الثامن

606 31 7
                                    

الأربعاء, الحادي عشر من أيلول, مبنى منظمة غالون المسلحة, الثانية ظهراً:

بتريّث, يرتدي معطفه الكستنائي, و تحلّق أفكاره في لا شرعية سلوكه الذي يدنو من تنفيذه, لقد فارق نامجون أساسه الأخلاقي منذ زمن, و شيّد أصلاً جديداً لا يخضع لقواعد الخير أو الشر, فامتهانه الشر أضحى مقبولاً في عالم أصبح فيه للذليل منصباً, في عالم خلق ليكون استغلالياً, و معظم سكانه ينجرفون تحت وميض الانتهازية, يحق للبشر بأن يتفردوا في أعمالهم دون الخضوع للإرادة الخفيّة وراء المرئيات, فوفق نامجون, يصح له بأن يدلي صوته في حياته بدلاً من طاعة الآمال بالخير التي دوماً كانت أشباحاً لا تزور كون الماديات, لا يلوث الخير نفسه إن وافى إلى كوننا الوخم, المدمر بالأكاذيب و الصنع القمئ.

رشّ عطره على جيده, سالخاً عن تفكيره كل توالداته المتعبة, ارتدى ابتسامته قبل أن تذوب في أباطيل الأفكار, اليوم يعني له مناسبة قيّمة, تمهّد له بساطاً سرمدياً من الترف و الانتصارات.

نزل من غرفته إلى غرفة التأهب حيث أمر رجاله بأن يوفدوا إليها جميع العملاء الجدد, ولج إليها مع تبذر الهيبة على كتفيه, قدومه يحيي في النفوس رهبةً عميقة, كان يحب كيف يمتثل الجميع أسفل عرشه, كيف يستكينون عند لفظ اسمه, هذا التباهي كان سياسته المحبوكة للعيش, هذا التفاخر يرويه غروراً يهدد عناصر نفسه الجلية بالتلطخ بالشيطنة.

وقف أمام وجوههم التي هجرها النوم و القوة, لكنهم في النهاية صمتى قاتلون, أصواتهم جميعها منكرة, محاولاتهم مكتومة عن الفوز, و إن حاربوا نامجون, كأنهم يحاربون سرباً من الوحوش الذين فاقوا القوى المحدودة للبشر, و أتوا ليصادروا الأرض, و يتسلطوا عليهم بمقدراتهم..

"أمتن لوجودكم, يا فريقي المراهق المدلل, لا تدركون كم يعتبر اليوم مهماً بالنسبة لي أو لنا, فأنتم اليوم جزءاً لا أستطيع الاستغناء عنه في منظمتي الألقة" تتحاضن أصابع نامجون بينما يتكلم, يمشي بين صفوفهم, و الرجال يحاصرون الغرفة الفسيحة.

"أعلم كم تجول في أذهانكم فكرة الهرب, ولكن كونوا على علم, بأن من يحسب مسير الموتى أفضل من مسيرنا, فسأقدمه قرباناً للردى, دون أي مقابل بيديّ هاتين" تبادل الجميع الأنظار, أهنا تشبع الحياة جوعها؟ أتُخمت من تخزينها ملايين الأرواح؟

"و بلا مقدمات لا أعلم كيف أختمها, فلست محترفاً في إنهاء الأشياء, فحين كنت في المدرسة لم أكن ناجحاً في صف التعبير يوماً و كنت دوماً منعوتاً بالفاشل لأنني لا أدرج أي نهاية منطقية على أي موضوع تعبير لتناسبه, ففي موضوع التعبير الخاص بالربيع, كنت أختم المقال بتجدد الربيع و موت الفصول, و تعد هذه النهاية مخالفة للطبيعة, و غير سلسة, فكانت المعلمة تسخط عليّ سخطاً وافراً و تقول "لا يمكن للربيع أن يتجدد من تلقاء نفسه, نهايتك فاشلة" كانت الأسماع تفترض أن رواية نامجون لهذه القصة تحمل مغزى وراء سرده إياها بطريقة فجائية, كانا حاجبا جونغكوك في انعقاد و أفكاره تغوص في اللامنطقية, إن نامجون من أغرب الأشخاص الذين قابلهم يوماً, فلا يمكن لأحد أن يفهمه بطلاقة, كان يحتاج إلى معاملة دقيقة, و حسبان حريص لأنه فطن و مبتسم بخبث, يمتاز بعقلية حربية مخيفة.

الشّيطَان TK ✔Where stories live. Discover now