الثاني و العشرون

315 26 4
                                    

السّبت, الثالث عشر من أيلول, كنيسة ميونغ دونغ, الثانية عشر ظهراً:

اقتفى الوجع درب الأخ داي هيون و اعتاد عليه, حتى أمسى يتعجب إن صادفته السعادة, لقد اعتاد عبور البؤس به كلما زار الكون, فلا يغادر دون أن يصطفي من وجهه كل ابتساماته و دون أن يرمي عبئاً من الحمولات الثقيلة عليه, كاد يسأل نفسه كلما أراد ارتياد معبر, أتُدس فيه الفخاخ فقط لأنه من سيعبره؟.. لقد مشى إلى أن أتعبه الممشى, و أصبح سلوكه اليوميَ يشقيه, شل عن إيقاظ نفسه الغافية على سرير الهلاك, نيمته الحياة و غابت عن إيقاظه, وفي كل مكان ألم, و في كل زاوية ألم, يشعر بكل مكان و زاوية بأن الحزن التهم أيامه, وفي دخوله دير الكنيسة, المكان الذي تسكنه لذة خياله بما يتمنى, يشتهي أخاه في كل ظل دقيقة قربه, و يخدمه خياله برسم طيف عابر, طيف خائر, زائل لا حقيقي لوجه جي هون الصبوح يسير بين الممرات الوهمية, فيجنح داي هيون إلى الخيال لأن العالم يعجز عن تلبية رغبته, إن العالم دوماً بعاجز أمام رغباتنا.. و الخيال دوماً في تفضيل و تفوق عن مصداقية الحقائق التي نحياها..

لا تأتي الحياة كما نريد, و لن تكون في اتساق مع أي من أمنياتنا, فلو كان العالم مثالياً لعشناه بتململ و مزاجية, لا حدود لرغبة البشر, وكلما كانت أقدارنا سخية في إكرامنا بما أردنا, كلما فاق مرادنا حدوده و تشعب, فتعود أمامنا الدنيا بصورة الظالمة, و تنمو فينا الحاجات لتتجاوز المعقولية..

لا تناسب بين مطامح البشر و الواقع, لا تعادل بين الواقع و الخيال..

قابل وجه الأخ داي هيون بنيان ابنه المهلهل, المنهزم أمام الطعنات العشوائية التي سددت إليه بلا ذنب, كان يونغي يقف في منتصف البهو العميق خافت الإضاءة, بوجه مسكون ببقايا الأمل, و أعين مصبوغة بألوان النعيم و الحنين, كان رهان الدنيا له هذه المرة مختلفاً عما سبق, فبدلاً من استراقها أرواح أحبابه ووهبه سعادة كاذبة, أبقت له روح ابنه حائمة على سطح السلام, فلكل منا رهان مع الكون, إما أن نفوز نحن بشفقة, أو يفوز هو بمشقة, و بات الأخ داي هيون مشفق عليه فتنازل له الكون عن حصته من يونغي, ولم يغرقه بين مجارفه الوعرة..

لم يرد العالم أن يهزأ بداي هيون أكثر مما هزئ به, فعدا نحو ابنه يحتضنه بين ساعديه, ليعلن قلبه أن سعادة لا مشوبة بضغن اقتحمته, ليشيع أن نبضاً متأرجاً بالخلود أعيد إحياؤه, يلمس لأول مرة بهجة غير مُرة, يبصر الجنان يلوح إليه بالرحابة, أخيراً, كان لداي هيون نصيب من الابتهاج, كان له جرعة مستحقة من المسرّة..

في نفس الساحة العاطفية, كان يقف جونغكوك في تعضل بين اعتزازه بنجاحه و إتمام وعده للرجل الذي حمل له ثأراً لسنين, و بين اغتمامه لفقدانه عبير قلبه و رحيق دنياه, تايهيونغ.. يشاركه الرؤية كل من جيمين و سوكجين و بقربهما كان هوسوك مغتمّ الحال لقلبه, مغترّ الوجه لقدرة جونغكوك على رزق الأخ داي هيون بالبشاشة..

الشّيطَان TK ✔Where stories live. Discover now