الرابع

954 49 3
                                    

التّاسع من أيلول, مدخل جامعة يونسي الدّاخلية, مبنى السكن الجامعيّ, العاشرة صباحاً:

"جيمين, من ذاك الرجل؟" بينما يلملم جيمين بقايا صبره على الفاجعة التي بلل نفسه بها, التحم صوت مطرب بمسامعه فهيّج له شعوره المتزعزع, برفق استدار لتأتيه ثورة في قلبه, تفيض حلاوة يونغي تبعاً للا نظام, فيه يبدو الغزل بقصائده ضنيناً, يغزوه مناخ من السناء, يرعى الليل جفناه, هو آية تنبثق من لغز الطبيعة, له من الفتنة بحاراً طفا بها تتيم جيمين رغم عمقها, وقف يباريه في النظر, يستحضر كل مصاوبه بغية الصمود أمام مقاذف عينيه السوداء, لا يستطيع التماسك أمام تلك القسامة دون أن يتسلح بقوة مزوّرة, ترغمه على أن يتحدى ضعفه, أن ينافي طبيعته, لكي يتيه في مغارق الآخر, في مكامنه الجليّة..

"يونغي.." بهمس, قارع أنفاسه التي تقهقرت, لم يكن الفتيين سوى زملاء في السكن, يعرفه كجار في الغرفة, وليس بينهما أي شأن مطموس, لكن يدرك جيمين مشاعره, لا يشوبها أي تلوث, فله القدرة على التمييز بين النقيّ منها و العكير..

"هو أحد أقاربي, كنا نتحادث بخطب معيّن" سايره يونغي في ممشاه نحو المبنى, و صعدا أدراج الطوابق سويّاً, نحو الطابق الخامس حيث توجد غرفتيهما.

"لقد راعني اللباس خاصته, رداؤه يذكرني برداء أبي, لقد اخترت أن أدخل جامعة داخلية لكي أبتعد عن أفكاره المدنّسة بالتخلّف و الرجعية" كلام يونغي أوقف جيمين عن مثابرة الصعود, فنظر نحوه بينما يخفف عن قلبه وطأة الفاجعة التي أسقطت على إصغاءه, حاربه باحتداد عينيه و تشبّعهم بالرهاب, بلا عمد أمسك كتفه شاعراً باجتياح الرجفة مواقعه.

"أبوك؟ أهو ينتمي إلى أخوية ما؟" تساءل جيمين و أمسى يونغي يستلذ بملمس بنان جيمين المفلتة بحرية على كتفه, بادله رمقه الحاد برمق معجب, برمق ليّن و قلب هش..

"بلى, هو ينتمي إلى أخوية سريّة, خلاصي لم يكن سوى بالنوى عن تطرف أفكاره الذي لم يعجبني يوماً, ولكن الأمر لم يعد يعني لي شيئاً طالما ما مسني بيد ولا بقول يترجى مني العودة, فأنا بخير" فسر يونغي, و ركّز يده فوق يد جيمين التي تلاشت بكبر حجم كفه, فدوت نبضاتهما إزاء هذا الاحتكاك البسيط, أنجم رعوداً من الهيام في حكاية لمسة واحدة, و حديث خطير..

"لا بأس, الأهم هو انشراحك بعيداً عن الأذى" ألفاظه, عيناه, تفرده بالملاحة, يرهقه بتفاصيله المتيمنة, يونغي كان واقعاً بحق, لكل حرف ضائع من ثغره الملفت, لكل هفوة يفتعلها, و براءة يختلقها, كان هائماً به, هذا الهيام المبالغ الذي يشاكل المعصية, فيروق له, إن كان سماً أو بلسماً..

يونغي مغرم به..

وصلا إلى غرفهم التي تتقابل أبوابها, ليحين وقت التفاظ الوداع و ترجي لقاءً آخراً, يصعب على يونغي أن يختتم مضامين أحاديثه أو حتى أن يقرضها إلى صمت طويل, فأخيراً بعد أن استدان بالصبر لفترة شاقّة من مراقبة جيمين, سنحت له فرصة تجاذب الأقاويل..

الشّيطَان TK ✔Where stories live. Discover now