الثاني عشر

485 29 5
                                    

الخميس, الثاني عشر من أيلول, مبنى منظمة غالون المسلحة, الواحدة و النصف ليلاً:

الحياة هي أصدق خصم للإنسان, و نامجون كان أحد جنودها الذين خاصموا البشر, اعتاد أن يتستر على أطماعه, فلقد هاجر المشاعر الإنسانية, هو لا ينتمي إلى حمال هذه الصفة, هو نوى الارتحال عن الخير و ارتحل, , هو لا يعلم كم من البذل ارتضى, وكم من الابتسامات قبض, فقط للتقنع بذاته المحبة للأنانية, و ليتسلح بهذا العتاد الغفير, له في محفل المعركة جيوشاً, و في صراعه مع القدر ديوناً, كان له في معاشر الفجور مقعداً .. يربح في إشعال الفتن جوائزاً, بأيديه المتدنسة بالجشع و الشرور, شطب حياة شبّان أضرب العمر عنهم سنيناً, لقد كدحوا في إلمام مشيئته, و أبطلوا غاياتهم ما إن دوّنوا كعملاء له, و بجلب جيمين لتايهيونغ الذي أبهم طعناته و خدوش روحه عن المرأى, لم يعرف أنه ألقى صديقه في فخاخ العناكب..

داست قدما جيمين ردهة المبنى الخالي من الناس فانطلق كل منهم ينقضّ على طريدته لينهش منها وجبته في الوحشية, أصابعه تلتمس القرص الصلب الذي سطاه و قلبه لا يسكت النبض الجهوريّ, كان برفق ينحو إلى غرفته التي ضمت جسده و حبيبه يشعلان موقد الحب بينهما في قبلات أنيسة, يونغي الذي وعده جيمين بأن يؤول إليه و يكرّس له الحب علناً بأن يكون له حبيباً, و في أثناء لفح ذاكرته له بتلك المشاهد المستطابة, عبر قرب غرفة ذكية تعرض على الشاشة الكبرى مخططاً تفصيلياً لمبنى المنظمة, و على باب الغرفة وضعت لافتة تقول "خاص بالتكنولوجيين", لكن فضوله لم يكبحه و يوديه إلى غرفته بل وجد نفسه منصاعاً لتكليف شعوره بإشباع هذا الفضول المتزايد.

دخل يقابل اللوحة الذكية, حيث تعرض كل جزء من المبنى باللغة الكورية الفصيحة, قلب جيمين غرف المبنى بتمعّن عبر لمسه للفأرة الحساسة للبصمات, استطاع أن يحدد المدخل الرئيسي و غرف النوم الخاصة بالعملاء كذلك قاعات الطعام و أماكن الموظفين و قاعة الاجتماعات عدا أنه عجز عن إطلاق اسم على زنزانة واحدة تقع في أسفل المبنى بحيث تقرب السراديب السفلية, عوم من الخوف اعترى جسده فشيء ما يتضرع له بألا يروي تطفله الحاد لأن صدمة ما تجهز للاندلاع عليه..

بقي أمر هذه الزنزانة متشبث بذهن جيمين الذي يتمتم له بأن ينزل ليتفقد وضعها المربك بالنسبة له و لم يكن جيمين سوى خادماً لرغبته لأنه يعلم أن الحرب مع رغبته لن تنتهي إلا بخسارته, لا يود أن يتحدى أفكاره حين يوقن فشله, سلك الأدراج إلى الأسفل عبر باب قابل وجهه النصيع بلافتة "خروج" بدا الصدى لصوته رفيقاً بينما يشعر بأنه يعزل نفسه عن العالم خارجاً, الرواق أمامه كان طويلاً, ضيّقاً كما لو أنه بلا منتهى, يهرول فيه, و تلتقي أضواءه البيضاء بستارة ملابسه السوداء, على يمينه كانت هناك أبواب مقفلة بجنازير ضخمة و سميكة, تفاضل نبضات قلب جيمين استغرابه, حتى بلغ أخيراً باباً ضخماً يشابه السجن الانفراديّ, دفع جيمين الباب بعد أن خال هذه الزنزانة مكاناً لتعذيب الهاربين أو أعداء المنظمة, كان تدريجياً يدخل نفسه إلى متلازمة ندم, كان ببطء يغمس نفسه في جز من السكاكين دون أن يدري من أمضى هنا الوقت الوفير.. من كابد هنا و افتقر للعليل؟

الشّيطَان TK ✔Where stories live. Discover now