الثامن عشر

367 26 3
                                    

الجمعة, الثاني عشر من أيلول, دير كنيسة ميونغ دونغ, التاسعة مساءً:

لما يبدو فراق عزيز علينا حيٌ فينا أكثر من الحياة نفسها؟ يعاني الأخ داي هيون من معاندة ذاكرته له بنسيان تلك الفاجعة التي ما لبث أن تمحي له كل ريعان دهوره, لا يستطيع أن يحسر الذكرى الدامية و أن يحيا على وفاق مع الحياة بقواعدها التي تشمل الموت شرطاً لكل ساكنيها, ولا أن يغضّ انتباهه عن تلك الصورة المهيبة التي تحتاز نصف الحائط في الدير, و كل الحب في القلب, منذ ميلاد أجساد الأخوين, منذ بداية محبتهم, وهو يعيش في تاريخ سابق عن العصريّ, يعيش في البارحة, و يهاب أن يعيش اليوم, الزمان يخضعنا لليالي و الأصبحة, ثم يجعل لكل منها أمسٌ و غد, ولسنا سوى أجساد تعايش اللحظات في وجودها, منتقلين عبر ردهات الزمن, بين غرف السنين, و مضائق العمر في أوجه و أعطبه...

"سنة واحدة غداً, خمس و أربعون دقيقة و ثمان ثوانٍ" همس الأخ داي هيون لساعة حائطه, يشعر بهذا الزخم العريض من الموت في باطنه, يشعر بأن الأمل بالانتقام يفلته, فلا قادم يأتيه ببشارة توعده أنه سيتم انتقامه, ولا صف من الجماهير يؤيده على قرار ثأره, استبدل أمله بالزيف, فلم يعد يريد القتل أو الدم, بدأ يخيب من تلك الأثمان التي تخلعها العيشة مع انقضائها كل يوم, كل يوم تحرفه الدنيا عن بقايا أمله الموعود, فلماذا.. يأمل؟

"سيد داي هيون, هناك شاب باسم جونغكوك يطلب مقابلتك" وقف بانتصاب حينها, مبرم اللقاء بعد طول انتظار, يخرس اليأس الذي أرجعه عن انتقامه, تواً كان يستعد للتردي و الاستسلام, ثم أعيد توازنه و ثبت عند مضاره بالفتى القاتل, أخرج بلا وعي مسدساً من الأدراج الجانبية, و مكّن بنانه على زناده, آمراً الحارس المدهوش بأن يدخل جونغكوك الذي أوتد نفسه على مهلكه الشخصي.

ذوي السوداوين يخاطر, ولا وسيلة أخرى تنقذ محبوبه من مهدم الحياة, أقبل الرشيق, و مع إقبالته تحور لون قميصه الأبيض إلى أحمر قاتم مرعب, مالم يتهيأ جونغكوك له كانا أمرين, خداع أفكاره و دعابات القدر به, انتشر الألم على طول ذراعه الرجولية الموشومة بإغراء, صرخ مع اختراق الألم حواجز المتانة في عضلة يده, سال الدم منه خارج الندبة الانتقامية التي أحدثها من كان يتردد في انتقامه, من كان يتلجلج في ثأره, من كان محتاراً إزاء خطته برفع حمولة الضغينة عن كتفيه..

في الوقت الذي هرع فيه جلساء السيارة بعدما سماعهم جنود الدنيا تجهز أكفان البلاء لجونغكوك, التقطت أعين هوسوك هلع تايهيونغ و ركضه بلا تزلزل إلى ساحة التصارع الناشبة بين العدويين, سمع تايهيونغ صراخ جونغكوك ولكنه لم يسمع صراخ وجدان هوسوك بحبه منذ زمن, انحاز بلا مبالاة لقلبه, تاركاً وراءه هوسوك مصاباً بقوارع الحب وحيداً, تأزمه مشاعره وقوعاً به, وقوعاً للفتى الذي ما جاراه يوماً في شعوره, الفتى الذي نصب في قلبه شراع هيام جديد, لفتى جديد, لفتى مغاير..

الشّيطَان TK ✔Where stories live. Discover now