-23-

4.3K 78 2
                                    

-23-

أنتفض من الفراش متعرق الجبين، مضطرب النبضات، لاهث الأنفاس، تجول بنظره حول الغرفة فوجدها خالية من أميـرة، وكان هذا أفضل مزاجه لا يود رؤيتها في هذا اليوم بعذ الكابوس اللعين الذي رافق ليلته الثقيلة.

وقف أمام المرآة وأستند بمرفقيه على الحوض وهو يثني بجزعه قليلًا ليكون بمستوى المرآة الصغيرة، حك لحيته الكثيفة وظل يتأمل نفسه بتفحص، هو مخطئ ويستحق هذا العقاب، ربما كان الكابوس إشارة لما أصبح يفعله، أن "الكـامن" داخله يرفض حب غيرها، كيف لانت مشاعره لأخـرى، ولكن أهذه هي المشكلة التي عكرت صباحه!
أهذه فقط!
لا تزال هنـاك أسرار ترفض أن تشاع بسهولة..
                                 ***
دخل علي ضاحكًا بعدما سمع صياحها باللعنات والسباب على الفأر الدخيل، صراخها أفزعه وجعل اللبن يسكب على الأرض ويلطخ ثيابه، فتح الباب وأطل برأسه ليجدها تقف فوق المرحاض بعدما وضعت الغطاء عليه، تقف ضامة ركبتيها لبعضهما وتتشبث بالستار الذي بجاورها وهي تنتحب خائفة، ضحك في هدوء وأقترب منها قائلًا :
-بس يا حبيبتي أهدي، أطلعي أنتِ بس

ثم تساءل وهي يتفحص بنظره :
-هو فين ؟

أشارت بأصابع مرتجفة :
-ورا الحوض،
مال برأسه ليجده واقفًا لا يتحرك، فعلق ساخرًا :
-يا بسمة دة هو إللي خايف منك يلا أطلعي.

-لاء..لاء مش هنزل ويعضني من رجلي..لاء مش هلمس الأرض..لاء
قالتها مرددة بإصرار جبان، فحرك رأسه مستنكرًا وهو يحاول منع ضحكاته حتى لا تحس بالإهانة والسخرية :
-يا حبيبتي أنا واقف مش هيجي جمبك..

فعزمت القول بنفس العناد :
-وحياة نعمة الغالية في قلبي ما أنـا نازلة طول ما الفار دة موجود..

ثم فجأة تحرك الفأر من مكانه وركض تجاة المرحاض، فصرخت بهرع وتعلقت بظهر علي متشبثة بساقيها حول خصره وذراعيها خانقة لعنقه، كح من ضيق التنفس وتمسك بها وخرج متمهلًا خائفًا أن يسقطا من حجمها الثقيل، تساءل محتنقًا :
-أنتِ كام كيلو يا بسمة؟

وأجلسها فوق الكرسي، ولامس ظهره قائلًا بتأوه :
-يا عضمك يا رضا..

لتقول متذمرة وهي تزم شفتيها :
-لو سمحت أقتل الكائن إللي جوة دة، أنـا ممكن أسيبلك البيت فيها.

ليقول بلؤم :
-دة فار صغير أنـا هبقى أجبلك تعابين بعد كدة..

فرفعت سبابتها قالت بإحتداد :
-أنـا مش جبانة، بس دة فـار وهنا الكلام يتغير، ويلا أمشي أقتله..أقتله

دخل دورة المياة وهو لا يزال يضحك مستغربًا، سارعت بالركض خلفه وأغلقت الباب خلفه لتحبسه بالداخل، فضحك على فعلها الخبيث وقال متوعدًا :
-هحطه جوة هدومك وأنتِ نايمـة..

ضحكت في عفوية، وأستمعت لبعض الضربات الصادرة من الداخل، أنصتت جيدًا وهي تنظر أسفل أعتاب الباب خائفة أن يخرج الفأر سهوًا أسفل قدميها، حتى أستمعت لعلي وهو يقول بأنتصار :
-مــات..

أطلال محبةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن