أما بعد ...
ماذا عنك ؟ ماذا عليّ أقول؟ وكأن كل مافي كوني يدور حولك ، وكأنك نقطة الضعف التي ستشن من خلالها الحياة حرباً ضدي، لتبيدني .. فهل سأباد حقاً؟!في ساحتنا هذه لست العدو ولست الصديق ، أعتذر عن الوصف ولكنك مجرد أداة، أنت لغم زرع في بيداء سكينتي ليدمرها.
لكن دعني أخبرك :لن تطأ قدماي اللغم ولن ينفجر فقدرتي على تفادي المخاطر تزيد عن قدرتك في افتعالها .
يمكنني أن أجزم أنك لا تعرف عن معاركي شيئاً لا تعرف ما مررت به وكيف صُقلت ، فأنت بعيدٌ تمام البعد عني .سأمدك بالقليل مما عشت ،كنت رصاصة يوماً ولم أصب هدفي ولم أقتل أحداً .
غادرت سرب الحمام الذي انتميت له ، خرجت عن القطيع، وعشت في سرداب لحول أو اثنين .
كنت حداداً... أصنع حدوات الأحصنة و أقفاص الطيور ، صنعت سيفاً و رمحاً كما أني صنعت درعاً ، لا عدل فيما صنعت، قوة القوي تزداد وضعف الضعيف يزداد ، وأنا حيث أنا !كنتُ الناجي الوحيد دوماً ... و سأصمد الآن.
لن أباد اليوم ولا غداً
لن أسير بلا هدىً
لن أقعنعم أنت لستَ هنا ،وإن ما يدفعني للكتابة عنك الآن هو الذاكرة والذكرى، أنا الآن أكتبك لأتخلص منك ، كحلم غافٍ على أهداب الحياة سيأتي من ينفض الأوهام ويفتح الأهداب فتسقط ، دون عودة .
لن تكون وحدك في القاع ، فأنا أحارب منذ الأزل ، في الثقب الذي ابتلعك خيباتي وانتكاساتي ، هناك كل من حاول الفتك بي ، كل من حاول اقتلاع أنيابي ، كل محاولاتي الفاشلة ، كل ما لم أعد بحاجة له - وإن كان قيماً - فلا تخف ولا تخل أن تلك البقعة من الكوكب ذنب أي من الواقعين فيها .
وأما قبل ...
يا صديقي ، رغم خجلي من محادثتك وخوفي من استعادة غرض رميته سابقاً في دهاليزي المكبوتة ، رغم صمتي وبعدك ، أنا لا أريد لك أن تتجرع من ذات الكأس ، أن تقتل في معارك مشابهة... على الأقل ليس قبل أن أجد الترياق .لست حبل مشنقة ، وأنت لم ترتكب خيانة عظمى فتشنق !
لن أكذبك القول .. أريد أن تقترب ، لكن الآن ابق حيث أنت .
سأخبرك حينما أجد الترياق ،فأنت مثلي تستحق الحياة .