الشُرطة بعتت ضُباط يمشطوا الأنفاق لحَد ما واحد فيهم لقاني ، لقوني في أوضة سرية جوا القبو ، أوضة مهجورة و باردة و شكلها مُخيف ، الظابط اللي لقاني لقي حوالي عشر هياكل عظمية لناس مرمية في الأوضة بإهمال ، لحَد دلوقتي محدش عارف مين دول أو ماتوا إزاي أو مين اللي جابهم هنا
أنا مش عارف أنا مين اللي جابني هنا أو إيه الشيء الضبابي اللي شُفته أكتر من مرة
بس عارف إنكم لازم متروحوش أماكن مهجورة علي سبيل التسلية أبدًا
عارف إنكم لمّا تبقوا مجموعة بلاش واحد ينفصل عن الباقيين
عارف إنكم لمّا تبقوا في الظلام متركزوش مع الأشياء الضبابية اللي بتشوفوها
.
.حتي الآن مش عارفين إيه اللي ودا الشاب ده للأوضة دي أو إيه هي الهياكل العظمية اللي لقوها جنبه و لو جدلًا دي ناس تاهت قبله فمين جمع هياكلهم العظمية في مكان واحد و إيه السبب
و حتي الآن مش عارفين إيه الشيء الضبابي اللي كان بيظهرله في الظلام
تخيلي للموضوع إنه ممكن يكون حاجة أو كائن غريب إحنا لسّه ما إكتشفناهوش أو منعرفش حاجة عنه و عايش في الأنفاق المُظلمة دي في المصنع المهجور
الله أعلم
.
#بتاع_الرعب
#حدث_بالفعل
#قصص_حقيقية_حول_العالم