الثامن و العشرون

1.3K 32 18
                                    

الأخير

بعد أربعة أشهر:

الخميس, الأول من كانون الثاني, منزل جونغكوك في جبل نامسان, الحادية عشر و النصف ليلاً:

أصناف لا تُعد من الأطعمة المتقلبة بين الحلويات و الخضراوات تتبعثر فوق الأطباق على منضدة الطعام الضخمة وسط غرفة المعيشة, يؤانس الأجواء هدي ضحكات حنّت للظهور بعد أن خامرها الأسى لمدة لا تفارق الذكرى ولا القلب, الفتيان الأربع ألفوا ما أصبحت عليه حياتهم بعد أن حلّوا المنظمة و تمكنوا من تعويض ذوي الأصوات المخبوءة أسفل ضعف بالتعاقد مع الموت لإماتة كل أمل وليد للمنظمة بأن تدوم, لم يكتب النجاح لمن فاق بمنصبه أرضية البشر, فهم ليسوا إلا طلبة, أنفقوا أسبوعاً من الألم بتحويلهم إلى عملاء بالإرغام, ثم وازروا قوتهم الدفينة لأجل تحقيق مطامحهم بالنصر, فتعاضدوا, و تلاحموا, فانتصروا, لا تيأسوا يوماً إن واثقكم حزن لا يبان له منتهى, لكل منا حصة من الألم في الحياة, لكن خلف كل شجن قدرة, نحن من نسلطن القوة على الجبن, نحن من نملك الاستطاعة..

بين راحتي جيمين تتسجى أطباق البيتزا و كعك الأرز الحار الكوري, و خلفه يسلك تايهيونغ مساره حاملاً قالب الحلوى العملاق, أرسى تايهيونغ القالب وسط الطاولة قرب الراميون, و لفحت ذاكرته كل ما تشاركه مع جونغكوك في أكناف الأيام السابقة بين هذه الجدران, لم يكن المنزل سوى حميمياً لقلبه رغم تأزم الأمور خارجه قبلاً, هو اليوم يحتفل برأس السنة و قربه حبيب, و أصدقاء, لم ينكر كونه غير معتاد على هذا الكم العظيم من هدايا القدر, لا تزال لمسات من السوداوية تنخز مطارح طمأنينته, لكنه قرر أن يعيش وفقاً لخطة الحاضر له, و أن ينفض كل التشاؤم المرابض على كتفيه فهو قادر على تناسي ما طرأ عليه في الفترة الأخيرة, لا أحد يغمسنا في الفجيعة سوى أنفسنا, ولا أحد يطفونا منها سوى نحن بالمقابل, كونوا ملاذ أنفسكم في الشدائد ولا تنتظروا عموم الكآبة فيكم, كونوا لروحكم ملجأ و اعتصاماً ولا تتركوا الفرح لمن لا يستحقه, و على الكنبتين القريبتين من مدفأة الحطب في الجهة اليمنى, كان جونغكوك يراقب اندفاع محبوبه الشرس لاكتنان السعادة و تملص الهناء من اللحظة التي يخاف تمامها و جرف الليل لها, كم نشاء الخلود في عمق البهجة, لكن تتمرد أمانينا أحياناً عن مقدرة الواقع المحكوم بالزمن, و لو كان لجونغكوك الخيار في الرسوخ في لحظة معينة, لاختار هذه الراهنة, لأنه أتم عدة إنجازات منذ تقربه من تايهيونغ, و أسماها كان ثبات الابتسامة على ثغر صغيره, بعد كل ما قاساه, و تذوقه.

قبالته يجلس صديق عمره يونغي, هو الآخر كسب حبّه المرصود منذ حقب, جازاه الكون بجيمين حبيباً مخلصاً, و جمعهما بمسامرة و ابتهاج وافر, كم يختلج شعور الإنعام في دواخله, لأن جيمين بجانبه, سالم من كل ما حدث, فكل ما حولهم كان مميتاً, و جميع الهجمات شملت فهوداً و أفاعياً, ولم يسموا أو يرتقوا, هم فقط قاوموا و غامروا, لأجل بعضهم.

كلهم أساطير المقاتلين, ستروى حكاية جهادهم لأجيال الغد, سيكونوا حديث الألسنة المداوم على ضرب الأمثال بهم في منافحتهم, عبرة لمن كواه الوهن, أسوة لمن أرداهم الأسى, هم عمادة الصبر و ظلال الأمل..

"حبيبي دعنا نخبرهم أين قررنا السفر" بتحمس جلس تايهيونغ على يد الكنبة بقرب جونغكوك, مد ذراعه على أكتاف حبيبه ليعلن للصديقين أنهما بلغا قراراً بالدراسة في بلد مشترك لكي لا يفرطا بحبهما..

"سنسافر أنا و تيتي إلى السويد فهي متفوقة بالمجال الطبي و تحتل الصدارة في تخريج الأطباء العالميين, ماذا عنكما؟" قال جونغكوك ليتهلل وجه يونغي في ابتسام و يأتي جيمين ليأخذ من حضن محبوبه مقعداً.

"أنا و يونغي قررنا السفر إلى بريطانيا, لقد أصررت على جعله يسافر إلى بلاد أخرى للتفوق في مجاله لكنه أخبرني أنه لا يطيق الطب أساساً, فتوجهت أبحاثي إلى جامعات بريطانيا لأنها معروفة باهتمامها بالكيمياء" بالمقابل, طرح جيمين مشاريعه و يونغي, شاب صوت ضحكة جونغكوك خاصة تايهيونغ, يعلمان كم يمقت يونغي تخصصه الجامعي, و لأن منحهم الدراسية الممنوحة إليهم تتوعدهم بالسفر في هذا الشهر, قرروا الاحتفال برأس السنة سوياً, ليودعوا بعضهم, و ليبقوا هذا اليوم حيّاً في قلوبهم..

"ثلاثة, اثنان, واحد, سنة سعيدة!"

--

آمنوا بقدراتكم على سداد أهدافكم مهما سحقت جوارحكم و سال صبركم, مهما أرداكم حبكم في الانهزام و التكبّد, سيأتينا الوقت الذي تغرب فيه أنوارنا و تكسحنا ظلمات الشعور, حينها لا تعلنوا الحداد عن حياتكم, ولا تغلقوا مداخل قلوبكم, لا تحزموا حقائب الاستقالة, بل قاتلوا لاستعادة ألقكم, حاربوا بالعتاد القاهر بين أيديكم, فقد يكون إيمانكم سلاحكم, فلا تقترن القوة بالأسلحة النارية فقط, ولا بالقنابل و المدافع و الصواريخ, تسلحوا بالحب, بالألفة و المودة, و اهجروا العنف بل قاوموا لإبادته, دعوا السلام سبيلنا لنحيا, ولا تكونوا قضاة تحاسبوا الآخرين على مبادئهم و آرائهم, لا يهم إن كنا بيضاً أو سوداً, بمنصب أو بلا, مثلياً أو مستقيماً, ذكراً أو أنثى, قوياً أو ضعيفاً..

تعيش في كل منا وحشية ترعب الأشباح ذواتهم, فإما تطغو علينا, أو نطغي عليها.

آغما

-لين 

--

خلصتتتتت

قلبي بهالرواية للأبد رح يعيش..

قلولي كيف كانت أحاسيسكون خلال كل فترة القراءة؟

موقفكون من كل شخصية؟

لحظة كتير أثرت فيكون؟

اقتباس حبيتوه؟

بشوفكون برواية جديدة ..

و لآخر مرة هون .. لوف يو :)

الشّيطَان TK ✔Where stories live. Discover now