الثالث و العشرون

319 28 3
                                    

الأحد, الرابع عشر من أيلول, حي بوكتشون هانوك, السابعة صباحاً:

يمٌ من الجنح التي يرتكبها جونغكوك في شعوره يوفد إليه مزوّداً بمطارق من العتاب عن قسوته تجاه جسده المنهك, يتفوق فينا الحب على سائر العواطف فيغمّدنا بالابتذال و التحضّر, كان جونغكوك يصارع الموت و يتسلح بالعتاد الغفير الذي سيوجه إليه في النهاية, ففي العشق, القاتل و المقتول واحد, يقتل جونغكوك نفسه بتجويعها و تأليمها بالسهر و هجر الارتياح, فقط لأنه يكيل ذنبه بعقوبة تفتت تايهيونغ بين معابر الردى, وعدم إمداده بأي ساعد معين, فبرأيه, محتوم عليه أن يجازف بأنفاسه لأجل حبيبه, كما الآخر يبيع أقساط عمره كل ساعة لأجله, أفلا تليق بتايهيونغ المحاربة؟ ألا يستحق المخاطرة؟ ..

ضمن المنزل الأثريّ العتيق, الزجاج كان يفضح لجونغكوك معالم المدينة التاريخية الآسرة, يتوارى الغبار في نسماتها و يهبّ فوج من المشاعر برفقة عليلها العبق, كان الحي خلاباً عدا أنه افتقر لخلابة تايهيونغ بين محتوياته, بين تلك التحف العميقة, و الفن المنشود بوضاءة عريقة, أراد جونغكوك أن يبصر وجه محبوبه قابعاً بين المحفوظات السحيقة, بين الأثريات المليحة, إن هذه النضارة معقّدة الطبع في محاسنه, يجد في فهمه أحجية غير مسبوقة ولا مألوفة, لقد كان مميزاً بطريقته, محبباً للجميع بوسامته, لكن تباين الناس في التعبير عن إعجابهم بتقاسيمه الأخاذة, فأحبّ جونغكوك تفاصيل محبوبه و تعلّق بها لطفاً, و شغف نامجون بتفاصيل تايهيونغ فأراد أن يشوهها, و تعلّق بها عنفاً..

أخفض جونغكوك صدره بإطلاق تنهيدة مطولة, و ركن كلماته على حواف شفتيه, خرج من غرفته نحو غرفة سوكجين في الطابق العلوي, ينوي إخباره بما أومض في أفكاره من أحاديث تخطط للمستقبل القريب, حيث سيستعيد حقه بحبيبه, و سيذيع الحق يمينه منتصراً و يبرؤه, طرق عدة طرقات على الباب الخشبي, إن هذا المنزل الصغير يعود ليونغي و أبيه, هدئ جونغكوك يحاول السيطرة على هيجانه, و الرقابة على سلوك لسانه في ضبط انحرافه عن الهدوء, فكتمانه لانفعاله يزيد من مهمة الانضباط صعوبةً, لصدر جونغكوك عليه دين من الصراخ و الألم..

"أهلاً جونغكوك, ما علة استيقاظك باكراً هكذا؟" فتح سوكجين الباب يناظر الشاب معقود المبتغى أمامه, تسطع من عينيه ثورة من الشجن الثقيل, علم سوكجين كم أتعب جونغكوك محمله الوجداني من نزاع و كتمان, علم كم حرم على ثغره النطق أو الصياح, فبدأ الكبت يقضم من جسده مفاتنه, و أضحى نحيلاً خامل الجهد و السعة, مكروباً بالمصائب و الأدواء, مصاباً بالانتكاس و التبدد و الانكماش, ولو كان في يد سوكجين مسنداً لألا تردد في تدعيمه به, لكن جونغكوك يصر على رفض معاضدة روحه بالسلام, كان هذا أسلوبه في الانتحار, كان ينتحر خنقاً بالهزالة و الجوع, كان ينتحر خنقاً بالذنب..

الشّيطَان TK ✔Where stories live. Discover now