33 مُدقق

3.3K 94 23
                                    

الفصل الثالث والثلاثون

(أنه مليء بالظلام وأتت هي لترصعه بنجومها)

(أنه مليء بالظلام وأتت هي لترصعه بنجومها)

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

دار أبو غياث القاسمي..

بعد وليمة امتدت في طول وعرض مضيفة الزعيم ذهب أبو غياث بدون جاهة أو دق طبول لباب دار أبو النعم حيث خرجت له نوق مستترة في حايك فاخر طالما تمنته، وقد ابتعاته من السوق بالمهر الذي سلمه لها أبيها على مضض، ثم في هدوء تام وسط صمت الليل سارت خلف خطواته المتهادية بتريث فعبر بها كامل القرير حتى وصل لباب داره الذي كان واقعا في نهاية درب الصاغة، وشعرت منه بالوقار والهدوء الواضح.

وبينما هو أنشغل في فتح باب الدار انشغلت هي في تأمل الجدار الذي دل على أن هذه الدار كانت في وقت ما باذخة المظهر، فقط بعض التراب شوش جمالها وثراءها الواضح:

-تفضلي.

تفززت على نبرته الرخيمة وهو يفتح لها الطريق لتعبر قبله، فنكست وجهها بحرج وخطت للداخل مقدمة قدمها اليمنى وخرج منها همس غير مسموع:

-بسم الله.

كان هادئا للغاية من خلفها وترك لها الحرية لتتأمل الدار، فأخذت تدور برأسها تنظر في كل الأركان التي استنارت بقناديل صغيرة، وعلى غير العادة كانت الدارمغلقة السقف، تقدمت لتهبط خطوة صغيرة للأسفل فوجدت نفسها في منتصف درقاعة، فكانت أرضها المبلطة أكثر أنخفاضا عن سائر الدار، ومن حولها وجدت عدة أبواب ودهاليز يجب أن ترتقي لها سلمة منخفضة أو اثنتين لتصل لها، وحتى كان هناك سلم خشبي مستقيم نحو الدور العلوي في أخر الأركان، وفي وجهها ربض مجلس بهتت ألوان قماشه ومن وراءه نافورة صغيرة صامتة مثل القبر ومليئة بالتراب:

-تعالي أريكِ الدار.

ألتفت له على صوته الهادئ وهو يسير بذات التريث كأنه يطفو فوق الأرض وليس يتحرك بقدميه، فسارت خلفه بطاعة وعيناها ما تزال معلقة بكل ما حولها، ظهر التواضع جليا على الدار وعدم التفاخر المعتاد في بيوت الشيوخ، وجدت أن الدرقاعة تفضي إلى أربعة حجرات، اثنين على كل جانب، لا يوجد سوى حجرة واحدة يستخدمها أما الباقي فكان لأولاده، ثم صعد أمامها السلم ليريها الدور العلوى وهذا نال استحسانها أكثر من السفلي رغم أنه كان اسوء حالاً، فقد تراكم الغبار على كل شيء أكواما، وتبعثر الأثاث هنا وهناك مما دل أن قدما لم تطأ المكان منذ سنوات، وكان فيه غرفتين فقط وساحة كبيرة مفتوحة للسماء، ولم تستطع منع نفسها من تخيل المكان بعد التنظيف وهي تحتسي فنجان قهوة صباحاً بينما أشعة الشمس تلامسها.

ما ذنبي؟.... عواصي الدمعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن