العشرون

346 28 4
                                    

السّبت, الثالث عشر من أيلول, دير كنيسة ميونغ دونغ, الحادية عشر صباحاً:

أصوات الصفير أوغلت المكان ارتباكاً و زادت من مشاحنات الشعور المختبئة في دواخل تايهيونغ الذي حجز جسده الصغير ضمن خزانة خشبية, مداخلة رجال نامجون الدير أقحمت في قلبه جمرات من الهلع حتى حصد الصمود عن قوامه الوحيد في فسحة الدير الكبير, رحيل الجميع أهدى نامجون قلادة فوز مجانية يقتني بها صغيره الضالّ عن كنفه بسحبة إصبع, الفتى الهارب ما إن شعر أن الجو تخالط بالضغائن هرع ليستر أمانه أسفل ستارة رميمة الحال و رثّة, نهشت الرياح بهبوبها كل أشرعته, و أطاحت به في حيّز جمعه مع صفير عميل نامجون المخلص روس و الموكّل باحتشاش عمره و جز أنفاسه..

قلب تايهيونغ ما دوى يوماً كما هو يفعل حالاً, يتزامن التخبّط داخل طليعته مع علو صوت استغاثته بالكينونة المحتضرة, ينكمش تايهيونغ على نفسه في الخزانة مع دنو صوت الصفير من محط اختبائه, يرتعش بلا منظومة منطقية, يحاول أن يكتم صرير قلبه فيهلكه خاصة بعد أن أعلن الصفير توقفه عن الورود, تلك اللحظة التي تأهبت فيها المصيبة للهبوط على تربة تايهيونغ العطشة, مدّ يده برفق في أثناء ارتجافها في حركة متزعزعة ظمأة للتوازن, تتربع داخلها رسالة محبوبه الغافل بعد أن اهترأت بفعل اهتزاز يديه خوفاً, تبلل العبرات وجنتيه, و تلتقي لمسات طفيفة من الشمس بمقلتيه, أقرت بزهدها عليه و انصرافها عن نهاره أبداً, قرر النور الضمور قرناً عن جميلتيه, تركهما مستذلتين فيأتي لهما ليل متمولٌ بأناشيد الأحبّاء اليتامى عن قلوبهم, ليجيء إليهما ظلمة ثريّة بالهدوء المخيف, أمسك تايهيونغ هاتفه, أراد أن يزيل الأنياب التي غرزت بعنقه دون أن يجلجل بألم, مستغلاً سكون الصفير عن الاهتفاف, بحث في قائمة الأسماء عن اسم محبوبه, اسم مألفه و إيناسه, اسم الشاب الذي أودع على صدره جبالاً من الوجع, الذي حمّله أكواناً من التتيم الثقيل, لا تأبى عزة تايهيونغ أن تبلل جونغكوك بأضعاف هذا الحب رغم أنه في حصّته الجسيمة من الألم, هو فقط أدمن أن يعادي الدنيا كما هي تعاديه, أدمن الحزن, و الكآبة, حتى ولو كانت تؤذيه فيزرع الحب فينا بساتيناً فاتنة لكنها تستقي منا كل زهونا و كل ما نحتاجه لنعيش..

نقر تايهيونغ على لوحة المفاتيح أحرف استنجاد تطالب محبوبه أن يبسط له ساعد نجاة.. "جونغكوك, المنظمة هنا في الدير و لا أعلم كيف دخلوه أنا وحدي و صوت نامجون يرتطم بمسامعي, أكاد انصرم عن رشدي أرجوك حبيبي تعال إليّ"

اطمئن قليلاً بعد أن تأكد من وصول الرسالة, و الوضع في الغرفة لم يزل غامضاً حيال أمانها..

--

نفس اليوم, مكتب وونهو التجاري, حي كانغنام:

الشّيطَان TK ✔Where stories live. Discover now