-19-

3.2K 73 0
                                    

-19-

توقف المأذون عن الكلام، ورمقها في شزر، حملق بها الجميع مصدومًا من قولها، ليغلق المأذون دفتره وهم يتمتم :
-يعني جايبني تعب على الفاضي.

سارع علي بالقول مهدئًا وممسكًا بيد الشيخ :
-تعب على الفاضي إية بس يا سيدنا! أتفضل أتفضل هي بتهزر..

وتابع موجهًا كلامه لبسمة وقال بعدوانية :
-بسمة مش وقته عناد وجدال يلا الشيخ مش هيمشي إلا لما يكتب كتابنا.

ليقول المأذون معترضًا :
-مينفعش يا بني أجوزها وهي معارضة.

ليصيح علي بعصبية :
-مكنتش معارضة..

وأردف بهدوء وهو يمسح على وجهه :
-أتفضل أقعد.

ونظر إلى عـامر وثار فيه :
-ما تكلم أنت كمان!

لم يرمقه عـامر بنظرة، بل أخرج سيجارته وأشعلها، كانت بسمة صامتة تدمع عينيها في سكون، سحب المأذون نفسه وهو يلقي السلام الإسلامي، فيما هتف علي ىعازمًا في غيظ :
-بعد دة كله لاء يا بسمة..هنتجوز أنهاردة يعني هنتجوز.

خرج عـامر عن صمته، وهو يطلع على ساعة يده الفضية ويقول :
-ياريت الجوازة تخلص بسرعة أنـا ورايا شغل بكرة.

شدها علي من ذراعها وقال بعزم :
-طب يلا هنروح نكتب كتابنا في القسم.

قامت بأثر جذبه القوي إليها، ولم تكد تخطو أول خطوة حتى أرتمت على الأرض غائبة عن الوعي، أخر ما سمعته صراخ علي وأميرة، فلم تجازف لإستمرار المقاومة وأستسلمت لنوم عميق.
                                        ****
رمشت بعينيها أكثر من مرة، وتحسست جبهتها التي ألمتها بشدة، لم تتذكر شيئًا مما سبق لم تجد أي ممرضة في الغرفة، ولا علي ولا عـامر ولا أميـرة، تساندت بتأوه صغير لتعتدل بالجلوس وترمي بظهرها إلى الخلف، وجدت على جوارها طاولة صغيرة امتلأت بالأدوية، والمنشطات، وورقة وقلم حبر، ورقة مألوفة لعقلها، وكأنها ليست المرة الأولى التي تراهها فيها، وهذا القلم الحبر الأزرق ذو الكسر الصغير في غطاءه، تناولت الورقة تدقق فيها فوجدتها عقد زواجها على علي، والأمضة خاصتها تتواجد في الأسفل!

حملقت بعينيها غير مصدقة، وجاءتها مقتطفات صغيرة وهي تفيق من قبل سويعات وتصر الممرضة ان تمضي على الورقة بإصرار عجيب، تركت توقيعها دون وعي عما وقعت، ظنتها أحد أوراق المستشفى، بدأت الدموع تتكاثر في عينيها وهي تدرك أنها أصبحت زوجة علي، ضمت شفاتيها إلى الداخل، ووضعت يدها فوق فمها تكتم بكاءها المتصاعد، أخفضت ساقيها إلى الأرض وحاولت التحامل على نفسها والقيام، لتشعر بإضطراب في النظر، وثقل في الرأس، فجلست تأخذ إستراحة، ثم فتح احدهم الباب، إشرأبت بعنقها لترى علي يتبسم ويتوجه إليها قائلًا :
-حمدلله على سلامتك..ها دلوقتي بقيتي أحسن.

أطالت التحديق فيه، وجمعت شتاتها وهي تقول بشراسة :
-حقيــر.

توقف مندهشًا من سبتها، ثم جثم على ركبتيه يجلس أمامها، ويمسح فوق ركبتيها وفخذيها في لمسات ناعمة حانية وقال :
-أنـا عارف أني أستحق وأني غلط غلطة كبيرة في حقك، بس الغلطة دية مينفعش انها تدمر كل الحاجات إللي حلوة إللي ما بينا.

أطلال محبةTempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang