الخامس

744 46 3
                                    

الاثنين, الطريق إلى حي سينشون, التاسعة مساءً:

أقفلت أبواب الحافلة, وبهذا الإقفال, بدأ مسار من الوحشة و التكابد لأجل الرسوخ على منصة العيش دون تزحزح, هم المختارون, من نطق نامجون بأسمائهم كي يبيد رياض السعادة في حياتهم, ليضع لهم وجوهاً جديدةً, أصواتاً مخيفةً, أشكالاً تتنكر بجمال روحهم, كي يكشح عن عقولهم ذروة وعيهم, و يعدم منها يقظتهم, فيصبحوا كدماه, كآلاته التي يحقنها بما شاء من معارف, فيحصر تمردّها عنه, أو تعوّقها..

قرب النافذة, حيث يعاين جونغكوك انعكاس وجهه الممسد من التعابير, تعاركه أفكاره حول وقوف تايهيونغ في نهاية الأفق, و العتاب ممطر كالغيث على وجنتيه, يفكر أنى أخطأ, أين أصابه و كيف يرجع..؟ غافل عن سبب وجود تايهيونغ الواقعيّ, أتى الفتى لتنبيهه, لتحذيره و دعوته للتشبث بوصال عمره, فيوجد حيث يذهب من ينبش له أوتاده العفيفة, يوجد من يخلع عنه رداء المقاومة, و يردّه مستسلماً خائراً دون عمر مفلح للكفاح, ذلك ما عرفه تايهيونغ و انطفأ عن بال الجميع, ذلك ما ودّ تايهيونغ النطق به, ففشل, و انكمش, و تردّى خسفاً و كلماً..

"جونغكوك, سمعت تايهيونغ يناديك, ألا تظنّه غريب التصرفات منذ رجوعه؟" صوت أنوثي, طغى على مساحة انشغاله بمقارعة نفسه, كان يجلس في الحافلة قرب فتاة علم النفس, ليسا, هي محور النقاش الجدليّ على ألسنة الطلبة في براعتها العلميّة, و جونغكوك يميل للاعتقاد بأنها محط إلفات نصيع, و لكنه لن يخون أول همسة صادقة لقلبه بالهوى, و إن طالت عليه فلا يحبّذ الاستعجال, ولا تصديق أوهام قلبه حين يهسهس له بأنه أحب و من ثم يستقيل..

"لا أدري لما أشعر بأنه كان ينبغي عليّ الإنصات للذي أراد تايهيونغ إخباري به, لا يجوز أن تقومي باتهامه بالغرابة و لاسيما أنه عائد من المجهول ولا بال لنا بما نشب له" كلماته كانت مهلهلة الشعور, تحمل معنى الدفاع عن تايهيونغ في فترة اختفاءه الغير معقولة, حدّثها محذراً إياها بألا تقوم بالحكم على عجلة على حادثة لا يعرفون عنها قتاماً, فقد أدركوا حطامها و آثارها على جسد تايهيونغ بعدما عاد منها, كما الجندي بعد منتهى المعركة, يعود حاملاً أشتات روحه على كفّه, ولا يعلم أحد, كيف شُتتت, أو ضاعت..

"لم يكن ذلك مقصدي, كنت أفكر في أن أدرس حالته النفسيّة, هو ناجٍ من رصاص الأيام و جفاء السنين, فيمكنني أن أقدّم مشروعاً دراسياً حول أزمته الشعورية, أسيجرحه الأمر؟" تساءلت, ثم انتفضت بجزع ما إن أمسك جونغكوك بذراعها و حنق بطريقة أذعرتها بقسر, ضغط بيده على عضدها لتأنّ هي بينما يجيبها

"أقسم لو كتبت حرفاً واحداً عن أزمته و قدمتيها في مشروعاتك, لا أمانع إرشاء دكتور المادة بالجنس مقابل رسوبك, اتفقنا؟" ما قاله أدهشها فأومأت له ليحرر هو ذراعها, ضغطت بكفها مكان إمساك جونغكوك الذي عاد يعاين النافذة, تشعر بالخدر و الرهاب, و الصدمة إذ بانت لها صرامة جونغكوك و حدّته القولية..

الشّيطَان TK ✔Nơi câu chuyện tồn tại. Hãy khám phá bây giờ