حمايا العزيز كان بيشتغل كموظّف طوارئ في ولاية نيويورك في أوائل فترة الثمانينات، ودايمًا لمّا بيحصَل أي تجمّع عائلي بنسمع حكاياته عن المُكالمات الغريبة والمُخيفة اللي كان بيتلقاها أثناء فترة عمله، بعض القصص دي عادية ... يدوب آخرها تتحكي على العشا وإحنا بناكُل، يعني مثلًا قصة الراجل اللي إتصل بالنجدة وهو بيعيّط سنة 1983 عشان يبلّغ عن اختفاء زوجته، ولمّا الشُرطة وصلت لقوها نايمة في سريرها عادي، اعتذر لهم وقال إنه نسى يدوّر في أوضة النوم، أو الست اللي كانت متصلة تشتكي إن فيه شجرة في حديقة جيرانها وقعت وعملت دوشة وهي بتُقَع، أولادي بيحبوا الحكايات دي جدًا، وبيترجوا جدهم دايمًا يحكيها في كُل مرة بيشوفوه، برغم إنهم سامعينها أكتر من ألف مرة، بس غالبًا هُمّا بيحبوا طريقته ونبرة صوته وهو بيحكي، وخلوني أعترف لكم إنه فعلًا مُسلي ومُمتِع جدًا وهو بيحكي
لكن كُل دا كوم ... وقصة العواء كوم تاني!
قصة العواء دي بقي كانت من نوع القصص اللي لازم تتحكى بالليل في الهواء الطلق، بعد ما زوجته بتروح تغسل الأطباق بتاعة العشا، الأولاد راحوا يناموا مع والدتهم، مفيش غيري أنا وهو، قاعدين أدام البحيرة وبنشرب عصير فريش لذيذ
فجأة قال: " فيه قصة عُمري ما حكيتهالك، القصة اللي استقلت بسببها "
نفخ دخان سيجارته وهو بيقول: " ماركوس عارفها، زوجتي وزوجتك عارفينها، لكن أنت متعرفهاش "
هزيت راسي وقُلتله: " أنا فعلًا معرفهاش "
شد نفس من سيجارته وهو بيقول: " اللي حَصَل دا حَصَل قبل قضية جولياني، قبل كُل قضايا المخدرات والعصابات والدعارة اللي حكيتها لكم، في الفترة دي الولاية كانت خطيرة، مفيش ست تجرؤ تخرج من بيتها بالليل لوحدها، ومفيش راجل يجرؤ يمشي في شارع مُظلم، المدينة كانت خطيرة جدًا "
ضحكت، إيه المُبالغة دي؟!
" إنت بتضحك عشان مش قادر تتخيّل، والأمان اللي في أمريكا دا مكانش موجود قبل كدا "
سكت، إيه الإحراج دا؟!
" في الفترة دي بدأنا نتلقى مجموعة اتصالات وبلاغات عن مجموعة من الاقتحامات اللي بتحصل في الشارع (د)، تخيّل معايا إن حَصَل 16 اقتحام في 17 يوم مُتتاليين، كُلهم في شارع واحد، بس الغريب إن دايمًا المُقتحِم مكانش بياخد حاجة من البيت، كان بيعمل أي حاجة عشان يدخُل جوا البيت، يكسر شباك ... يكسر باب ... مش مُهِم، المُهِم إنه يدخُل جوا البيت، لكن بمُجرّد دخوله، مش بيسرق أي حاجة، بيقعد شوية في البيت وبعدين يخرُج زي ما دخل "
" غريب أوي! "
" غريب فعلًا، المُحققين اللي ماسكين القضية دي اتصلوا بينا وطلبوا مننا نعرفهم لو جالنا أي اتصالات من الشارع دا، دا بصراحة كان شيء سخيف منهم، إحنا فعلًا مش فاضيين، المدينة كانت خطيرة زي ما قُلتلك والاتصالات كانت كتير أوي، والمُحققين واقفين على دماغنا عايزين يعرفوا أي اتصالات بخصوص شارع مُعين، واللطيف إنها مش حاجة خطيرة، مفيش ولا حاجة اتسرقت، ولا حد مات! "