الرابع عشر

383 27 3
                                    

الخميس, الثاني عشر من أيلول, جبل نامسان, الواحدة و النصف ظهراً:

وفادة النهار بعد ما حصده الليل من الضحكات و المناقشات بين الشريكين التي لا يجزها الكتمان كان وصاية للبشر بألا يعيشوا في أمس خلود لأن ما نحياه في الأمس لن يكرر في غد منتظر, , ويلنا من تنبؤ السنين بحضورنا تالفين في المستقبل, ويلنا من أصبحتنا و أمسياتنا, ويلنا من كل ليل أو نهار تجانس و نسانا في المجانسة باكين أو ضاحكين, التجنّس بالبشرية كان خطأ لا نجادل في اتخاذه, نزوح روحنا إلى الخيال كان لإنعاش أملنا بأن نكون روحيين في عالم الجسد, فكروا, الإضراب عن الشعور قد يكون أعظم مراتب الطمأنينة, يتوجب علينا أن نخاطب المسير من المشاعر في نجوانا, و أن نملك حقاً في إيقاف دوامة عواطفنا عن العبث بنا, لكن عواطف تايهيونغ تدلف إليه كالنهر الحيّ في مصبّه, عيناه لا تسيطر على ثورانها, يرمق جونغكوك بشغف وهو غريق في النوم, بتأمل أدق إنشاته فضولاً و استحباباً, بدءاً بتلك الخصلات الفحمية المنثورة كقطع من الليل على قلب ملهم به, وصولاً إلى خلقة وجهه المصقولة بالجمال الإلهيّ بعناية, كان يستمد فتنته من رحيق هارب من زهور الجنان, كان معصوماً عن أي اختلال في نحت ملمحه, كافة تفاصيله, تداعب قلب تايهيونغ غراماً مستجداً, تعطيه نسمة من بقاع الحب..

اقترب منه, يجلس قربه على السرير, ظهر جونغكوك كان كبساط الحرير لوناً و ملمساً في تجاذبه مع الشمس وهجاً نضيراً, لا يستره أي لفاح أو عائق يحرم تايهيونغ من إبصار مكامن التلذذ في الآخر عاري الصدر, جسده مقوّى بالعضل الفحل, و بالنبالة و الإخلاص.. كان يتصور الملايين من الأشرطة حيث يحتمي قوامه الضئيل ضمن جسامة جذع الأكبر, يصونه من آباد الدهر و عثراته..

"جونغكوك.. جونغكوكي" برفق ينقر كتفه حرصاً على تجنب إثقال مزاجه, ربما الآخر ينزعج إن بدأ يومه في باكرة عن المعتاد, همهم جونغكوك رافعاً الغطاء ليطمس به وجهه, محاولاً أن يعاود نومه فيشعر بجسده ناشب في حقول النوم و اللاوعي.

"فقط خمس دقائق أخرى" قابل مسمعه صوت رجولي البحة أرعشه إثارة, عضّ تايهيونغ على شفته السفلية بعد أن تصاعد به إحساس النشوة و الثوران العاطفي, مسح بتريّث على كتف جونغكوك الملمع بالحسن, و حاول أن يكون أكثر حزماً في إيقاظه.

"لقد تأخر الوقت بالفعل جونغكوك, ألا تريد النهوض؟" رجع ينقر مع هزة خفيفة لم يرج بها توازن النوم لدى جونغكوك, فأنزل جونغكوك الغطاء عن وجهه و حاول أن يأذن لأجفانه بالانفتاح, ببطء فتح أجفانه فأول ما كبا على أنظاره كان صورة لشريكه الوسيم تايهيونغ مزدان بابتسامة أريجية أرجحت له قلبه, فابتسم بالمقابل.

"لقد افترشت عيناك قلبي في صباح اليوم الجديد, فأنارته, و أوجعته, ثم أحبرته, أسمعت يوماً عن قلب مصاب بتوعك في الشعور؟ لقد أصبت قلبي بهلاوس و تشوشات, كيف تعديت حرمة قلبي و قمت باستعماره بهذه الوحشية الأنسة؟ كيف استبددت على شعوري؟" مدحه بلا مأذونية ليقتحم حصانة الآخر بهذه القوة و يلقي الورود عليه, تحجر لسان تايهيونغ و ما علم كيف يجيب هذا الإطراء المفخّم بالكلمات الثقيلة العبقة, في ذات الوقت الذي جلس به جونغكوك و ارتدى كنزته الخريفية رقيقة القماش, خرج الشابان من الغرفة, جلسا على طاولة تتوسط الشرفة العالية بعد أن أعد تايهيونغ كوبان من شاي التوت, اتخذ كل منهما مقعداً ليصبحا مقابلان لبعضهما, و الأشجار المطلة على شرفة المنزل الفسيحة تتعانق من وراءهما.

الشّيطَان TK ✔حيث تعيش القصص. اكتشف الآن