الأول

2.3K 92 17
                                    

السّبت, الثّامن من أيلول, السّاعة الحادية عشرَ مساءً, 2018

النّوم هاجرَ من جفونه منذ أمد, الهلاك استوطن جسده, فاقَه الحزن حتى استعبده, كل قعر في قلبه نزف, يسطو الزمان على ضحكاته فيمزق عن وجهه انفراجه, و تحادثه شياطين الأسفل حول زيارته إيّاهم, تنازع روحه الألف قتيل في محضر واحد, و تزداد الأضاحيك عليه شتماً, تلوي من ضلوعه متانتها, تنهر من سيوفه حدتها, تنهم من نضارة جسده عذريته, ليصبح مدنّساً, فاقداً لعفته بعد أن خلعت بالشهوة, لم يكن سوى ضحيةً, تكالبت عليها لذات الجيّاع للجنس, أولهم من احتجزه في غرفة نائية, كيم نامجون, رئيس منظمة غالون المسلّحة, التي ألقت أسلحتها على عراءه المثير, و ألغت عنه كل الطيب, ملوّثاً, باهتاً, دبّر نامجون لتايهيونغ مصرع بسماته, فحين قاد نامجون شعوره إلى مقبرة الإنسانيّة, دفن أصوات تايهيونغ و رسو روحه تحت الأكفان المتجلّدة, أرغمه على الطاعة, و الاستعانة بمصيره المقرر نيابة عنه, تايهيونغ كان عبد نامجون الجنسيّ الخاص, في مبنى منظمة غالون, كان محتجزاً لأربعة أشهر تسبق أيلول.

تايهيونغ اجترّ وهماً, لم يستطع أن يبوح به, و لا أن يبصق ما تحلل في سجاياه من ذم و إرهاق, ما اجترّه كان سماً على قلبه, كان يخبره, أنه الآن دميم و مرجّس, أن لمسات نامجون لوثت طهارته, كان فتىً مغتصب, سيكره ما ستقوله له الأعين جهراً, هو اليوم محتجز في زنزانة مع الموت, و لكنه لم يكن خائفاً منه, بل أصبحا رفقاء بعد أن استلت منه دنياه كل دماءه, لتبقى حيّة و شابّة و تطمره هو, إن ما آساه تايهيونغ قبل أربعة أشهر من الآن, أنساه طعم الوجود, و أقرّ له أن الهزيمة مأواه.

حادثة اختفاءَه عن دوام جامعته, و الامتحانات الدراسيّة, أشغلت بال كل من عرفه في الصفوف, لا نبأ حوله, و القلق جال بين الطلبة الجامعيين, انتقلت سيرته على لسان أصحابه السائلين عن مضجعه, إلى مختلف الفروع الجامعية, و أصبحت جميع الألسنة تردد حادثة فقدانه الفجائي, عُلقت صوره في جميع الأحياء, و أُرفق رقم صديقه جيمين على كل اللوائح المطالبة بمساعدة من يعرف عن تايهيونغ شيئاً أن يخبر صاحب الرقم, و حتى التوقيت الدنيوي هذا, ما بلغت لجيمين أي إخبارية عن مثوى تايهيونغ, فحاد جيمين في اعتقاده نحو إعداد جنازة, في حال عدم ثبوت عودة تايهيونغ باكتمال الشهر الخامس من غيابه.

يصارع تايهيونغ أفكاره بينما تدق الساعة لتعلن زوال دقيقة أخرى من وقته المسرف, و يحمل على صدره أطناناً من الكلام المغمور بالكلم, يتوسّل القدر أن يعجل له في إتيان ما ينتظره, ف نامجون يعمل على خطةٍ في الطابق العلويّ, و رجاله يتجمهرون حوله, و لأن تايهيونغ أذعن نامجون في كل مطالبه, يخفف عنه السيّد حراسته, لكن ذلك ما حجب عن تايهيونغ الخطورة في فرصة الهرب, فبات يخطط ليهرب من المبنى لأسبوعين سابقين, اتفق مع حارس المدخل أن يؤمن له مهرباً مقابل ممارسة الجنس معه, فقبل الحارس بتأمين المهرب, لكنه اشترط أن يكون الجنس قبل الهروب, فلم يكن ليجادل تايهيونغ في شرطه, إذ تسنى له المعبر عقب خسارته جسده لشخص مغاير, خسائره عديدة, و جسيمة برهاب, فليس للتناحر بال في شرط الحارس المعروض, طرق باب الغرفة الحديديّ على تايهيونغ, ثم فتح بخفوت مبالغ, ليبان أمام أعين الصغير وجه الحارس يشير إليه بالتقدّم بصمت قبلما يكشفا, سارع تايهيونغ في الانقياد, و سار وراء خطوات الحارس, و مع خروجه من غرفته الحديديّة التي سُجن بها, تلاقت أسماعه بالأصوات المتشعبة, أصوات الكاميرات و الأجهزة المسحية, و العملاء في مهماتهم, و أخيراً, صوت نامجون يتحدث بوقار مستفز, لا يذكر تماماً متى كانت ذكرى آخر طنين سمعه غير صوت نامجون في كل ليل..

الشّيطَان TK ✔Where stories live. Discover now